سنعود أبطالا من الغابون 

رغم أنه لا يلقى الإجماع من المتتبعين ولا يقنع العديدين إلا أن خالد بوطيب قدم في ودية المغرب ضد الطوغو الأخيرة أوراق إعتماده، حينما إستغل الفرصة التي أتيحت له وضغط على الزناد بتسجيل هدفين رافعا من أسهمه ومعلنا أنه كفء وأهل للرسمية مع الأسود.
هداف ستراسبورغ الفرنسي قوّى من حظوظه بالتواجد مع كثيبة رونار في الكان، وتطلعاته كبيرة لقيادة الخط الهجومي وارتداء جلباب القناص المفقود، وخصوصا المنافسة على اللقب القاري الحلم كما يقول.

- المنتخب: سجلت هدفين وتذوقت طعم التهديف لأول مرة مع الفريق الوطني، كيف كان شعورك وأنت تدخل قائمة الهدافين بالعرين؟

بوطيب: لقد كان شعورا لا يوصف وأحسست وكأني طفل يسعد بتلقيه هدية ميلاد أو لعبة، إنه لفخر أن أهز الشباك مع منتخب بلدي، فالفارق كبير بين التهديف مع النادي والفريق الوطني، فرحة كبيرة وإحساس جميل جدا أن أسجل مع الأسود ولو في مباراة ودية، لكن جانبا كنت حزينا ومحبطا بعد التعادل ضد الكوت ديفوار في تصفيات كأس العالم.

 

- المنتخب: هزك للشباك جاء في الظرفية المناسبة وفي عز البحث عن قناص، هل هذا يعني أنك قدمت أوراق إعتمادك لتكون رأس الحربة الرسمي في قادم المباريات؟

بوطيب: أنا لاعب ضمن لائحة تضم 23 لاعبا وأحترم قرارات المدرب ولا يمكن التدخل في إختصاصاته، فإن طلب مني اللعب سواء كرسمي أو كبديل علي أن أكون جاهزا وحاضرا ذهنيا وأن أقدم ما لدي بسخاء ودون حسابات، حينما حصلت على فرصتي ضد الطوغو حاولت تقديم ما أملك وتوفقت في تسجيل هدفين إلى جانب خلق محاولات أخرى وهذا رد على المنتقذين ومن يشككوا في قدراتي، التقييم يبقى للمدرب الذي يقرر من هو أصلح لخططه وطرق لعبه، خصوصا وأنه يتوفر على مهاجمين آخرين متميزين ويملكون حسا تهديفيا محترما.

- المنتخب: لكن الجمهو المغربي منقسم حول إستحقاقك التواجد مع الفريق الوطني بين مؤيد ومعارض؟

بوطيب: أعرف هذا، فالأصداء تصلني وأقرأ التعليقات وأعلم أن فئة من الجماهير لا تحبني رغم أنني حديث التواجد مع الفريق الوطني ولم ألعب سوى دقائق معدودة، الأنصار لا يصبرون على اللاعبين ولهم مزاج متقلب، فاليوم أنت محبوب وغدا منبوذ، لا أعرف لماذا يتم الحكم على بعض العناصر بسرعة ولماذا تتغير الرؤى والقناعات بين عشية وضحاها، فلا أعتقد أن أحدا منا يلقى الإجماع بمن فيهم الثوابت واللاعبين المخضرمين والذين يلعبون لسنوات وبشكل رسمي مع الفريق الوطني.

- المنتخب: ماذا إستفدتم من ودية الطوغو بعد التعادل المخيب ضد الكوت ديفوار؟

بوطيب: المباراة ضد الطوغو جاءت لتعطي الفرصة للاعبين البدلاء الذين لم يلعبوا ضد الكوت ديفوار، ولتوضح للناخب الوطني خارطة الطريق خاصة فيما يتعلق باللائحة التي سيضعها للمشاركة في كأس أمم إفريقيا بالغابون، وأظن أنه بات يملك فكرة شاملة على جميع اللاعبين والأسماء التي سترحل إلى الكان.

