ضجيج وعواصف في قاعة الإنتظار، تيه ونسيان بعد تمخُض القرار

يكثر القيل والقال وتتصاعد عواصف التصريحات هنا وهناك فور ظهور إحدى المواهب  المغربية بالقارة الأوروبية ولفتها للإنتباه مع أنديتها، فيكبر الفتى أو الشاب بسرعة البرق في أعين الصحافة ليصير حديثها اليومي ويُنفخ فيه من بعض الوسائل الإعلامية حتى يصير نجما كبيرا تخطب وده أعرق الفرق العالمية.

ومع تألق هذا الشاب ودخوله قلعة التحدي والتوهج الأوروبي يبدأ الحديث عن هوية اللاعب وجنسياته، فتتوالى الأسئلة من كل حذب وصوب بشأن المنتخب الوطني الذي سيختار حمل قميصه بين وطنه الأم المغرب وبلد المهجر، لتنطلق المعارك الصحفية والضغوطات النفسية على المعني بالأمر والذي قد يكون مترددا قبل إتخاذ القرار، أو يكون عارفا وحاسما في إختيار ألوان الدار.

ظاهرة عالمية

إن ظاهرة التجنيس وحمل بعض اللاعبين لأقمصة بلدان الإقامة ظاهرة طبيعية وقديمة بدأت ببداية الممارسة الكروية وإنطلقت بإنطلاق البطولات والمنافسات القارية والعالمية، فأضحى أي لاعب حامل لجنسية بلد معين يحق له اللعب معه رغم عدم كونه أحد أبنائه.

وعُرفت العديد من الدول الأوروبية بتجنيس اللاعبين سابقا لكن الظاهرة أخذت مسارا آخر وإنتشرت بسرعة البرق في العقدين الأخيرين، وصار الأسيويون والأمريكيون وحتى الأفارقة يجنسون لكن يبقى الأوروبيون الأكثر توجها لتجنيس اللاعبين خصوصا تلك الدول المعروفة بمراكز التكوين، وهنا الحديث عن فرنسا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا والبرتغال.

وإلى جانب التجنيس نجد إنحدار اللاعب من أبوين مختلفي الجنسية وبالتالي حيرة الشاب في إختيار المنتخب الذي يلعب له بين وطن أمه أو أبيه، مما يخلق لديه ترددا كبيرا وصراعا مقلقا بين نداء القلب وواقعية العقل.

صراع العقل والقلب

وضع صعب وموقف لا يُحسد عليه ذلك الذي يجد فيه الفتى أو الشاب الحامل لجنسية مزدوجة نفسه لسبب بسيط هو ولادته في بلد المهجر أو إنتماء والديه لبلدين مختلفين، فتتجه إليه الأنظار ويكثر عليه الطلب مما يرميه في بحر التوثر والتردد وهو ما يزال يتعلم السباحة.

الدولة المستضيفة التي كونته وصرفت عليه الملايين ليتلقى تكوينا كرويا على أعلى المستويات لا تقبل بضياع إبنها بالتبني والذي تربى في عزها وكنفها الأوروبي، ووطن الآباء والأجداد يثير مشاعره ويستفز أحاسيس الوطنية والإنتماء لديه ليذكره بأصوله ومن أين أتى، وما يزيد الطينة بلة هو الهالة الإعلامية الضخمة والتصريحات الجانبية المصاحبة لتمخض قراره باللعب للبلد، حيث يقطن أو الوطن من أين ينحدر.

ولا يوجد شيء أصعب من الحوار الحارق والصراع المحموم بين العقل والقلب، فالأخير يسلب اللاعب جانبه الروحي والعاطفي ويدعوه لعدم التنكر لبلد الأجداد، فيما يضعه العقل فوق طاولة الأمر الواقع ويطرح أمامه رهانات واقعية تتعلق بتأمين المستقبل وإرتفاع الكوطة وغيرها من الأشياء في حالة اللعب لبلد الإقامة الأوروبي.

