الكرة الذهبية.. نعم أستحقها!

حياتي في ميونيخ أصبح لها شكل آخر

أنا أسعد الناس بلعب كأس العالم للأندية ببلد جميل مثل المغرب

كانت سنة خرافية.. نريد أن ننهيها بلقب خامس

عرض علي اللعب للريال وللبارصا ولم أندم على إختياري للبايرن

فرانك ريبيري الذي قد أكون أو يكون غيري إلتقاه في سنوات مضت عندما كان لاعبا لأولمبيك مارسيليا ليس له علاقة مع فرانك ريبيري الذي جالسته مع زملاء إعلاميين آخرين بمقر نادي باييرن ميونيخ لإجراء هذا الحوار المطول الذي يمثل في واقع الأمر بوحا حصريا، فريبيري اليوم يختلف كثيرا عن ريبيري الأمس، فكما أن مآسي الماضي تركت ندوبا على وجهه أبدا لا يهرب منها ولا ينزع إلى إخفائها فإن حياته في ميونيخ منذ أن إنضم إلى الباييرن قبل سبع سنوات غيرت الكثير من التضاريس في فكره وفي منظوره للأشياء.

ريبيري اليوم إنسان ناضج يتمثل القيم السامية للإبداع، عندما طلب من الإعلاميين في ذلك اليوم للمثول أمامهم في جلسة مرافعة ومكاشفة جاء في الدقيقة والثانية متبسما ودخل القفص طيعا ممتثلا ليقدم الشهادة تلو الأخرى على أحداث مرت من حياته، فكان هذا الحوار الحصري والإنفرادي الذي تقدمه «المنتخب» لقرائها ليتعرفوا عن قرب على المرشح الأكبر لنيل الكرة الذهبية وعلى أحد كبار صناع الفرجة الذين سيؤثثون فضاء كأس العالم للأندية بالمغرب الشهر القادم.

- المنتخب: من أين نبدأ يا فرانك؟ من سنتك الأنطولوجية مع الباييرن أم من التحول الكبير الذي حدث بداخلك منذ أن قدمت إلى ميونيخ؟

فرانك ريبيري: بالطبع، ما يحدث اليوم هو نتاج لمجهود بدلته لكي أغير أشياء كثيرة في منظومة حياتي من أجل أن أطور الأداء ومن أجل أن أؤكد الثقة التي توضع في شخصي بخاصة من قبل مسؤولي باييرن ميونيخ الذين لم يكن بحثهم عني ذات وقت والإرتباط بي إعتباطيا أو بمحض الصدفة، لقد وجدوا في ريبيري ما يمكن أن يقدم إضافة قوية لأداء باييرن، وكان علي أن أبحث في أعماق نفسي عن هذه الأشياء التي يمكن أن تطور أسلوب أدائي بالشكل الذي يرضى عنه فريقي باييرن ميونيخ، وأعتقد أنني نجحت إلى أبعد حد في ذلك، لا تنسوا أيضا أنني بلغت سن الثلاثين ولم يعد مسموحا لي أن أهدر مزيدا من الوقت، أشعر أنني وصلت إلى القمة ومع علي إلا أن أتدبر وجودي في هذه القمة لكي يستمر لسنوات أخرى قبل أن أعلن الإعتزال.

- المنتخب: سنة 2013 كانت تتويجا لكل هذا الذي تحدثت عنه، هل تشعر أنك بالألقاب التي تحصلت عليها بلغت القمة التي كنت تراهن عليها؟ 

فرانك ريبيري: أن أتوج بلقب عصبة الأبطال الأوروبية وأن أحصل مجددا على لقب البوندسليغا وأن أضيف إلى ذلك لقب كأس ألمانيا ولقب السوبر الأوروبي فهذا معناه أنني أمام سنة رائعة بكل المقاييس، لا أظن أنني لم أكن أحلم بها، ولكن لنكن صادقين فقد تحالفت مجموعة من الظروف لنقدم هذه السنة الرائعة التي لا يمكن وصفها بالإستثنائية في تاريخ باييرن ميونيخ على اعتبار أن هناك فترات أكثر روعة مرت بتاريخ الفريق البافاري، عموما أنا سعيد أن أكون قد قدمت الدليل على أنني أستحق أن أوضع في صف الكبار.