- المنتخب: ما هي الأسباب المباشرة التي حرمت الأسود من نقطتين غاليتين ضد الفيلة في موقعة كانت ستعطيكم الأفضلية والصدارة؟

بوطيب: أولا فأنا متأسف ومحبط بعدما خذلنا الجمهور المغربي بالتعادل المر ضد الكوت ديفوار، الكل كان متجندا للإحتفال والإستمتاع بالفوز على منافسنا المباشر وإعتلاء الصدارة وبالتالي تقوية حظوظنا في التأهل للمونديال، وبالرجوع إلى سيناريو اللقاء فالجزئيات البسيطة لم تُترجم إلى ما كنا نصبو إليه بعدما إفتقدنا للنجاعة أساسا ولا شيء غيرها، فماذا كان سيُقال الآن لو سجل الناصري الهدف في الشوط الأول من تلك الرأسية التي تصدى لها الحارس الإيفواري؟ أكيد كنا سنتحدث عن أشياء أخرى وسنهلل ونقول بأن الأسود في العلياء ولا عيوب في المنظومة، لكن غياب الحظ والفعالية وسقوطنا في فخ التعادل ولّد زوبعة وبدأ الحديث عن نكسة وإقصاء قريب، علما أن المشوار ما يزال طويلا والفارق ضئيل بين المنتخبات الأربعة، للأسف الأمور تنقلب والفريق الوطني يتحول من ممجد إلى مُنتقذ بسرعة وهذا يؤثر نفسانيا على اللاعبين.»

- المنتخب: ألا تعتقد أن الخصم كان قويا جدا وإستحق التعادل عكس الفريق الوطني الذي يبدو غير مقنع وغير أهل للتأهل إلى كأس العالم بروسيا 2018؟

بوطيب: لا أعتقد، ويمكن لك أن تعود للإحصائيات فنحن فزنا بجل الثنائيات وكنا أفضل من ناحية الأرقام، لكن دون فائدة في ظل غياب النجاعة واللمسة التي تأتي بهدف الخلاص، الكفة أبت إلا أن تتوازن وأن تحكم علينا بالبقاء في الوصافة مع ضغط نفسي كبير وإحباط شديد، وسيدفعنا هذا التعادل للعب الكل للكل في المباريات الأربع القادمة بحثا عن أكبر عدد من النقاط الذي سيعطينا تأشيرة التأهل للمونديال إن شاء الله.

- المنتخب: لم يعد يفصل عن إنطلاق بطولة كأس أمم إفريقيا غير 7 أسابيع والجمهور يشك في قدرة الأسود على الذهاب بعيدا في الكان، هل تشاطره الرأي في هذا التخوف والتوجس؟

بوطيب: أحترم رؤية الجمهور لكن رأي الطاقم التقني واللاعبين مختلف تماما، فنحن في الطريق الصحيح بلا هزيمة منذ قدوم رونار ونتطور رويدا رويدا، ونراهن على خلق توليفة منسجمة قادرة على إنتزاع الألقاب، سأفاجئك إن قلت لك بأننا نطمح للعودة من الغابون أبطالا وإيماننا كبير بقدرتنا على تحقيق اللقب عكس ما يراه الأغلبية من المتتبعين، سنظهر بوجه مغاير تماما بكأس أمم إفريقيا وسنقطع الشك باليقين وسننافس بضراوة على اللقب إن شاء الله.

- المنتخب: لكن رونار قال في آخر تصريح أن الهدف يبقى تجاوز عقبة الدور الأول؟

بوطيب: الناخب الوطني محبط كبقية اللاعبين والجماهير وليس من ثقافته أن يعد الناس بأشياء يعلم جيدا أنه سيؤدي الثمن إن خالف وعوده، صحيح أن تجاوز الدور الأول سيكون نتيجة جيدة تعذر تحقيقها منذ 13 سنة لكن النفوس تشتهي أكثر من ذلك، يجب كتمان الأماني والعمل في هدوء وإزالة الضغط بشتى الطرق بما فيها التصريحات، ورونار يزيل الضغوطات فقط والأكيد أنه لن يرضى بالأدوار الأولى وهو حامل اللقب والفائز بكأسين قاريين في آخر 3 نسخ.