أسود فروا من العرين

العديد من الدول فقدت لاعبين مهرة ومتميزين لصالح لدول أخرى لا يحملون منها سوى جواز السفر، وبلدان كثيرة من مختلف القارات شاهدت أبناءها وهم يركضون في الملاعب بأقصمة منتخبات أخرى يشاء القدر أحيانا أن يضعهم في مواجهة الألم ضد الوطن الأم.

فالدول اللاتينية وخصوصا البرازيل صدرت لاعبين كثر لأوطان أوروبية وأسيوية وإفريقية كانوا فيها النجوم القوميين، وكم من إفريقي صنع أفراح الأوروبيين وكم من بولوني أو تركي أو كونغولي رقص وتغنى بشعارات ألمانية وبلجيكية.

أبناء شمال إفريقيا لم يخرجوا عن النص، فلعب العديد من اللاعبين المغاربة والجزائريين والتونسيين لمنتخبات فرنسا وبلجيكا وهولندا، ويبقى فرار بعض أسود الأطلس من العرين شر لا بد منه وكأس لا مفر من شرب علقمه، حيث يتنكر أو يتجاهل اللاعب دعوات ونداءات قلبه ليختار لأسباب مهنية وشخصية اللعب للبلد الذي رأى فيه النور وتعلم فيه أبجديات الكرة.

فإذا كان المرحومان العربي بن مبارك وعبد الرحمان بلمحجوب قد حملوا قميص فرنسا إضطراريا بسبب الإستعمار وغياب فريق وطني مغربي أنذاك، فآخرون آثروا اللعب للديكة والشياطين والطواحين أحرارا ومن دون ضغوطات أو قيود، فاختار إدريس بوستة وبولحروز وأفلاي وماهر إرتداء اللون البرتقالي، وضرب عادل رامي ويونس قابول إهتمامات المغرب عرض الحائط بعدما جذبتهم صيحة الديك، وذهب فلايني إلى بلجيكا بعد تهميش فتحي جمال ليتبعه الغناسي وشادلي وبقالي عن طواعية، ولم يكترت الأخوان اليونسي للأدغال الإفريقية وإختارا الراحة مع النرويج ناهيك عن الأسماء الشابة والغزيرة جدا والتي يلعب للفئات السنية لمختلف المنتخبات الأوروبية.

هولندا تكوّن وترفض التنازل

معروفة هي الأراضي المنخفضة بمدارس التكوين المتعددة والأكاديميات الأوروبية العملاقة والتاريخية في إنتاج وتصدير اللاعبين، وتتصدر مدرسة أجاكس على سبيل المثال لائحة أحسن وأكبر المدارس في أوروبا من ناحية عدد الناشئين المكونين كل سنة والذين يلتحقون بقطار النجومية بعدها بسنوات قليلة.

ولأن الجالية المغربية هي الأولى ببلاد الطواحين فلا يمكن أن يجد فريقا هولنديا لا يتوفر على لاعب مغربي واحد على الأقل، وهو ما يفسر الكثرة العددية الممارِسة ببطولة الإيرديفيزي والأقسام السفلى الشيء الذي يعطينا أسماء جديدة ترى النور سنويا خصوصا من أبناء منطقة الريف المزدادين بمختلف المدن والضواحي الهولندية.

هذا الكم الهائل من اللاعبين المغاربة يجعل المنتخبات السنية للطواحين المستفيد الأكبر من موهبة هؤلاء الأشبال، لكن سرعان ما يفلتون من بين أيديها بعدما يقرر العديد منهم حمل قميص أسود الأطلس لوطنيتهم أولا ثم لعلمهم بصعوبة إيجاد مكان في المنتخب البرتقالي الأول ثانيا، بيد أن الصحافة الهولندية تشن حملات ضارية وتمارس ضغوطات كبيرة حتى لا يذهب التكوين الهولندي أدراج الرياح، وتحلق المواهب مجانا للقارة السمراء.