- المنتخب: ربما لن يكتمل فرحك بهذه السنة الأنطولوجية في مشوارك الكروي إلا وقد فزت بالكرة الذهبية كرابع لاعب فرنسي يحظى بهذا الشرف بعد ريمون كوبا وميشيل بلاتيني وجون بيير بابان وزين الدين زيدان؟

فرانك ريبيري: مجرد أن أوضع بين هؤلاء الكبار والإستثنائيين في تاريخ كرة القدم الفرنسية شرف كبير لي، ثم إن الإنتماء لفصيلة المبدعين الذين توجهم تاريخ كرة القدم العالمية بألقاب خلدتهم في ذاكرة الأجيال شيء يسعدني حقيقة، لا أخفي عليك أنني أنتظر هذا التتويج بفارق الصبر، ولا أخفي عليك أن زوجتي رتبت من الآن المكان الذي ستوضع فيه هذه الكرة الذهبية باعتبارها تاجا سيكون على رأسي وعلى رأس عائلتي وعلى رأس الكرة الفرنسية.

- المنتخب: أنت إذا تؤمن في قرارة نفسك أنك الأحق بهذه الكرة الذهبية؟

فرانك ريبيري: الأمر لا يتوقف علي شخصيا فأنا مؤمن أنني أستحق هذه الكرة الذهبية بالنظر للإنجازات التي حققتها مع باييرن ميونيخ هذه السنة، فكل لقب من الألقاب الأربعة التي تحصل عليها الفريق البافاري إلا وتجد فيها بصمة لريبيري، ولكن دعني أقول لك أن الأمر متوقف على عدد كبير من الذين إنتدبتهم الفيفا للتصويت، وتعرفون جيدا مع من أتنافس، عموما أنا سعيد كون أن إسمي يتقدم لائحة الترشيحات وسعيد أيضا أن أنافس على هذا اللقب الفخري لاعبين بقيمة كريستيانو رونالدو وليونيل 

ميسي.

- المنتخب: هل تظن أنك بحاجة إلى حملة دعائية لتنجح في الحصول على هذه الكرة الذهبية؟

فرانك ريبيري: أبدا، ليس هذا هو القصد فكل الذين سيصوتون سيكونون حثما أمام ضرورة تحكيم الضمير للإختيار الصحيح، هناك معايير وضوابط يجب الإعتماد عليها للوصول إلى أفضل تصويت، وأعتقد أنني نجحت في التوقيع على سنة خرافية بدليل أنني نجحت في إقناع الإعلاميين الرياضيين بأوروبا لمنحي لقب أفضل لاعب أوروبي لموسم 2012 ـ 2013.

- المنتخب: وهل ستكون حزينا إن أنت أخفقت في الحصول على الكرة الذهبية؟

فرانك ريبيري: بالطبع لن تكون نهاية العالم ولا يمكن أن تتملكني الحسرة ولكنني سأكون بالقطع حزينا كون أن الفرصة ضاعت مني لأنال هذا اللقب الفخري بخاصة عندما أكون قد وقعت على سنة كروية بالخصوبة التي تتحدثون عنها والتي تتحدث عنها الألقاب التي تحصلت عليها مع باييرن ميونيخ.

- المنتخب: طيب، لنعرج على موسمك السابع مع باييرن ميونيخ، ماذا تظن أن باييرن ميونيخ أضاف لشخصية فرانك ريبيري؟ 

فرانك ريبيري: لا يمكن أن أنكر ما كان من تأثير على شخصي وعلى أسلوب حياتي منذ أن إلتحقت بباييرن ميونيخ هذه القلعة

الكروية الشامخة التي لا يدخلها إلا الكبار وإلا من يتوسم فيهم تقديم الإضافة النوعية للنادي، يمكن القول أنني كنت قبل الإنضمام لباييرن شخصا آخر واليوم أنا أكثر نضجا وهدوءا وثقة بالنفس، لا يمكنني أن أنكر أيضا أن الحياة هنا في ميونيخ هادئة ومحفزة على العمل، فأبدا لم أشعر لا أنا ولا زوجتي بالغربة فالأجواء هناك حميمية، ثم إن الدخول في أغوار النادي والتطبع بطبعه جعلني أتخلى كليا عن كل ما كان في السابق يخدش طبعي ويؤثر على شخصيتي ويقدمني أحيانا للآخرين بشكل سلبي.

- المنتخب: تقصد أن الحياة في ميونيخ هذبتك؟

فرانك ريبيري: لا يمكن أن نلغي شيئا أساسيا هو أنني لما كنت لاعبا بفرنسا أو حتى في تجربتي القصيرة بتركيا مع نادي غلطة سراي لم أكن بالنضج الكامل، فقد كان هناك تهور الشباب والإنفعال الزائد وقلة الحكمة، إلا أنه بمجيئي إلى ميونيخ تغيرت الأمور وشعرت فعلا أن الحياة داخل باييرن تدفعك إلى التفكير في شيء واحد هو أن تتطور وأن تشتغل في العمق من أجل أن تضمن بقاءك في القمة، فليس هناك أروع من اللعب لناد بقيمة باييرن ميونيخ.

