من قلب مؤتمر الفيفا الأخير والذي عُقد بالعاصمة الروسية موسكو، إلتقت «المنتخب» بالطاحونة الهولندية كلارنس سيدورف الذي كان من ضيوف الشرف إلى جانب كبار الشخصيات والمدعويين.
النجم العالمي السابق وصاحب 4 ألقاب بعصبة الأبطال الأوروبية، تحدث بعفوية وإبتسامة وطيبوبة عن بعض المواضيع وأجاب عن أسئلة جاءت كالتالي:

ــ المنتخب: ما سبب حضورك بالعاصمة الروسية موسكو؟
سيدورف: أنا هنا بعدما تلقيت دعوة من الإتحاد الدولي لكرة القدم لحضور مؤتمر الفيفا ثم إفتتاح لقاء كأس العالم وبعض مباريات البطولة، ولأنني متفرغ وفي عطلة فقد وافقت على التواجد في هذا العرس العالمي الرائع، إلى جانب لاعبين سابقين آخرين ونجوم من مختلف الجنسيات».

ــ المنتخب: تابعت أشغال مؤتمر الفيفا الأخير، كيف رأيت خسارة الملف المغربي لشرف تنظيم نهائيات كأس العالم 2026؟
سيدورف: هنيئا للمغرب على إصراره وإلحاحه ورغبته في إحتضان كأس العالم للمرة الخامسة، هذا شيء إستثنائي من بلد إفريقي قريب من أوروبا، ويتميز بالسلام والإنفتاح وعشقه لكرة القدم، لقد تابعت شيئا من الحملة التي قام بها بدعم من سفراء مشهورين كروبيرطو كارلوس وتريزيغي وماتيوس، ولمست صدقا ونزاهة وعفوية في الملف، لكن للأسف لم يكن كافيا لإقناع أكبر عدد من الإتحادات للقارات الست، وخسر الرهان بفارق عدد الأصوات الذي فاجأني.

ــ المنتخب: هل إستحق المغرب الخسارة ضد أمريكا والمكسيك وكندا؟
سيدورف: كل ملف كانت لديه نقاط القوة والضعف، ولجان المراقبة والتفتيش بالفيفا كانت صارمة وحاسمة في التنقيط، وأعتقد أنه على ضوئها حددت بعض الإتحادات قراراتها بخصوص الإقتراع، لكن لا يجب إغفال جانب مهم هو الشق المالي والمعاملات التجارية والأرباح، والذي كان يميل كفة الملف الأمريكي الذي قدم مجموعة من الإغراءات المادية عكس المغرب، الفيفا تنظر أولا إلى مصالحها ومواردها وميزانيتها أيضا، والبلدان المصوتة بدورها منحت أصواتها حسب درجات الإقتناع والتكثلات والتحالفات، والمصالح الرياضية والإقتصادية والسياسية، فتنظيم كأس العالم مشروع ضخم تختلط فيه كافة المجالات وتضغط بقوة لإحتضانه من أجل الربح أولا.

ــ المنتخب: المال طغى وسما فوق المبادئ، هل تؤمن بتغير مفاهيم الرياضة وكرة القدم؟
سيدورف: كرة القدم أصبحت ميدانا مغريا للشركات والمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال، لأنها لعبة شعبية تُشاهد عبر مئات ملايين الناس، ويكفي مشاهدة الأرقام التي يتم بها تسويق المباريات وصفقات النجوم، المبادئ ما زالت حاضرة ويجب أن نؤمن بها ونزرعها في أبنائها ولاعبي المستقبل، وإلا سنهدم كل شيء وستتحول المتعة إلى تجارة زائفة وكاسدة بلا أرباح ولا مكتسبات.

ــ المنتخب: إخترت مهنة التدريب بعد إعتزالك ولم تفعل مثل ما قام به العديد من زملائك النجوم الذين تفرغوا لأعمالهم ومشاريعهم..
سيدورف: أنا أعشق كرة القدم ويستحيل أن يمر يوم لا أتدرب فيه ولا ألمس الكرة، رغم إعتزالي فلا زلت أتمرن وألعب المباريات مع أصدقائي وأحافظ على لياقتي، وإرتباطي بالملاعب والعشب دفعني إلى البقاء في الملاعب رغم الإعتزال، فخضت تجارب تدريبية مع بعض الأندية آخرها ديبورتيفو لاكورونيا الإسباني.»

