إلى ودية البيرو، جاء الفريق الوطني باحثا عن الحفاظ على نفس الدينامية التي اتسم بها أداؤه الجماعي أمام البرازيل، بغية تحقيق الفوز الثاني تواليا على منتخب أمريكي لاتيني، بعد الفوز التاريخي على منتخب السامبا.
وليصل لذلك، كان على الفريق الوطني أن يواجه العديد من الإكراهات، إكراهات لها طبيعة بدنية وأخرى لها طبيعة تكتيكية، دون احتساب الإكراهات التي ترتبط بالفريق المنافس، الذي جاء إلى المباراة متحمسا ومتحفزا للنيل من الفريق الذي سار بذكره المونديال والركبان.

كان على لاعبي الفريق الوطني وهم يطمحون لتجسيد ذات الصورة التي هي ملازمة لهم، كمنتخب يفرض الإحترام ويغري المنافسين بإسقاطه، أن يغالبوا الكثير من الظروف الصعبة التي لا يتقاسمهم معها المنافس اللاتيني، اللعب ثانية في أقل من 72 ساعة تحت تأثير الصيام، وما ينتجه ذلك من استنزاف كبير للمخزون البدني، وتجريب قوالب تكتيكية يفكر بها المدرب وليد الركراكي، وقد ارتأى على العكس تماما من مباراة البرازيل، أن تكون ودية البيرو مختبرا لتجريب منظومة تكتيكية جديدة.

ADVERTISEMENTS

حافظ الفريق الوطني على هيكله التكتيكي الذي أبهر به العالم (4ـ1ـ4ـ1)، إلا أن الجديد في التوظيف كان هو وضع حكيم زياش في وضع صانع ألعاب بدل اللعب في الرواق الأيمن، وهو ما أتاح فرصة ترسيم كل من عبد الصمد الزلزولي وزكرياء أبوخلال ليشغلا معا الرواقين، ومع الغياب الوقائي لأشرف حكيمي، عاد مزراوي للرواق الأيمن تاركا الرواق الأيسر ليحيى عطية الله.
وكان لزاما أن نستقرئ النوايا التي إنبنى عليها هذا التعديل التكتيكي، فما كان قطعيا هو أن وليد في إطار البحث عن قوال تكتيكية تجعل الفريق الوطني أكثر هجومية في أدائه الجماعي، مال إلى هذا الإختيار، وقد مكن الفريق الوطني نسبيا من أن يكون هو المتحكم الأول في سيرورة المباراة بإيقاعها المرتفع وأيضا بالشراسة التي أظهرها اللاعبون البيروفيون الذين حملوا لأرضية الملعب ولكل الحوارات التكتيكية توجيهات مدربهم الذي أوصى على الخصوص بعدم إفراغ المساحات عند أي تنظيم هجومي، لأن للمغرب عقارب تلسع.

والحقيقة أننا افتقدنا كثيرا للاعب في قيمة عزالدين أوناحي، وهو ينجح بمهارته العالية في نصب الجسور التي توصل الكرة نحو الهجوم، بخاصة عندما يميل لبناء المثلثات مع حكيمي وزياش.
وبرغم كل الذي أعطاه زياش في وظيفته الجديدة كموزع وكباحث عن الزوايا البعيدة لإيصال الإمدادات المستحيلة، إلا  أن المنظومة الجديدة لم تعبر عن نفسها بشكل فعال، ما جعل الفريق الوطني لا يقوى على إنتاج الكثير من فرص التسجيل برغم الأفضلية التي كانت له على مستوى امتلاك الكرة، فقد كان صعبا عليه فك الطلاسم الدفاعية البيروفية.

ومع اليقين الذي أعطته المباراة، من أن حكيم زياش يكون في أفضل حالاته عندما يلعب متطرفا وبخاصة في الجهة اليمنى، لأن ذلك يعطيه القدرة على تحديد زاوية الرؤية بشكل جيد، إلا أن التجريب في مثل هذه المباريات لا يكون عيبا، وقد منح وليد الفرصة لنفسه أولا لتجريب معادلات هجومية جديدة، كما أعطى الفرصة ثانيا، ولو بكثير من التحفظ لعدد من اللاعبين، ما أنبأنا في النهاية، بأن العمل الكبير سيكون مستقبلا، على مستوى الورش الهجومي، حيث يكون لزاما إبداع عدد من الأنماط والقوالب التكتيكية الهجومية على وجه الخصوص لمواجهة وضعيات تكتيكية معقدة كالتي وضعنا فيها منتخب البيرو، كما سيكون على مستوى إفراز البدائل البشرية الموجودة، لمعرفة أي منها يمكن أن تكون قطع غيار ذات فعالية وجودة كبيرتين.

ADVERTISEMENTS