الفرنسيون يضغطون عن بعد

يعتبر المنتخب الفرنسي أكثر منتخب في العالم يعتمد على لاعبين غير فرنسيين بالأصل وينهج سياسة التجنيس والإتكال على لاعبين مولودين فوق التراب الفرنسي أو مكونين بالأندية المحلية، ويأتي هذا منذ عقود عديدة، حيث إستقطب الديكة لاعبين من المستعمرات خاصة من الجزر والدول الإفريقية.

وإذا ما قارنا إعتماد فرنسا على الأفارقة عموما في المنتخبات من الفتيان إلى الكبار فإن المغاربة متواجدين بشكل متوسط مقارنة مع دول أخرى كالجزائر أو من إفريقيا جنوب الصحراء، فبإستثناء العربي بن مبارك وبلمحجوب ومؤخرا يونس قابول وعادل رامي فلم يستفد الفرنسيون كثيرا من تكوينهم لأبناء المغاربة من الجيلين الثاني والثالث، ففقد الديكة الماهر مصطفى حجي وشقيقه يوسف والشماخ، العرابي، بنعطية، بلهندة، تاعرابت والعديد من اللاعبين الذين ندم عليهم الفرنسيون، الشيء الذي دق ناقوسه المدرب لوران بلان سابقا بدعوته لوضع كوطة للأجانب داخل مراكز تكوين الأندية.

وتبقى فرنسا من البلدان التي تعتمد على الأجانب كثيرا في منتخباتها لكنها تفقد أيضا العديد من اللاعبين الذين أنفقت عليهم أموالا في مراكز التكوين، واللاعب المغربي يظل واحدا من هؤلاء بعد متابعته عن بعد من طرف الفرنسيين لكن بضغظ خفيف يتحول إلى ندم كبير فور إختياره مبكرا نداء القلب واللعب لأسود الأطلس.

                                                 بلجيكا ربحت أكثر المعارك

أما بلجيكا فهي ليست مدرسة أوروبية عريقة في التكوين كفرنسا أو هولندا مثلا لكنها تعول أيضا على شبان مزدوجي الجنسية سواء من داخل القارة العجوز أو من خارجها، وعكس فرنسا الغنية بتعدد المواهب من مختلف الجنسيات فبلجيكا تعض بالنواجد وتتشبت بشكل كبير بأي لاعب تنبعث منه رائحة بلجيكية بغية إلحاقه بالشياطين الحمر.

فالسنوات الأخيرة شهدت أكثر من معركة بين بلجيكا والمغرب على لاعبين يحق لهم اللعب للبلدين، إبتدأت بفلايني وإنتهاء وليس نهاية ببقالي، والحصيلة تقول بأن الشياطين الحمر تفوقوا في حرمان الأسود من أربعة لاعبين هم فلايني، شادلي، غناسي، بقالي مقابل خسران لاعبين هما كارسيلا والقادوري.

إسكندنافيا والخليج وإستيراد على المقاس

تأتى الدول الإسكندنافية في المرتبة الثانية من ناحية اللاعبين المغاربة الذين يحملون أقمصة منتخباتها، ويظهر ذلك في شخص المنتخب النرويجي الأول بضمه للاعبين مغربيين يلعبان أساسيين منذ 5 سنوات وهما طارق اليونسي وشقيقه محمد، إضافة للمنتخب السويدي الذي يضم نبيل بهوي والمنتخب الدانماركي المحتضن لموهبة يوسف توتوح.

وتغري بعض الدول الخليجية لاعبين مغاربة فتساعدهم بإغراءات لا حدود لها في التنكر للوطن وحمل قميص بلد الإيواء، وهنا الإشارة إلى مدافع الفتح الرباطي السابق والعين حاليا إسماعيل واجغو الذي إختار اللعب للإمارات وأصبح إسمه إسماعيل أحمد إسماعيل أحمد، وقام المسؤولون القطريون بتجنيس الحارس الشاب أمين لوكومبت عداني وطالبوه بأن لا يكترت لنداءات أسود الأطلس وهو ما فعله في مناسبتين بتجاهله لإستدعاءين سابقين من إيريك غيرتس، كما رفع فوزي عايش راية البحرين في أكثر من مناسبة وصنع أفراح مناصري المنتخب الأحمر بعيدا عن دفء الوطن الأم.