ــ المنتخب: دربت في ميلان اللاعب عادل تاعرابت، كيف كانت التجربة مع هذا اللاعب المثير للجدل؟
سيدورف: إنه فتى رائع وموهوب جدا، يستفز الكل في التداريب والمباريات بمراوغاته ولمساته، من الصعب جدا إنتزاع الكرة من قدميه، حينما جاء إلى سان سيرو كان يبحث عن إستعادة الثقة بعد نزول مستواه في البطولة الإنجليزية، وقد تمكن في ظرف وجيز من فرض إسمه في التشكيلة الرسمية لميلان وتوقيع أهداف جميلة في الكالشيو، لكن مقامه لم يتجاوز 6 أشهر مع الروسونيري.

ــ المنتخب: ألم تحدث إضطرابات ومشادات بينكما، خصوصا وأنه معروف بشغبه وعدم إنضباطه مع جل المدربين الذين أشرفوا عليه في كل الأندية؟
سيدورف: لقد وصلتني أصداء حول مزاجه وعقليته داخل وخارج الملعب، لكنني لم أنصت كثيرا لما قالوه لي ورحبت به وحرصت على جلبه إلى ميلان، فور قدومه بدا لي لطيفا وخجولا، وفي أول محادثات بيننا أخبرته عن طريقة تدريبي ومعاملتي مع اللاعبين، والشروط الواجب إحترامها، فرأيته مستجيبا ومنضبطا ومجتهدا جدا.

ــ المنتخب: هل ما زالت تربطكما علاقة وتواصل؟
سيدورف: نتكلم ونتحدث قليلا، ولا يتردد في إخباري عن مشاكله لأنه جعلني بمثابة شقيقه الأكبر، فلما كنت مدربا له في ميلان أخبرني عن مشاكله مع المنتخب المغربي ومشاداته مع المدرب البلجيكي إريك غريتس وهروبه، وكنت ألح عليه من أجل العودة إلى الدولية لأنها مهمة جدا للمعنويات وتؤثر بشكل واضح على العطاء مع النادي داخل أرضية الميدان.

ــ المنتخب: جاورت في مسارك كلاعب أو واجهت عدة لاعبين مغاربة، ما رأيك حول كرة القدم المغربية؟
سيدورف: في هولندا هناك الكثير من المواهب والطاقات ولا يخلو نادي هولندي في صفوفه من لاعب مغربي، أما في أوروبا عامة فالتمثيلية حاضرة خصوصا في البطولتين الفرنسية والإسبانية، وأعرف بعض اللاعبين المتميزين حاليا والذين يعتبرون قادة المنتخب المغربي كالمهدي بنعطية وحكيم زياش ونور الدين أمرابط، وعموما فأنا أحترم المغاربة لأنهم أصدقائي ويعشقون كرة القدم ويتوفرون على الروح المرحة والرياضية.

ــ المنتخب: على ذكر هولندا وزياش، هل تتابع خطوات هذا اللاعب الذي يعتبر نجم فريقك السابق أجاكس أمستردام في آخر موسمين؟
سيدورف: لم أشاهد الكثير من لقاءات أجاكس في الأونة الأخيرة نظرا لإنشغالاتي وظروفي، لكنني أعرف زياش وسبق وأن رأيت له بعض المباريات مع أجاكس خاصة الأوروبية منها، ووقفت عند لاعب قائد ذكي وسريع، يجيد قراءة اللعب والتسجيل وهذا يرفع من شأنه، ويجعله أهلا للعب لأجاكس الذي لن يستطيع الحفاظ عليه إن واصل بنفس المستوى وجلب إهتمامات الفرق الأوروبية الكبرى.

ــ المنتخب: وماذا عن اللاعبين الآخرين في هولندا؟
سيدورف: مدارس هولندا معروفة بالتكوين وإنجاب لاعبين يصبحوا نجوما فيما بعد في البطولات الأوروبية والأمثلة عديدة، أعتقد أن الإيرديفيزي أكثر إنتاجا من البقية والسنوات الأخيرة شهدت إحتراف الكثير من اللاعبين خارج هولندا، الحضور المغربي كبير وقوي بالنظر للجالية المهمة وكذا المواهب التي تبزغ في سن صغير.
(يتبع)