قبل مباريات الجولة الثانية من معارك الرباط وطنجة والدار البيضاء، وغيرها من مدن المغرب الساهرة حتى فجر التتويج على وقع أنغام واحلام كرة القدم، نشرتُ تغريدة كروية من خلال خبرتي ومتابعتي واهتمامي بالمسابقة الافريقية اشرت فيها (ان مباريات الجولة الثانية لن تكون حاسمة فأغلب المنتخبات ما زال لها أمل وتراهن عليه، سيما بعد افراز الجولة الاولى الذي أثبت احقية جميع الفرق بامتلاك الحظوظ والتفاوت التقني لم يبلغ حد القطيعة بعد.. فما زالت الجعب تخبيء بعض مدخرات المرحلة القادمة سيما وأن شوط خروج المغلوب على الابواب وهو أهم بكثير مما نراه الان.
هنا حقا فارق كبير بين وسائل التعبير الجماهيري التي تريد الفوز بكل الاحوال والظروف والمباريات وطرائق التفكير التكتيكي للمدربين المبني على عقول استشارية وفكر مختمر تراكميا يعرف بواطن الامور، بعيدا عن تشنجات الحماس وربما بعض الأضغاث الطاغية على المدرجات.. فبقية المنتخبات معبئة وافريقيا حلم الافارقة وهي طموح يستحق الجموح ومشروع قائم متاح للجميع.
لم أسمع كلمات مغربية بعد التعادل مع مالي تعبر عن فرحها بالنقطة.. اذ شكلت النتيجة حزنا ما قد لا يعبر عن حقيقة الواقع .. مع احقية مشاعر الجماهير حتى الصفحة المغربية المستندة على عنوانية (اسود الاطلس) المدجج بنجوم المغرب المشكلين عناوين اندية اوروبا الاحترافية والمعزز بنجاحات الثورة الكروية المغربية الكبرى، التي انطلقت تحقق الانتصارات بمختلف الاتجاهات وبادوات كل الفئات فضلا عن الجمهور الكثيف والدعم اللامحدود وذروة الحماس.
هنا تحديدا ينبغي ان نتوقف قليلا عند (ذروة الحماس) التي تتحلى بها الجماهير وربما وسائل الاعلام بدرجة اقل .. والحماس في اطلس المصطلحات الكروية لا يعرف غير الفوز والتتويج، وفي القاموس العاطفي حصرا لا يلتفت لاي اعذار وتبريرات.. وهنا تكمن خطورته.. فحسابات الحقل تختلف عن حسابات البدير .. وما في جعبة المدرب وتفكير الركراكي مختلف كثيرا في تعاطيه مع الحدث وضغوط الذروة الحماسية المتفتقة حد الهيجان، سواء على المدرجات او في اكتظاظ الشوارع والساحات او ما تبسمر حد الفزع امام شاشات البيوت والمقاهي النابضة بحب المغرب وحتمية دفء الفوز برغم ذروة برد ومطر الشتاء .
مع ان الشاشات واللقطات سارعت للتذكير بان النجم العالمي كليان مبابي موجود بلحمه وشحمه وابتساماته السمراء على مدرجات الملعب، يشارك الجماهير فرحتها، ومع ان التحليلات والتفسيرات صبت باتجاه علاقة حميمية متبادلة مع النجم حكيمي وهذه وجهة نظر ضيقة وان عززها القميص الاحمر الموشح والمزين لصدر مبابي، الا ان الانتماء والجذور السمراء كانت رمزيتها حاضرة لدعم الكأس الافريقية تعبيرا وتظاهرا عن انتماء وأماني سمراء مكبوتة منذ قرون وعصور واجيال .