ولم يُسجل بعد حمل أي لاعب مغربي لقميص أحد منتخبات أمريكا اللاتينية أو أستراليا بإستثناء بعض الحالات النادرة التي سُجلت فيما يخص الفئات الصغرى لمنتخب كندا.

لعنة أم سوء إختيار؟

إذا ما وقفنا عن حالات اللاعبين الذين تنكروا لنداءات الوطن وفضلوا لسبب أو آخر حمل قميص منتخبات بلدان الإقامة فنجد أن الكثير منهم فشل في الإختبار وأخطأ القرار، ليدخل من دون رجعة في نفق النسيان ومعه الندم على إستعجال قرارٍ إتُخذ في لحظة تردد أو تعرضٍ للضغط.

وقليل هم أولئك المغاربة الذين يسطعون ويتسلقون سلم الشهرة والنجومية فور حملهم شعار المنتخبات الأوروبية والنماذج تشير إلى حالات إستثنائية في هولندا مع أفلاي (برشلونة) وفي بلجيكا مع فلايني (مانشستير يونايتد)، علما أنهما لا يلعبان رسميا وقد يضعيان تأشيرة المونديال المقبل، أما الأسماء الأخرى (شادلي، بقالي، غناسي، قابول، ماهر..) فهي ليست في أفضل حال وحاضرها يكشف عن هبوط صاروخي في الأداء وتألقٍ أصبح في خانة ذكريات الأمس القريب.

ليبقى السؤال المطروح هو هل كان قرار هؤلاء اللاعبين المغاربة خاطئا ومتسرعا بإختيار بلدان ليست بلدانهم بدافع الأنانية الفردية أو الإعتقاد بدخول عالم الشهرة ورفع الكوطة الأوروبية؟ أم أن ضغوطات قوية زعزعت نفوسهم المهتزة أصلا ومناعتهم الضعيفة وجعلتهم يرضخون لرنين العقل في لحظة حسم مستعجلة؟ أو أن إغراءات بلد المهجر والإبتعاد عن تقاليد الجذور والأصول والأعراف لعبوا دورا مهما في الإختيار؟ أم أن الأخير طاردته لعنة الوطن وغضبه لتحكم على الإبن العاق بالعُسر والفضائح وتلاشي الأحلام طيلة مسيرته الكروية؟

المهدي الحداد

 

/////////

 

شادلي وبقالي.. معاناة وإبتعاد حلم المونديال

خلقا الفتنة والبلبلة خلال أشهر عديدة ومارسا ضغوطات غير مباشرة على الصحافتين البلجيكية والمغربية ومعهما المسؤولين عن قطاع الكرة، وتمخضا كثيرا قبل أن يعلنا عن قرارهما بإختيار حمل قميص الشياطين الحمر عوض الإنتماء لعرين الأسود.

فإذا كان مكر ناصر شادلي قد دفعه لإختبار أجواء الفريق الوطني في المباراة الودية ضد إيرلندا الشمالية قبل أن يعلن بعدها بأسابيع قليلة أنه سيلعب لبلجيكا لضمان مستقبل كروي أفضل، فمواطنه زكرياء بقالي لم يسر على نفس الطريق وظل مترددا بين نداء القلب ورنين العقل حتى اللحظات الأخيرة من ساعة الحسم ليقرر وهو صغير السن الإستجابة لدعوة الشياطين في تصفيات مونديال البرازيل 2014.

اللاعبان المغربيان الأصل أنصتا لصيحة العقل وفكرا في خوض المونديال القريب وضمان حضور أوروبي أكثر لمعانا وراحة من التعب في الأدغال الإفريقية، لكن الواقع الحالي يزرع الخوف والرعب في نفسية اللاعبين بعدما صارا حسب الصحافة البلجيكية التي كانت قد هللت لهما بعيدين عن لعب كأس العالم، لسبب واحد هو إبتعادهما عن التنافسية وجلوسهما شبه الدائم في مقاعد الإحتياط لفريقيهما، إذ يعاني ناصر شادلي الأمرين في طوطنهام ولا يلعب إلا نادرا، فيما بات بقالي خارج منظومة مدرب أيندوفن فيليب كوكو خلال الأسابيع الأخيرة وتقول المصادر البلجيكية أنهما لن يطيرا إلى البرازيل بنسبة كبيرة.

