في كأس إفريقيا للأمم سيدات "المغرب 2025"، لا تقتصر المساهمة في صناعة الإنجاز بعدد الأهداف، وانما بقدرة اللاعبة على التأثير، على إشعال روح الفريق، وعلى قلب موازين اللقاء. وهنا، تبرز سناء امسودي، تلك التي لم تسجل بعد، لكن حضورها كفيل بقلب وجه المباراة، وحتى تضاريسها.

نشأت سناء في المغرب، حيث بدأت لعب كرة القدم مع الأطفال في الشارع، خاصة مع الأولاد في حيها، قبل أن تنضم إلى فريق دفاع عين الشق ثم الوداد الرياضي، لتبدأ مشوارها الكروي الاحترافي. انضمامها إلى فريق الجيش الملكي كان نقطة فارقة في مسيرتها، حيث يعد هذا الفريق العمود الفقري لكرة القدم النسائية المغربية، إذ مكنها من التطور على المستويين المهني والشخصي.

بدأت سناء تشق طريقها بثبات، مهاجمة للجيش الملكي والمنتخب المغربي، وواحدة من أبرز الأسماء التي تراهن عليها الجماهير في كل مواجهة.

صاحبة ال 25 سنة حصدت عدة ألقاب محلية، منها البطولة وكأس العرش. كما شاركت في إنجازات كبيرة مثل الفوز بكأس الصداقة المغرب-الإمارات عام 2016، إضافة إلى تألقها اللافت في عصبة أبطال إفريقيا النسوية.

كانت امسودي من الركائز الأساسية لفريقها في النسخ المتعددة لعصبة أبطال أفريقيا النسائي، حيث شاركت في جميع المباريات في النسخة الأولى التي أُقيمت في مصر عام 2021. سجلت خلال هذه النسخة هاتريك ضد فريق نيجيري، واصبحت أول لاعبة في تاريخ المسابقة تسجل ثلاثية.

في 2022، ساهمت في تتويج فريقها بلقب عصبة أبطال أفريقيا النسائي بعد الفوز بنتيجة كبيرة على حامل اللقب في النهائي، رغم عدم مشاركتها الفعلية في المباريات النهائية لتلك النسخة.

في نسخة 2024 التي أقيمت في المغرب، تألقت سناء امسودي مجددا بتسجيلها هدفين وصناعتها لتمريرة حاسمة، مما ساهم في قيادة اللبؤات إلى النهائي رغم الخسارة الصعبة أمام جنوب إفريقيا. 

عن هذا الأداء الرائع، نالت امسودي جائزة أفضل لاعبة في المسابقة وتم اختيارها ضمن التشكيلة المثالية. وفي حفل جوائز الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، صعدت سناء إلى منصة التتويج كأفضل لاعبة في إفريقيا على صعيد الأندية، تتويج يعكس موسما استثنائيا قدمت خلاله اداء متميزا مع الجيش الملكي.

وقالت اللاعبة التي فازت في 16 دجنبر من سنة 2024 بجائزة الكونفدرالية الافريقية كأفضل لاعبة "مساري ليس استثنائيا فقد نشأت في حي يعشق سكانه كرة القدم".

قصة "اللبؤة" سناء هي قصة إنسانية تلامس القلب. والدها، الذي غادر الحياة قبل أن يرى ذروة مجدها، كان أول من آمن بها. "كلماته لا تزال ترن في أذني"، تقول سناء، وعيناها تلمعان بامتنان. هو من زرع فيها الحلم، وهي اليوم تسقيه بالعرق والوفاء، في كل تمريرة وركلة وركض حتى الدقيقة الأخيرة.

ورغم أن الشباك لا تزال عصيّة عليها في هذه النسخة من كأس إفريقيا للسيدات، إلا أن تأثيرها داخل المستطيل الأخضر يتعدى لوحة النتائج. في المباريات السابقة، كانت الدينامو الذي يحرك الهجوم، واللاعبة التي تُربك المدافعات بتحركاتها الذكية، وتمركزها الخاطف. وكما قيل عنها في عصبة الأبطال، "تجد الحلول حين تختفي المساحات، وتخلق فرصا حين يصمت الملعب".

خلال مباراة الأمس أمام مالي، ولبؤات الأطلس متقدمات بهدف وحيد، حيث استعصت الحلول الهجومية، سيدفع فيلدا كعادته بسناء امسودي، لتحرك كعادتها المياه الراكدة، ونجحت في ذلك بموهبتها الخارقة، وما توقفت إلا وهي تصطاد ضربة جزاء بمهارة عالية، منها سجلت ابتسام جرايدي الهدف الثاني، هدف الإطمئنان.

سناء هي رسالة لآلاف الفتيات المغربيات: الموهبة جميلة، لكن الاستمرارية، والانضباط، والإيمان بالنفس هي سر النجاح. وهي نفسها من تدعو في كل حوار إلى تشجيع الفتيات على التمسك بحلمهن، دون التخلي عن الدراسة، لأن الرياضة والعلم جناحا النجاح الحقيقي.

تنتظر الجماهير المغربية من سناء امسودي أن تطلق العنان لقدرتها التهديفية في الأدوار القادمة من النهائيات. فرصتها لا تزال قائمة وعلى الأبواب، حيث ستلعب البوات الثلاثاء القادم، مباراة الدور نصف النهائي، على أمل معادلة إنجاز النسخة الماضية، الوصول إلى المباراة النهائية، وهي مواجهة من العيار الثقيل تمثل فرصة ذهبية لسناء لتلامس الشباك.