- المنتخب: حتى لو كان هذا النادي هو برشلونة أو ريال مدريد؟

فرانك ريبيري: كان معروضا علي الإنضمام لأحد هذين الناديين الكبيرين، ولكن الإختيار مال إلى باييرن ميونيخ، وأؤكد أنني أبدا لم أندم على ذلك.

- المنتخب: مع نهاية السنة الحالية لا يبحث فرانك ريبيري عن الكرة الذهبية فقط ولكن أيضا عن لقب خامس هو لقب كأس العالم للأندية؟

فرانك ريبيري: آه.. بالطبع سيكون أمرا رائعا لو توجنا سنتنا الأنطولوجية بالفوز بالكأس العالمية لنكون على قمة الهرم الدولي بكامل صفات الإستحقاق، ثم إن لباييرن ميونيخ ثقافة راسخة توارثتها الأجيال، هي ثقافة الفوز بالألقاب فأبدا لا ندخل منافسة إلا والعين على كأسها ولقبها، لذلك فإدارة باييرن ميونيخ والجهاز الفني واللاعبون وحتى الأنصار، الكل يراهن على الفوز بهذا اللقب العالمي، خصوصا وأن باييرن ميونيخ لم يسبق له أن فاز بكأس العالم بصيغتها الجديدة، فقد فاز فقط في سنوات خلت بكأس القارات للأندية.

- المنتخب: هذه الكأس العالمية ستقام في المغرب بأكادير ومراكش، هل تتفاءل مثل كل أفراد عائلة الباييرن بأن تقام هذه البطولة على أرض المغرب؟

فرانك ريبيري: أنا أكثر الناس تفاؤلا بل وأكثرهم سعادة، لا يمكن أن تتصور مدى فرحي بأن تنظم هذه البطولة على أرض مغربية مغاربية وعربية وإسلامية، فأنا كما تعرفون متزوج من جزائرية ومسلم ولي عشق خاص لكل دول المغرب العربي وغيرة أكبر على كل دول العالم الإسلامي، لذلك أنا مبتهج بأن تكون هذه البطولة على أرض المغرب التي لي فيها أصدقاء كثر وسأكون في قمة السعادة إن حالفني الحظ لأحصل على لقبي الخامس هذه السنة على أرض المغرب.

- المنتخب: بالقطع وصلتك أخبار عن مدينتي مراكش وأكادير؟

فرانك ريبيري: إنهما مدينتان ساحرتان لا تخلو من ذكرهما كل السير التاريخية والسياحية التي تتحدث عن أكثر المدن إستقطابا للسياح، وما أعرفه أيضا أن مدينة أكادير هي القبلة المفضلة للألمان ما يعني بالقطع أننا سنكون هناك في المغرب مساندين من قاعدة كبيرة من جماهيرنا ومساندين أيضا من المغاربة الذين يعشقون الباييرن ويعشقون فرانك ريبيري المعتز بإنتمائه للعالم الإسلامي الكبير.

- المنتخب: وهل تظن أن الطريق ستكون ممهدة ليحصل الباييرن على اللقب العالمي؟

فرانك ريبيري: نحتاج للفوز بمباراتين، سنلعب أولا أمام الفائز في لقاء بطل إفريقيا الذي هو الأهلي المصري وبطل آسيا الذي هو غوانجو الصيني، وإن تخطينا هذه العقبة بنجاح سنلعب المباراة النهائية والتي من المرجح أن تكون أمام نادي أتلتيتكو مينيرو البرازيلي، لا أظن أن المهمة سهلة ونحن نعرف أننا لن نذهب إلى أكادير للسياحة، سنذهب إلي هناك بتصميم عال وبتركيز كبير من أجل الفوز في المباراتين وإهداء جماهير الباييرن اللقب العالمي الذي تنتظره.

- المنتخب: تعرف المغرب حق المعرفة، ولكن هل تعرف جيدا كرة القدم المغربية؟

فرانك ريبيري: بالطبع على طول فترة الممارسة وحتى في فترة التكوين صادفت لاعبين مغاربة وجزائريين وأعجبت كثيرا بحسهم المهاري وبطاقاتهم الإبداعية الكبيرة، وإذا كانت المنتخبات المغاربية لا تنجح إلا لماما في فرض نفسها على الساحة العالمية فلأن هناك حاجة لبدل مزيد من الجهد على المستوى القاعدي لإعطاء هذه المنتخبات الهوية التكتيكية والشخصية الإنتصارية.

