أعشق المغرب كثيرا وإفريقيا في قلبي أينما رحلت

بكلمات يختارها بعناية وبثقة عالية في النفس تحدث الفرنسي كلود لوروا مدرب منتخب الطوغو لـ «المنتخب» التي إتصلت به من أجل كشف نواياه، والوقوف عن الطريقة التي يفكر بها «الساحر الأبيض»، كما يحلو للأفارقة تلقبيه.
مروض الصقور الذي يتأهب لخوض تاسع «كان» رفقة الطوغو هذه المرة، عرج على المجموعة التي يتواجد بها المنتخب المغربي في نهائيات كأس إفريقيا للأمم وتحدث عنها بإسهاب، وعبر عن فخره بتتلمذ مواطنه هيرفي رونار ربان أسود الأطلس على يده، ولم يدع الفرصة تمر دون أن يخوض في الشروط والمعايير التي يجب توفرها في المنتخب الطامح في التتويج بأغلى كأس قارية.
لوروا تحدث أيضا بأدق التفاصيل عن مجموعة من المواضيع التي تهمه وتهم المنتخب المغربي منافسه بـ «الكان» والذي سيلتقيه في مواجهة ودية بمراكش في 15 من شهر نونبر القادم.

- المنتخب: أهلا بك سيد كلود عبر صحيفة «المنتخب» المغربية، نود أن نسألك في بداية هذا الحوار عن رأيك في قرعة كأس إفريقيا للأمم التي أوقعت منتخب الطوغو الذي تشرف عليه إلى جانب المغرب، كوت يدفوار والكونغو الديموقراطية، كيف تقرأ حظوظ المنتخبات المتنافسة في هذه المجموعة؟

كلود لوروا: بداية أشكركم على الإتصال بي لإجراء هذا الحوار، وبخصوص رأيي في المجموعة التي أوقعتنا إلى جانب المغرب، كوت ديفوار والكونغو الديموقراطية فهو واضح، ولن أغيره، أظنكم إضطلعتوا عليه عقب إجراء القرعة بالغابون.
كل المنتخبات المتنافسة لها حظوظها للعبور للدور الثاني، والمنتخب الذي سيتعامل معه مبارياته بذكاء سيتمكن من التأهل،شخصيا لست من المدربين الذين ينظرون للخلف كثيرا،صحيح أن كوت ديفوار وكذا المغرب كانا ومازالا ضمن أفضل المنتخبات الإفريقية،وبالأخص الفيلة الذين تمكنوا من الظفر بلقب أخر نسخة من نهائيات كأس إفريقيا، لكن هذا لايعني أي شيء بالنسة لي، مباريات كرة القدم تجرى في 90 دقيقة والمنتخب الذي سيركز كثيرا وسيظهر تفوقه يستحق العبورفي هذه المجموعة، التي بإستطاع الكونغو الديموقراطية أن تبصم فيها على مستوى جيد أيضا، شأنها شأن الطوغو التي أشرف عليها.
تعلمت من خلال تجربتي الطويلة في الملاعب الإفريقية بأنه لايوجد فرق كبير بين كافة المنتخبات، ولكن ما يمكنني أن أؤكده هو أن الدور الأول غالبا ما يكون حاسما بنسبة كبيرة بخصوص المنتخب الذي يطمح للذهاب إلى أبعد حد في المنافسة القارية، فمن سيقدم أوراق إعتماده في المباريات الثلاث الأولى حظوظه ستكون كبيرة للذهاب إلى أبعد في النهائيات مالم تقع أي مفاجأت.

- المنتخب: المنتخب المغربي الذي كان أول متأهل لنهائيات كأس إفريقيا للأمم يطمح رفقة مدربه هيرفي رونار لتأكيد حضوره القوي في نسخة الغابون، في منظورك الشخصي، هل الأسود قادرة على خلق المفاجأة؟

كلود لورا: في الحقيقة هذا سؤال صعب، كما يعلم الجميع الكرة ليس بعلم صحيح ولا تخضع لأي منطق أو حساب، المنتخب المغربي صحيح كان أول المتأهلين للنهائيات، لكن هذا لا يعني بالنسبة لي شيئا، كل الأمور ستكتشف لغاية بداية المنافسة، ومن ثم يمكن أن نحكم على مستوى منتخبكم من خلال الصورة التي سيظهر عليها.
صحيح تتوفرون على مدرب كبير ولاعبين في المستوى يلعبون في كبريات الأندية بأوروبا، لكن كأس إفريقيا دوما تتطلب الكثير وليس فقط طاقم تقني ولاعبين، فالجزئيات البسيطة قد تخلق دوما الفارق.

