مع اختلاف كبير في بنية المنافس، لوجود فوارق تسمح بالقياس بين المنتخب الغاني والمنتخبات التي واجهها الفريق الوطني في الآونة الأخيرة، إلا أن الفوز الذي حققه أسود الأطلس في وديتهم الأولى خلال هذا الشهر على البلاك سطارز، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يمنع عنا تورم الشك وتضخم الخوف من مآل هذا الفريق، فقد جاءت الودية أمام غانا لتعيد ذات مشهد الإرتباك والضبابية، فإن تصور البعض القليل بيننا، على أننا نخطو ببطء شديد نحو منظومة لعب وهوية تكتيكية، اقتنع البعض الكثير بيننا، أن ما يحدث هو رجوع للخلف، ولا يوجد هناك ما يرصد أي تقدم في ورش بناء المنظومة.
ماذا فعل منتخبنا الوطني أمام منتخب غاني هو أبعد ما يكون عن النسخ القوية التي واجهناها في السابق، غير أنه على مدى 90 دقيقة أنتج ذات المعاناة في التعريف بنواياه وأعطانا ذات الإنطباع على أنه ضل الطريق.
وماذا صنع خاليلودزيتش بكيميائه وعلمه حتى يعطينا وصفة نطمئن إليها وهو من سلمناه لاعبين من طراز رفيع، ولسنا نحن من نقول ذلك، بل هو من يردد دائما أنه محظوظ بوجود لاعبين من طينة بونو، سايس، حكيمي، أمرابط وزياش؟
قلنا والكونفدرالية الإفريقية تؤجل تحت الإكراه موعد البدء في التصفيات النارية المؤهلة لمونديال 2022 بقطر، أن الحظ أنعم على خاليلوذزيتش بنعمة لعب وديتين على الأقل، وأغدق عليه بهامش آخر للمناورة وبمحكين يجدد خلالهما الإفتحاص التكتيكي لمنظومة اللعب التي ظهر عليها وهن كبير في مباراتي موريتانيا وبورندي، إلا أنه للأسف أهدر واحدة من تلك الوديتين، بالمعنى الذي يقول أنه جعل ودية غانا عطشا إضافيا عوض أن تكون ارتواء، جعلها داء جديدا عوض أن تكون بلسما وشفاء، وقوى فينا الشك ونحن من كنا نظن أن تباشير اليقين بغد أفضل قد لاحت.
كل الذي فعله وحيد أنه رسخ في أذهاننا أنه سيلعب بثلاثة قلوب دفاع، لطالما أنه لم يجد بعد الظهير الأيسر الذي يشتهيه، بخاصة مع استحالة جاهزية أدم ماسينا، وأنه ماض في تجاربه بدليل أنه سيفاجئنا جميعا بترسيم أيوب العملود، وللأمانة فالولد نجح بامتياز في اختباره الدولي الأول برغم كل المعيقات الجماعية وبرغم كل التشوهات التي ظهرت على منظومة اللعب الجماعية.
وعلى استقراره على ثلاثي وسط الميدان بالإعتماد على سفيان أمرابط وسليم أملاح وعادل تاعربت، إلا أن الآلة بدت كما في السابق مختنقة، وما كنا بحاجة إليه لتنشيط المنظومة لم نعثر عليه، فكان الإنتقال من الحالة الدفاعية للحالة الهجومية فاقدا للسرعة التي تستوجبها مثل هذه النزالات، وهو ما انعكس سلبا على الوضعيات الهجومية والتي لم تجعل لا الحدادي ولا النصيري أمام كم محترم من الفرص لممارسة هوية اقتناص الأهداف، بدليل أن أقوى الفرص جاءت من مدافعين عند تنفيذ الكرات التابثة، وبدليل أن هدف الفوز جاء من رأس المدافع جواد يميق مع دخول حكيم زياش الذي أنعش نسبيا الأداء الهجومي.
ويشعرني هذا الذي شاهدته في ودية الأسود أمام المنتخب الغاني الذي كان أفضل منا برغم خسارته، بأمرين متناقضين، يؤججان فينا سؤال الحيرة، فإما أن نكون أمام ولادة متعسرة لمنظومة اللعب، وإما أن وحيد خاليلودزيتش فقد البوصلة واحتار بل وضاع أمام ضبابية الرؤية وعسر المخاض، وكلاهما موجع للقلب، بل ومؤشر على أن هذا الفريق سيدمن المعاناة في التعبير عن ممكناته الفردية، بل وسيزيدنا يقينا أن العودة للحال التي كنا عليها في مونديال روسيا مستعصية، إن لم تكن مستحيلة والله يلطف بنا.