يراهن اتحاد طنجة هذا الموسم على وضع بصمته في البطولة والمنافسة على الألقاب، حيث قدم إشارات قوية منذ انطلاق الموسم على أنه سيكون حلقة مهمة في مسلسل المنافسة على الدرع، وتبرهن البداية الجيدة في البطولة ومواصلة التنافس على لقب كأس العرش، على أن فارس البوغاز قادم بقوة ويراهن لقلب الطاولة على منافسيه، لذلك لم تكن هذه البداية الرائعة ضربا من ضروب الصدفة، بل هي نتاج لمجموعة من الخطوات التي قام بها هذا الفريق ليصل لما وصل إليه اليوم.

بوغاز حرق المراحل
إنتظر اتحاد طنجة كثيرا ليعود للقسم الأول، حيث عانى الشيء الكثير في دهاليز القسم الثاني ليحقق روعة هلال الصعود في الموسم ما قبل الماضي، والأكيد أن فارس الشمال ذاق مرارة المعاناة في المواسم السابقة بسبب الصراعات الداخلية التي ذهب ضحيتها الفريق، قبل أن يتخلص منها بشق الأنفس.
وإذا كان أكثر الفرق الصاعدة غالبا ما يكون همَها وهدفها هو ضمان البقاء وتفادي النزول، فإن اتحاد طنجة كسر القاعدة وشكل الإستثناء في موسمه الأول، بعدما خطف الأضواء حيث أنهى الترتيب في المركز الثالث وضمن المشاركة في كأس الكونفدرالية الإفريقية، وفي ذلك إشارة على أن الإتحاد نجح في استعادة توهجه بسرعة، خاصة وأن كل المتتبعين دائما ما كانوا يؤكدون بأن مكان اتحاد طنجة في قسم الأضواء، إعتبارا للإمكانيات التي يتوفر عليها الفريق وكذا المدينة ككل.

إستقرار تقني
خطوة هامة قام بها المكتب المسير لاتحاد طنجة، عندما أقنع المدرب عبدالحق بن شيخة بتجديد عقده لموسم واحد، فبعد النتائج الإيجابية التي سجلها وكذا الثورة التي أحدثها الفريق في الموسم الماضي، فقد كان الشغل الشاغل للمسؤولين هو الحفاظ على الإستقرار التقني وعدم التفريط في المدرب بن شيخة.
ورغم أن هذه الخطوة لم تكن سهلة مع بن شيخة الذي طالب بتوفير الإمكانيات والإنتدابات، كما أنه تلقى عروضا مهمة من أندية محلية وأخرى خليجية، إلا أنه في الأخير آثر البقاء ومواصلة مغامرته ومشروعه مع فريقه، إذ نتذكر الجملة التي قالها بعد توقيع عقد التجديد «طنجة ولَافة»، هذه الخطوة إرتاحت لها جماهير الفريق، خاصة وأن المدرب الجزائري بات يحظى بشعبية كبيرة داخل أوساط الجماهير الطنجاوية. 

ثورة بشرية
الهاجس البشري كان من النقاط التي ركز عليها المدرب عبدالحق بن شيخة، فرغم النتائج الإيجابية التي سجلها في الموسم الماضي وتألق مجموعته البشرية، إلا أن المدرب الجزائري آثر هذا الموسم القيام بثورة بشرية وتعزيز صفوفه بلاعبين جدد، غير أن الملاحظ هو أن  الإنتدابات لم تكن بطريقة عشوائية بل مركزة وذكية، خاصة وأن المدرب هو من أشرف عليها وعرف ما يحتاجه وما لا يحتاجه في الميركاطو الصيفي.
لاعبون من قيمة إسماعيل بنلمعلم ومحمد أمسيف وعادل المسكيني والمهدي بلطام وعمر المنصوري ويونس الحواصي وغيرهم، سيشكلون من دون شك إضافة مهمة للفريق وسيشعلون المنافسة على الرسمية، وهو في حد ذاته دافع للرفع من مستوى الفريق واللاعبين ومن درجة المنافسة، لذلك يبقى العنصر البشري وغنى التركيبة من نقاط قوة اتحاد طنجة هذا الموسم، وسيتيح لربان البوغاز توسيع دائرة اختياراته.

