نلتمس العذر في الذي شاهدناه من أسود الأطلس خلال وديتهم أمام الرأس الأخضر التي انتهت بتعادل لا يمكن إطلاقا أن نختلف على أنه كان عنوانا للإخفاق وللقلق، ونحن أعلم الناس أن أسود الأطلس فوق طاقتهم لا يلامون، وأن ما عاشوه في موسمهم هذا رياضيا وبدنيا وحتى عاطفيا، كان شيئا إستثنائيا بكل المقاييس، بل كان مجهودا خارقا كبيرا وشاهقا كالذي تتحمله الجبال بطولها وعرضها، بشموخها ومتانتها.
لكن الذي شاهدناه بمعزل عن نتيجة البياض التي انتهى بها اللقاء الودي أمام القروش الزرقاء، يسائلنا عن التلون الذي عرفه الأداء الجماعي، حتى أنه أخذ لونا قاتما لا يشيع البهجة، وعندما يحصل هذا التدني في الأداء عند أول محك بطبيعة إفريقية، ندرك أنه مع الإرتداد الطبيعي للبيئة الإفريقية التي هي أصل كل شيء، شعرنا بالترهل والوهن وأيضا بعدم القدرة على استعادة الروح الإفريقية، كما أن الودية أشعرتنا بمعزل عن الأعذار التي سقناها، أن السفر الإفريقي مختلف تماما عن السفر المونديالي، فهنا في الأدغال، لكي تتسيد يجب أن تكون مهاجما وفتاكا، وتحسن تحطيم دفاعات الخصوم، لأن الطرائد ستحتمي في حصونها وتتصيد فرصة الإيقاع بنا، وقد أرتنا ودية الرأس الأخضر كثيرا مما ينتظرنا في موسمنا الكروي القادم، حيث سيكون الرهان كبيرا على منافسة كبار القارة على لقب إفريقي لم نفز به لقرابة 47 سنة.
وإذا ما تركنا قشة الأعذار وهي كثيرة، من غيابات وازنة بخاصة لعنصرين نافذين في وسط الميدان (عز الدين أوناحي وسليم أملاح)، ومن عياء كبير ذهني وبدني، يصيب اللاعبين بنهاية موسم ماراطوني، فإننا سنعثر على كثير مما أغضبنا وأغضب أيضا الناخب الوطني وليد الركراكي، الفلكورية، «الديشيات»، النغمة الفردية المفرطة، السقوط في الإستعراض، والتخلي جزئيا عن قاعدة النجاح الذهبية، المتمثلة في اللعب الجماعي وروح العائلة.
لقد وجهتنا ودية الرأس الأخضر بما أفرزته من محتوى فني وتكتيكي، إلى أن طبيعة الرهان الإفريقي تستوجب الإغلاق الكامل لصفحة المونديال، والتمتع بنفس الصفاء الذهني والنقاء الفكري والروح الجماعية للشروع مجددا في صعود جبل إفريقي شاهق بلا وجل وبلا تهيب، وكل هذا يستوجب عطفا على ما أعطتنا إياه ودية القروش الزرقاء من دروس، أن يتصارح وليد الركراكي مع أسوده، أن يكون كعادته لماحا وحاسما في المواقف وفي الإختيارات، وأن يقرع بقوة جرس الإنذار لإيقاظ اللاعبين مثلما أخبرنا بذلك في ندوته الصحفية، وحتما ستكون مباراة جنوب إفريقيا هذا السبت بجوهانسبورغ مقدمة فعلية لمحو الأثار السلبية لودية الرأس الأخضر.