 

أدم ماهر تاه في أيندوفن وسقط في فضيحة أخلاقية

كان حديث الصحافة الهولندية لأشهر طويلة ونُفخ فيه كثيرا حتى بات إسمه مرتبطا بالإنتقال إلى مانشستر سيتي وبرشلونة، وقيل أنه ميسي الجديد والذي سيزاحم النجوم الكبار في القارة الأوروبية.

لم يكن متحمسا يوما للعب لأسود الأطلس لكنه بقي ديبلوماسيا في تصريحاته وظل يفر من الإجابة حول هوية المنتخب الذي سيتبلل عرقا من أجله، وخرج يوما يقول أنه هولندي وسيلعب للطواحين الذين لطالما أسروه بلونهم البرتقالي.

لعب الفتى مع رفاق فان بيرسي وإنتقل من ألكمار إلى أيندوفن في صفقة كبيرة بلغت 8 ملايين أورو، بيد أن رياح الزعيم جرت بما لا يشتهيه مركب الشاب (20 سنة)، إثر وقوعه في فضيحة أخلاقية إستفزت الصحافة الهولندية وحوّلت المدح إلى نقذ لاذع أدى ضريبته معنويا وتقنيا بعدها دخل نفق التيه والشرود ليجني على نفسه ويفقد مقعده الرسمي مع أيندوفن.

وفي ظل هذه الظروف سيكون أدم ماهر المولود في ضواحي ورزازات أمام مهمة غاية في الصعوبة من أجل إقناع المدرب لويس فان غال بوضع إسمه في اللائحة المتوجهة لبلاد السامبا هذا الصيف، علما أن منتخب الطواحين يعج بأسماء متألقة تلعب في نفس مركزه مما قد يبخر حلمه في حضور العرس الكوني.

 

بلعربي، داكوسطا، الشيحي وعداني.. «لا هنا لا لهيه»

بين لاعبين إختاروا إدارة ظهرهم لبلدهم الأم ورفض تمثيل وطن الأبوين والأجداد وبين لاعبين لم يساوموا وقرروا مبكرا الإنضمام إلى عرين الأسود، نجد بعض اللاعبين مترددين وخائفين من إستعجال قرار قد يندمون عليه أو ينتظرون فقدان أمل اللعب لبلد الإقامة قبل إبداء الإستعداد للعب للمغرب.

كريم بلعربي (الألماني، الغاني، المغربي) طرقت بابه دعوتين سابقا من غانا والمغرب لكنه لم يستجب وتمسك بخيط أمل رقيق لحمل قميص المانشافت، وبعدما أيقن بأن ذلك شبه معجزة خرجت بعض الأخبار مؤخرا تفيد بإعتزامه الإلتحاق بزملاء بنعطية.

مواطنه عادل الشيحي والذي لعب في أكثر من مناسبة مع الفريق الوطني الأولمبي تجاهل دعوة سابقة من غيرتس لحضور مباراة للأسود لإدعائه إصابة كاذبة، وكشفت مصادر بعدها أن اللاعب ما زال يحلم باللعب للمنتخب الألماني الأول ولا يريد حسم مستقبله الدولي مبكرا.

أما المغربي البرتغالي مروان دا كوسطا فكان هو الآخر تحت مراقبة الناخب الوطني السابق غيرتس والذي جس نبضه في أكثر من مرة، لكن مدافع سيواس سبور الحالي آثر جهل الإتصالات طمعا في عيون المنتخب البرتغالي الذي لعب له مباراة واحدة ودية، فيما كان الحارس أمين لوكومت عداني غامضا وقيل أنه تلقى ضغوطات من القطريين الذين يحمل جنسيتهم لرفض دعوتين سابقتين للناخب البلجيكي.