بداية رائعة، هل من مزيد؟
أرسل اتحاد طنجة إشارات قوية مع بداية الموسم، في ظل النتائج الإيجابية التي وقعها الفريق هذا الموسم، عل مستوى البطولة، حيث دك شباك الدفاع الجديدي برباعية نظيفة، وفي الدورة الثانية عاد بفوز أمام النادي القنيطري، وأدرك فوزه الثالث تواليا أمام شباب قصبة تادلة، ما يقول بأن مهمة أشبال المدرب عبدالحق كانت ناجحة وتؤكد أنهم يقدمون البداية المثالية.
وغالبا ما تكون بداية أي موسم دالة على طموحات أي فريق وكذا وزنه وقيمته ومدى استعداده، لذلك قدم فارس البوغاز إشارات قوية مع الإنطلاقة كونه سيكون له شأن هذا الموسم وسينافس بضراوة على الدرع.
تألق اتحاد طنجة لا ينحصر فقط على البطولة، ولكن أيضا على مستوى كأس العرش، إذ ما زال في سباق المنافسة على الكأس الفخرية، والأكيد أن مكونات هذا الفريق متعطشة لترى فريقها على الأقل في النهائي، إذ ينتظر أن يكون منافسا قويا، حيث سيواجه اتحاد الخميسات في دور الثمن.

المال.. الهاجس الكبير
يبقى الهاجس المالي من النقاط التي تشغل بال المكتب المسير للفريق، خاصة مع السيولة المالية التي احتاجها الفريق من أجل القيام بانتدابات وازنة والتي فاقت المليار سنتيم، والأكيد أنه من يتابع الأسماء التي انتدبها سيتأكد له بأن إدارة فريق الشمال راهنت على هذا الجانب، علما أن ميزانية الفريق تعاني منذ الموسم الماضي.
ويبدو أن الإنتدابات قد استنزفت الكثير من ميزانية الفريق، خاصة أن بعض اللاعبين الذي غادروا الفريق ما زالوا ينتظرون مستحقاتهم العالقة ورفعوا ملفاتهم للجامعة.
إحتياجات فارس البوغاز مرشحة من دون شك للإرتفاع  في المواسم المقبلة، في ظل المستوى الذي بات يلعب عليه وكذا الأهداف المستقبلية التي يخطط لها، ما سيدفع المكتب الحالي إلى البحث موارد قارة ومواصلة الإجتهاد في الشق المالي، رغم المجهود الذي قام به الرئيس حميد أبرشان في الفترة الأخيرة، إذ استطاع حل بعض المستحقات المالية العالقة.

إستقرار إداري ..السر الآخر
لم يجد الرئيس حميد أبرشان بدا من الإستمرار في قيادته الدفة التسييرية لفريقة ومواصلة رئاسته اتحاد طنجة، فرغم أنه سبق أن أكد في وسط الموسم الماضي أنه لن يترشح لولاية ثانية وسيترك المشعل لوجوه أخرى لمواصلة المشوار، إلا أنه وجد نفسه مكرها للبقاء في منصبه بعد أن انتخب لولاية ثانية، خلال الجمع العام الذي غاب عليه أي مرشح لمنافسته، وبالتالي سيواصل أبرشان مهمته لأربع سنوات أخرى، وقد ارتاحت لها جميع المكونات في ظل العمل الذي قام به الرئيس، بدليل النتائج التي سجلها الفريق بصعود الأخير للقسم الأول، وكذا للموسم الإستثنائي الذي وقع عليه، ناهيك أيضا عن المجهودات التي قام بها على المستوى المالي رغم العراقيل التي وجدها، ومع ذلك فإن أبرشان يراهن على المرحلة المقبلة ليتغلب على الهاجس المالي، ويجعل أيضا اتحاد طنجة في مصاف الأندية القوية في السنوات الأربع المقبلة.

الجمهور.. الغائب الأكبر
إرتبط إسم اتحاد طنجة في السنوات الأخيرة بجمهوره العريض، الذي تألق بشكل ملفت وخطف الأضواء، وغالب ما كان فارس البوغاز يجري مبارياته أمام أكثر من 50 ألف متفرج، كانوا يؤثتون ملعب طنجة الكبير، بل شكل دافعا قويا لهذا الفريق، وكان بمثابة رقم 12 وساهم بقسط كبير في الثورة الذي قام بها هذا الفريق وكذا النتائج الإيجابية، غير أن الأمور تغيرت مع بداية الموسم، حيث هجر الجمهور الأزرق مدرجات الملعب وأجرى أولى مباريات هذا الموسم أمام عدد قليل لم يتعود عليه اللاعبون، وتأكد بأن شيئا ما ينقص الفريق.
غياب الجمهور جعل المدرب عبدالحق بن شيخة يناشد الأنصار بالعودة إلى المدرجات، وقال بأن اتحاد طنجة من أكبر المتضررين بغياب جمهوره، كما ناشد رئيس الفريق حميد أبرشان الجماهير بالعدول عن المقاطعة، ويكفي الذكر بأن هذا الجمهور ساهم، بل يساهم في إغناء خزينة الفريق، للتـأكد بأن اتحاد طنجة تضرر كثيرا من عزوف الجمهور الأزرق.