- المنتخب: طيب لنعد إلى باييرن ميونيخ، كيف إستقبلت تعاقد الإدارة البافارية مع بيب غوارديولا؟

فرانك ريبيري: من يتحدث عن غوارديولا يتحدث بالطبع عن مدرب أحدث ثورة نوعية في منظومة الكرة العالمية عندما قاد برشلونة إلى إكتساح كل الألقاب الأوروبية والعالمية بأداء قل نظيره، وعندما يكون من الضروري أن يأتي غوارديولا إلى باييرن ميونيخ ليخلف مدربا بقيمة يوب هاينكس الذي حققنا معه ألقابا كثيرة وبلغنا معه مستوى متقدم من الأداء الرفيع، أنذاك تتضح الصورة ونفهم كيف أنه من الرائع أن يأتي إلينا مدرب بقيمة غوارديولا وكيف أن الباييرن سيستفيد من هذا التنويع في أسلوب وهندسة الأداء، وقد برهن غوارديولا في زمن قياسي على أنه تكيف مع ثقافة وعادات الباييرن وعرف كيف ينزل بطريقة سلسة أسلوب الأداء الذي تكيفنا معه بصورة تبعث على الدهشة.

أنا يمكن أن أتحدث أيضا عن غوارديولا الإنسان فنحن معشر اللاعبين نهتم حقيقة بما يقدمه المدرب كجديد على المستوى الفني لتطوير الملكات والمهارات وقيادة الفريق لتحقيق الإنتصارات ولكننا نهتم أيضا بأسلوبه الإنساني في إدارة الأمور، غوارديولا إنسان رائع، سلس، كرزماتي ويشعر كثيرا بما نشعر به كلاعبين، والأمر ليس غريبا عليه فقبل أن يكون مدربا كان غوارديولا لاعبا من الطراز الرفيع.

- المنتخب: البعض تخوف من أن يحتاج غوارديولا إلى وقت طويل ليكيف أداء باييرن ميونيخ بالطريقة التي يفرضها الأسلوب الذي جاء به؟

فرانك ريبيري: لا يمكن الجزم بأن غوارديولا صدر لباييرن ميونيخ طريقة لعب جديدة، فنحن إستأنسنا بنمط متوارث على مستوى الأداء وإن كان هناك من تغيير فإن القصد منه هو تقوية أسلوب الأداء ليكون أكثر نجاعة وأقل تعرضا للهزات، وهذا ما يحدث اليوم.

- المنتخب: على المستوى الشخصي عاش فرانك مراحل صعبة في حياته تركت بلا شك ندوبا كالتي في وجهه، فكيف تمكنت من تجاوز هذه المراحل العصيبة؟

فرانك ريبيري: بالطبع الحادث الذي تعرضت له في سن صغيرة لم يهزم إرادتي الكبيرة في الحياة بل إنه قوّاني وجعلني أكثر تصميما على تحقيق النجاح، والتفكير في ما هو أعمق على اعتبار أن الشكل الذي نظهر به للناس ليس مؤثرا على طبيعة الشخصية، أما ما كان في مرحلة المراهقة الرياضية فلا أعتقد أن هناك لاعبا سلم منها، المهم أنني نجحت في تجاوزها وأصبحت اليوم أكثر نضجا ومسؤولية.

- المنتخب: البعض يريدك أن تكون قائدا ليس مع الباييرن فقط ولكن مع المنتخب الفرنسي أيضا، هل أنت مستعد لذلك؟

فرانك ريبيري: القائد له صفات يجب أن يتمتع بها منها القيدومية ومنها الكاريزما ولكنني شخصيا أفضل أن أكون مؤثرا بنسبة كبيرة في طريقة اللعب، فالقائد في باييرن هو غوارديولا والقائد في منتخب فرنسا هو ديشان وأنا من طبعي أصبحت متحفظا في إطلاق هذه الصفات لما جرته على البعض من ويلات (الإشارة هنا بالطبع إلى ما عاشه المنتخب الفرنسي في أعقاب كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا وإلى الضجة التي أحدثها رد باتريس إيفرا على مجموعة من التقنيين وقدماء اللاعبين الفرنسيين).

حاوره بميونيخ: بدرالدين الإدريسي