ويعد القاسم المشترك بين هؤلاء اللاعبين أنهم علقوا مصيرهم الدولي بأنفسهم فلم يحملوا هذا القميص الوطني أو ذاك، وفرص إنضمامهم لمنتخبات بلدان الإقامة صعب المنال في ظل تواضع مستواهم، الشيء الذي سيدفعهم في نهاية المطاف لخطب ود عرين الأسود غير الأحوج للاعبين يتماطلون وينفذ صبرهم في تلقى دعوة من بلد المهجر ليقرروا في نهاية المطاف خوض غمار المنافسات الإفريقية.

 

كونكو طرد الجميع ورفض صفة لاعب دولي

لم يتعب أحدا ولم يترك بلدا في قاعة الإنتظار وحسم أمره مبكرا بإتخاذ قرار عدم حمل قميص أي منتخب دولي والإكتفاء باللعب مع الأندية الأوروبية. 

مولود في فرنسا من أب سينغالي وأم مغربية وكانت له الصلاحية في إختيار أحد البلدان الثلاثة، لكنه لم يجرح خاطر أحد وأعلن رسميا قبل سنوات أنه لا ينوي الإبحار الدولي.

ويعد عبد الله كونكو الظهير الأيمن المتألق للازيو الإيطالي من اللاعبين القلائل الشجعان الذين تحلوا بالجرأة ومسحوا البطولات القارية والعالمية من عقولهم ليتفرغوا إلى كتابة أسطر من مسيرة كروية على الصعيد الشخصي فقط.

 

منير الحدادي جوهرة برشلونة في طريقها للضياع

موهبة صاعدة وإسم شاب يخطف الأضواء كل أسبوع مع شبان برشلونة بأهداف خرافية ومستويات عالية، مما جعله يتدرب أكثر من مرة هذا الموسم مع ميسي وبيكي والبقية للإستئناس وإكتشاف خبايا الكرة مع العمالقة.

منير الحدادي خريج «لاماسيا» أفلح في تمديد عقده مع البلوغرانا حتى 2017 وبات يطرق أبواب الكبار خلال المواسم القليلة المقبلة، كما شرع في جذب الأقلام الصحفية الإسبانية التي كتبت عنه مقالات في العديد من المناسبات مستفسرة عن رغبته في أن يكون فردا في كثيبة لاروخا مستقبلا.

صاحب 19 سنة صرح في بعض الخرجات الإعلامية أنه نصف مغربي ونصف إسباني وقراره النهائي لم يتخذه بعد، لكن الكواليس التي تدور في محيط البارصا تفيد بضغط وإغراءات قد تعبد الطريق لمنير للوصول إلى عتبة الدولية مع المنتخبات الإسبانية.

 

أشبال متميزون يصنعون أفراح الأوروبيين

لآلئ كثيرة تزين بحار الفئات السنية الصغرى لكبرى المنتخبات الأوروبية، وجواهر ثمينة تستفيد منها بلدان المهجر خصوصا تلك المعروفة على الصعيد العالمي بتكوين اللاعبين الشبان على أعلى المستويات.

المنتخب الهولندي يبقى أكثر فريق يضم شبانا وفتيانا بأصول مغربية وهنا الحديث عن أسماء غزيرة تلعب حاليا لمنتخبات أقل من 23 و21 و19 سنة، كياسين أيوب وأنس أشهبار وناصر بارازيت، داني حسين، عبد الحق نوري، بلال باساسيكوغلو..

الفرنسيون لا يخرجون عن القاعدة ويعتمدون بصورة مثيرة للدهشة على لاعبين من أصول إفريقية في منتخباتهم وحضور المغاربة لا بأس به في الفئات السنية الصغرى، كما يحمل بعض الأشبال أقمصة منتخبات أوروبية أخرى من قبيل السويد (نبيل بهوي) والدانمارك (يوسف توتوح) والنرويج (محمد اليونسي، إيطاليا (هاشم مستور).