- المنتخب: الدفاع نقطة القوة الوحيدة إلى جانب الحراسة، فيما الضعف الكبير يتمثل في الجبهة الهجومية، هل من حلول لتقوية هذا الخط وخصوصا إيجاد رأس حربة لا يتقن شيئا غير التهديف؟

بوطيب: الفريق الوطني لا يشكو من غياب المهاجمين أو رؤوس الحربة بقدر ما يشكو من غياب النجاعة والفعالية، العرابي وبوحدوز وعليوي والناصري وبامو يحملون كلهم جلباب القناص ويتقنون هز الشباك ويظهرون ذلك أسبوعيا مع أنديتهم، في حين يستعصى عليهم التسجيل في بعض المباريات مع الفريق الوطني، ونحن نشتغل مع الطاقم التقني لتحسين هذه العيوب والعجز أمام المرمى.

- المنتخب: الهداف يوسف العرابي سُقط فجأة من اللائحة في المباراتين الأخيرتين، ألم يفاجئك الأمر؟ وهل يمكن إعتبار إسقاطه فائدة لك؟

بوطيب: صراحة تفاجأت لغياب العرابي عن اللقاءين الأخيرين وهو هداف الأسود الأول والقناص الذي لطالما أسعد المغاربة بأهدافه الكثيرة والحاسمة كما حدث في لقاءي الرأس الأخضر ذهابا وإيابا، أتمنى عودته بسرعة لحاجة الفريق الوطني إليه، يوسف يبقى صديقا وزميلا ومنافسا أيضا على الرسمية كوننا نشغل نفس المركز، ولا أرغب بتاتا في استبعاده ولا أريد الضرر له، فالمنافسة الشريفة شعارنا والأخوة والإنسجام يجمعنا.

- المنتخب: يقولون أنك لاعب عادي ولا تملك مواصفات الهداف المبحوث عنه في العرين، وأنك مدلل الناخب الوطني الذي يحميك ويضع كامل ثقته فيك رغم محدوديتك، ما هو ردك؟

بوطيب: (ضاحكا) المدللان الوحيدان بالفريق الوطني هما حمزة منديل ويوسف الناصري واللذين يحضيان بعناية خاصة من هيرفي رونار، أما أنا فلاعب كباقي اللاعبين، وأقسم لك أن ما يُقال حول علاقتي الوطيدة بالمدرب غير صحيحة، والدليل أننا لا نتكلم مع بعضنا البعض إلا قليلا، فأغلب الرسائل والخطابات تصلني عبر المساعدين باتريس بوميل ومصطفى حجي، معهما أتكلم وأتبادل الحديث ويبقى الإحترام وعلاقة مدرب بلاعبه بيني وبين رونار شأني شأن زملائي.

- المنتخب: ألم تدخل عالم الدولية بدعم أو إقتراح من أحدهم مثلا؟

بوطيب: أبدا، لا أحد كان وراء إلتحاقي بالأسود غير عملي وإشتغالي وتألقي مع فريقي السابق غازيليك أجاكسيو بالليغ1، إجتهدت وتعذبت حتى نلت ما كنت أتمناه وأحلم به.

- المنتخب: بعد أشهر من إلتحاقك بالفريق الوطني، كيف هي الأجواء داخل المعسكرات وهل من تكثلات كما يُتداول؟

بوطيب: البعض يعشق الشائعات وإصدار التفاهات دون أن يدرك الحقيقة، لم ألمس أبدا ومنذ مجيئي إلى الفريق الوطني مضايقات أو تكثلات أو ميز، أرتبط بصداقات حميمية مع كل اللاعبين سواء الذين يتحدثون بالفرنسية أو الذين لا يتقنونها، من داخل المغرب أو خارجه ونحاول ما أمكن التغلب على عائق اللغة، الأجواء جميلة وصحية وما يزيدها فكاهة قفشات نور الدين أمرابط وطنان وآخرين، لا فرق بين هذا اللاعب وذاك، وقد كنت أقتسم الغرفة سابقا مع فيصل فجر والآن رفقة غانم سايس، عموما لا شيء سلبي في تربصات ومحيط الفريق الوطني.