- المنتخب: ماذا تقصد بالجزئيات البسيطة سيد كلود؟

كلود لوروا: أقصد فترة التحضيرات وإستعداد اللاعبين للمنافسة القارية بشكل جيد على المستوى الذهني، فالمنتخب الذي  يحضر جيدا تكون حظوظه مرتفعة لتحقيق نتائج إيجابية شريطة أن يلعب بروح المجموعة التي غالبا ما تخلق الفارق، فكرة القدم لعبة جماعية وتتطلب العديد من التضحيات داخل الملعب والتعاون بين اللاعبين.
كل هذا الذي قلته لايلغي عامل الحظ الذي يلعب دورا مهما في التتويج باللقب، فأحيانا تقدم مباراة في المستوى وقد تنهزم، بالمقابل  قد تلعب بشكل سيء وتفوز.

- المنتخب: كما يعرف الجميع فالمدرب هيرفي رونار تتلمذ على يدك وأنت الذي فسحت له مجال إكتشاف أجواء القارة الإفريقية، أكيد مواجهته في «الكان» ستكون بطعم خاص؟

كلود لوروا: أحيانا التلميذ يتفوق على أستاذه، وهذا معروف لذا الجميع، صحيح فسحت لرونار مجال التدريب في القارة الإفريقية، لكن أنظروا ماذا فعل الأن وكيف أصبح في رصيده لقب إفريقي مع زامبيا وآخر مع كوت ديفوار، شخصيا أنا فخور به وأتوقع نجاحه مع المغرب.
كنت ألمس فيه دوما رغبة في التعلم ومابلغه لحد الآن صدقني لم يدهشني كثيرا، لأني أعرفه جيدا، وأتنبأ له بالمزيد من العطاء مستقبلا.
وبخصوص المواجهة التي ستجمعنا أظن بأنها ستكون مثيرة والإعلام أصبح يتحدث عنها قبل الأوان، سأحاول الفوز عليه، كما سيحاول كذلك التغلب علينا، وصراحة هذا يعطي لكرة القدم نكهة خاصة، أتمنى أن يكون الجمهور المستفيد فيها.

- المنتخب: قبيل إجراء قرعة كأس إفريقيا إتفقت مع رونار لإجراء مباراة ودية في 15 من نونبر المقبل، وراج حديث بعدها عن إمكانية إلغاء هذا النزال بحكم تواجد المنتخبين في نفس المجموعة؟

كلود لوروا: لا أرى أي مانع لألغاء هذا النزال الودي الذي سيجمع المنتخب المغربي بالطوغو في 15 نونبر، كما إتفقت عليه سابقا مع رونار، فشخصيا أعرف جيدا منتخبكم كما هو الحال لناخبكم الوطني فهو يعرف تفاصيلنا، ناهيك عن كون موعد إلتقائنا في «الكان» سيكون في شهر يناير، لذا أظن بأن المباراة ستبقى مبرمجة لحد الآن.
ستواجهون كوت يفوار في إقصائيات كأس العالم وبعدها ستعودون لملاقاتهم في كأس إفريقيا، وكذلك الأمر بالنسبة لمصر مع غانا، وهذا أمر طبيعي، مع التقدم العلمي والنقل التلفزي أصبح كل منافس مكشوف وليس هناك أي شيء يمكن أن نتستر عليه بإستثناء ما يدور في فكر المدرب.

- المنتخب: ستخوض تاسع كأس إفريقيا لك في مشوارك كمدرب، بكل تأكيد هذا الرقم يمثل لك الشيء الكثير؟

كلود لوروا: صراحة أفتخر بحضوري لتاسع مرة في نهائيات كأس إفريقيا، وهذا الرقم يمثل لي الشيء الكثير ويؤكد بأنني إستطعت أن أحظى بإحترام العديد من الجامعات التي تشرفت بالإشتغال رفقتها.
إستفدت كثيرا من خلال التدريب في إفريقيا وتعلمت الكثير وحتى وأنا أشارف على 68 من عمري أحرص على مواصلة التعلم، فكرة القدم تعرف دوما العديد من التغييرات والمستجدات، ولا يجب أن أنحصر في تجاربي السابقة.

- المنتخب: تجربتك في النهائيات قد تكون حاسمة مع الطوغو أليس كذلك؟

كلود لوروا: أتمنى ذلك خاصة وأن تأهل الطوغو للنهائيات كان صعبا بعدما تأهلنا كأفضل ثاني منتخب، صراحة أنا متشوق لخوض كأس الأمم الإفريقية، لأن لها طقوس تعجبتي كثيرا وأجد فيها راحتي.
صحيح أن الكثير من المتتبعين لا يرشحون الطوغو للذهاب إلى أبعد حد، وهذا من حقهم ما أتمناه هو أن نقدم مباريات في المستوى في الدور الأول.