 

أفلاي، بولحروز وفلايني كسروا القاعدة

إذا كان الكثير من اللاعبين المغاربة الذين إختاروا اللعب لبلدان الإقامة قد فشلوا في مشوارهم الدولي وإختفوا عن الأنظار ولم يجدوا مكانة لهم بين النجوم، فبعض اللاعبين أبلوا البلاء الحسن وبصموا على حضور طيب بعدما توفقوا في الإقناع وحضروا كبرى التظاهرات القارية والعالمية.

ويبقى إبراهيم أفلاي أحد الأسماء المغربية التي كسرة القاعدة وتألقت مع المنتخب الهولندي الأول في بطولات أوروبية وكأس العالم شأنه شأن زميله خالد بولحروز، وكرس مروان فلايني نفسه نجما لخط وسط بلجيكا منذ عام 2007 بحضور لافت ومستقر، كما إقتلع المهاجمان طارق اليونسي ومحمد عبدلاوي مكانتيهما الأساسية مع المنتخب النرويجي منذ أزيد من 4 سنوات وما يزالان يلعبان له بشكل رسمي وثابت لغاية الآن.

-----------------

بنمبارك وبلمحجوب شكلا حالة إستثناء

عكس اللاعبين الذين يتخذون قرار حسم إختيارهم بحرية وطواعية وبعد طول إنتظار وتفكير، فإن بعض اللاعبين السابقين لم تكن لديهم فرصة الإختيار وكانوا مجبرين على حمل قميص بلد آخر غير بلدهم الأصلي لسبب بسيط هو الإستعمار.

فقبل الإستقلال لم يكن هناك فريق مغربي يمارس ويشارك في البطولات الجهوية والخارجية، وفي ظل تواجد جواهر مغربية فاقدة لتاج الدولية فإن المستعمر لم يتردد في إستقطابها للدفاع عن المنتخب الفرنسي في كبرى الإستحقاقات الأوروبية والعالمية.

الأسطورة العربي بن مبارك والجوهرة عبد الرحمان بلمحجوب شكلا حالة إستثناء ولعبا لفرنسا إضطراريا لغياب منتخب مغربي أنذاك، وكانا حضورهما مع الديكة لافتا ومثيرا ليس كلاعبين تنكرا للوطن وآثرا خوض التحدي مع بلد الإقامة وإنما كسفيرين رياضيين شرفا صورة المغرب في أوروبا والعالم.

-----------------

هذه نتائج معارك المغرب الخفية

- المغرب ضد هولندا: تصارع الأسود والطواحين على بعض اللاعبين المميزين الذين كانوا محط أنظار المنتخبين في السنوات الأخيرة لضمهم للفريق الوطني الأول وهكذا ربح المغرب كل من منير الحمداوي، زكرياء لبيض، أسامة السعيدي، كريم الأحمدي، نور الدين أمرابط، امبارك بوصوفة، فيما خسر خدمات خالد بولحروز، إبراهيم أفلاي، عثمان بقال، أدم ماهر.

- المغرب ضد بلجيكا: تفوقت إغراءات الشياطين الحمر على أحلام أسود الأطلس ليخسر منتخب الأخير كل من مروان فلايني، ناصر شادلي، زكرياء بقالي، ياسين الغناسي مقابل خطف موهبتي المهدي كارسيلا وعمر القادوري.

- المغرب ضد فرنسا: إستفاد الفريق الوطني من تكوين العديد من اللاعبين المغاربة بالأندية الفرنسية والذين كان البعض منهم هدفا لمنتخب الديكة، وربح الأسود مروان الشماخ، عبد الحميد الكوثري، يونس بلهندة، يوسف العرابي، المهدي بنعطية، مصطفى، يوسف حجي، عادل تاعرابت، بينما فقدوا لاعبين آخرين أبرزهم عادل رامي، يونس قابول.

- خسر المغرب المهاجمين طارق اليونسي ومحمد عبدلاوي لصالح النرويج.