- المنتخب: لنطوي صفحة الفريق الوطني ونعرج على مسيرتك مع الأندية، لماذا عدت هذا الموسم إلى الليغ2 رفقة ستراسبورغ بعدما خضت غمار الموسم الفارط بالليغ1 مع غازيليك أجاكسيو؟

بوطيب: غازيليك أجاكسيو لم يستطع المقاومة بالليغ1 بعد موسم واحد على صعوده، إذ عانى كثيرا لمجاراة إيقاع الأندية الكبيرة، فشلنا في إثبات الذات وتعرضنا لسلسلة من الخسارات فعدنا سريعا من حيث أتينا، على الصعيد الشخصي سجلت 6 أهداف رغم عدم ثباتي على مستوى الرسمية، وبعد نزول غازيليك إتصل بي ستراسبورغ الممارس بالليغ2 وقدم لي عرضا محترما يحمل مشروعا طموحا لم أتردد في قبوله، بعدها توصلت بعروض من الدرجة الممتازة لكن بشكل متأخر، حيث لم يكن ممكنا ولا إحترافيا فسخ العقد مع ستراسبورغ.

- المنتخب: يتساءل الجميع لماذا تأخرت في الظهور والتألق وأنت الذي تقترب من سن 30؟ 

بوطيب: لأنني كنت حريصا على متابعة دراستي الجامعية بعد حصولي على شهادة الباكالوريا، إلتزمت بالتحصيل العلمي ونيل شهادة جامعية في شعبة القياسات الفيزيائية والكيمياء، وفي الوقت ذاته كنت ألعب الكرة كهاوٍ في الأقسام السفلى، وفي سن 25 طلب مني المدير الرياضي لنادي إيستر التوقيع كمحترف، لكن المدرب أنذاك كان له رأي آخر، بعدها ذهبت إلى غازيليك ولعبت أول موسم لي كمحترف معه بالليغ1 ثم الصعود مباشرة إلى القسم الممتاز، وأنا الآن في سن 29 أخوض موسمي الثالث كمحترف بعدما إخترت كرة القدم كمهنة والتي تأخرت عن إمتهانها بسبب الدراسة.

- المنتخب: بعد توقيعك لسبعة أهداف مع ستراسبورغ هذا الموسم، هل هي إشارة سريعة منك حول رغبتك في المنافسة على لقب الهداف بالليغ2؟

بوطيب: كنت متخوفا شيئا ما بداية هذا الموسم مع ستراسبورغ حيث كان رجوعي إلى الليغ2 بمثابة المغامرة، لكن الحمد لله سرعان ما سارت الأمور في منحى جيد وعانقت الشباك منذ الدورات الأولى، ألعب كرسمي كل المباريات وأستمتع، وقد تلذذت حتى الآن طعم 7 أهداف وأتواجد في مقدمة ترتيب الهدافين، همي الأول مساعدة الفريق من أجل المنافسة على إحدى بطاقات الصعود، لكن يبقى هدفي الأسمى هو التواجد مع الفريق الوطني بكأس أمم إفريقيا بالغابون والمنافسة على اللقب، ولن يتحقق لي هذا المبتغى إلا بالإجتهاد والتضحية والتألق مع فريقي.

- المنتخب: ما هي رسالتك للجمهور المغربي المتخوف من نكسات أخرى إضافية تحت إشراف هيرفي رونار؟

بوطيب: لا خوف على الفريق الوطني والتعادل الأخير ضد الكوت ديفوار لا يجب أن يهدم العمل الذي بدأ منذ شهور، على الجمهور أن يدعمنا ويشحننا معنويا حتى نستعيد الثقة ونحضر لكأس إفريقيا بروح عالية، سنتصالح إن شاء الله مع الجمهور وسنعمل كل ما بوسعنا للعودة بالكأس من ليبروفيل.