- المنتخب: تحدثت في بداية هذا الحوار عن المنتخب المغربي الذي يضم في صفوفه لاعبين محترفين في أعرق الأندية الأوروبية، لكننا لم نتذوق حلاوة اللقب الإفريقي منذ سنة 1976، رغم الحضور الدائم للاعبين الممارسين بأوروبا؟

كلود لوروا: كما ذكرت سابقا ليس امتلاك لاعبين من المستوى العالي هو الضامن الوحيد للتتويج باللقب الإفريقي، بل هناك أمور عديدة تتحكم في التتويج بالألقاب، ومن الصعب أن أؤكد قدرة منتخبكم في التتويج باللقب الإفريقي وسيكون من الحمق إن جزمت بذلك.
صحيح تتوفرون على محترفين بأندية كبيرة، لكن هذا ليس مقياسا وحيدا يعتد به، والمنتخب المصري سبق له التتويج باللقب في أكثر من مناسبة بلاعبين يمارسون في البطولة المحلية، أظن أن عوامل كثيرة تجتمع من أجل التتويج وهنا يكمن السر.

- المنتخب: المنتخب المغربي ضمن نقطة وحيدة في بداية سباق التأهل لمونديال روسيا أمام الغابون، عكس كوت يدفوار التي تمكنت من تخطي مالي، في منظورك الخاص من المنتخب المرشح للصعود في هذه مجموعته لكأس العالم؟

كلود لوروا: تمنيت لو طرحت علي هذا السؤال بعد مواجهة كوت ديفوار، وقد أجيب عنه في الندوة الصحفية خلال المباراة الودية التي ستجمع المغرب بالطوغو في 15نونبر، بعدما تواجهون الفيلة بمراكش، إن تمكن منتخبكم من الفوز ستتغير العديد من الأمور، لصالحكم وبخاصة إن تعادلت مالي والغابون.
كل المنتخبات مرشحة في نظري لبلوغ المونديال بما فيها مالي التي خسرت مباراتها الأولى، وسيكون من الضروري ان تفوزوا على كوت ديفوار في ثاني جولة، وأي شيء غير هذا قد يصعب كثيرا من مأموريتكم.

- المنتخب: المنتخب المغربي من المنتظر أن يقيم في ذات الفندق الذي ستتواجدون فيه بالغابون وبالضبط بمدينة أوييم ، كمدرب لك اكثر من حضور في «الكان»، هل يقلقك هذا الأمر؟

كلود لوروا: صراحة إن كانت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم هي التي تتحكم في مثل هذه الأمور، فلا يمكن أن نفعل شيئا في هذا الصدد، على ما اعتقد مدينة أوييم لا تتواجد فيها فنادق مصنفة كثيرة، لذلك «الكاف» إقترحت أن نتواجد برفقة المنتخب المغربي في نفس مكان الإقامة، وقد يكون نفس الأمر بالنسبة للمنتخب الإيفواري مع الكونغو الديموقراطية في فندق آخر.

- المنتخب: في نهائيات «الكان» وفي النسخة التاسعة التي ستخوضها سيد كلود من المنتظر أن تكون محط أنظار مختلف وسائل الإعلام العالمية التي ستغطي الحدث، بغض النظر عن حضورك رفقة تلميذك رونار تحت سقف نفس الفندق؟

كلود لوروا: أحترم العمل الذي يقوم به الإعلام الرياضي، لهذا لم أتوان في الحديث معك عندما قلت لي بأن تمثل صحيفة رياضية مغربية، لا يمكن أن ننكر دور الصحافة وعلاقتها بعملنا.
كما تعودت سأكون رهن إشارة كافة الصحفيين في نهائيات»الكان»، ويسعدني كثيرا أن أتواجد رفقة تلميذي رونار في نفس الفندق بمدينة أوييم الغابونية.

- المنتخب: كسؤال أخير، هل يمكن أن نرى كلود لوروا مدربا لإحدى الأندية المغربية يوما ما؟

كلود لوروا: من يدري قد أحضر للتدريب يوما في المغرب، ما أريد التأكيد عليه هو أنني أعشق بلدكم كثيرا بعدما عشت داخله أجمل ذكرى سنة 1988 رفقة المنتخب الكاميروني، حيث توجنا باللقب القاري، وسأكون سعيدا بزيارته في نونبر المقبل من أجل خوض مباراة ودية، وأتمنى لمنتخبكم حظا موفقا في الإستحقاقات التي تنتظره.