بالرغم من إكراه اللعب خارج القواعد للموسم الثاني على التوالي بحكم إغلاق مركب محمد الخامس، فإن نتائج الوداد البيضاوي لم تتأثر، حيث إستطاع الفريق الأحمر تجاوز خروجه من نصف نهائي عصبة الأبطال الإفريقية بشكل سريع، ليحقق إنطلاقة قوية على مستوى البطولة الإحترافية التي بات يتصدر ترتيبها بعد مرور ثماني دورات مع توفره على مباراة ناقصة، وبهذه النتائج الإيجابية يكون الفريق الأحمر قد أرسل إشارات واضحة أكد من خلالها عزمه إستعادة اللقب الذي ضاع منه في أخر دورات الموسم الماضي لصالح الفتح الرباطي، فما هو سر هذه البداية الموفقة؟ وهل بإمكان الشياطين الحمر مسايرة هذا الإيقاع والحفاظ على الصدارة إلى نهاية البطولة؟

تعويض الإخفاق القاري
يبدو جليا بأن الفوز على الزمالك بخماسية في إياب نصف نهائي عصبة الأبطال الإفريقية بمركب مولاي عبد الله كان له الوقع الإيجابي في نفوس اللاعبين، حيث خرجوا مرفوعي الرأس من هذه المنافسة القارية، وإستطاعوا إمتصاص غضب الأنصار بعد نكسة الذهاب، وبالتالي فقد ساهم هذا الفوز العريض في إعادة الثقة للعناصر الودادية، كما دفعها للتركيز أكثر على منافسات البطولة المحلية والهدف الأساسي هو تعويض الجماهير عن ذلك الإخفاق على المستوى القاري، وكذا الفشل في الحفاظ على لقب البطولة الذي تنازل عنه الفريق الأحمر لفائدة الفتح الرباطي في أخر الدورات من عمر البطولة.

دوسابر بفكر جديد
أكدت المباريات الأخيرة التي خاضها الوداد البيضاوي تحت قيادة الويلزي طوشاك عجز الأخير عن تدبير هذه المرحلة، خاصة بعد خروج الفريق الأحمر من منافسات كأس العرش مبكرا، وجاءت الهزيمة برباعية أمام الزمالك لتضع نهاية لعهد طوشاك مع الفريق الأحمر، ليقع الإختيار على المدرسة الفرنسية في شخص سيباستيان دوسابر، الأخير كانت لديه تجارب سابقة بدول عربية وإفريقية،و يعرف جيدا عقلية اللاعب الإفريقي، كما أن حماسه وقرب سنه من اللاعبين ساعده كثيرا على النجاح في مهمته، هذا بالإضافة لعامل اللغة ما مكنه من التواصل بشكل جيد مع اللاعبين، حيث أصبحت الرسالة تصل بطريقة أفضل، وهذا يؤكد بأن هذا التغيير على مستوى الإدارة التقنية قد ساهم بدوره في تحسن  النتائج وحصول الدكليك الذي بحثت عنه إدارة الفريق، بفضل الفكر الهجومي للمدرب دوسابر والذي إنطبق بشكل كبير مع مؤهلات لاعبي الوداد. 

إنتدابات وازنة لسد الخصاص
بالرغم من منافسة الفريق الأحمر في الموسم الماضي على واجهتي البطولة المحلية وعصبة الأبطال الإفريقية، فإن تركيبته البشرية كانت تعاني من الخصاص في بعض المراكز، لذا حاول المكتب المسير بتنسيق مع الإدارة التقنية القيام بإنتدابات وازنة عززت بها كل الخطوط، حيث كان الهدف أولا هو المنافسة بقوة على الواجهة القارية، وفي هذا الإطار إستفاد الفريق من ثلاثي المغرب التطواني لمرابط، بلخضر وخضروف، ثم المدافع الأيسر أكتاو، ويبقى ثنائي الهجوم الليبيري ويليام جيبور وأشرف بنشرقي أهم الصفقات الرابحة التي وقع عليها الفريق الأحمر، والدليل هو مساهمتهما في تحقيق مجموعة من النتائج الإيجابية، في حين لا زال الجمهور الودادي ينتظر إستيقاظة النيجيري شيكاطارا.

الإستئناس بالمنافسة على أعلى مستوى
إستأنست العناصر الودادية بالأجواء الإفريقية حيث خاضت مباريات كبيرة مع أندية إفريقية عملاقة، من مختلف المدارس الكروية.هذه التجربة الإفريقية كان لها الأثر الإيجابي على مردوية اللاعبين، فليس من السهل مجاراة إيقاع المباريات التي تجرى في الأدغال الإفريقية، وتحمل الظروف المناخية و كذا حالة الملاعب وضغط الجماهير، فهذا الإحتكاك كان مهما للاعبين، وكما توفقوا في تحقيق مجموعة من النتائج الإيجابية في الأدغال الإفريقية فإنهم لم يجدوا صعوبات كبيرة في المنافسات المحلية بالرغم من خوض المباريات خارج القواعد، وبالتالي فقد نجحوا في كسب العديد من النقط، وتسلق الدرجات إلى حين إعتلاء الصدارة عن جدارة وإستحقاق.

حصيلة وأرقام
مرت ثماني دورات من عمر البطولة، خاض منها الفريق الأحمر سبع مباريات، جمع فيها 19 نقطة من ستة إنتصارات و تعادل وحيد أمام الدفاع الحسني الجديدي، سجل هجوم الفريق 17هدف كأقوى هجوم بمعدل 2.42 هدف في كل مباراة، في حين قبلت شباكه ستة أهداف، بمعدل يقل عن هدف واحد في كل مباراة. وهي حصيلة جد إيجابية تزكي هذه الإنطلاقة القوية التي قد تعتبر مؤشرا على نضج العناصر الودادية، وكذا فعالية الخط الأمامي الذي يتكون من عناصر وازنة أظهرت عن علو كعبها في كل المباريات، حيث إستطاعت تسجيل أكثر من هدف في كل مباراة بإستثناء المباراة الأخيرة حيث إكتفت بالفوز بهدف نظيف على حساب النادي القنيطري.

هل بالإمكان الحفاظ على الإستمرارية؟
هناك مجموعة من العوامل ساهمت في تألق الوداد وتفوقه على باقي منافسيه مع بداية البطولة، منها تواجد تركيبة بشرية غنية تعامل معها الطاقم التقني بشكل جيد بإعتماد نظام المداورة لتفادي التأثر بضغط المباريات وكذا الأعطاب، إضافة لمعيار الجاهزية ما ساهم في خلق تنافسية بين كل اللاعبين، ومن جهة أخرى عمل المكتب المسير بدوره على توفير كل الظروف الملائمة التي تساعد على تحقيق نتائج جيدة، وإن كان الوداد قد قدم الكثير من القناعات في المرحلة السابقة فإن البطولة لازالت طويلة وشاقة، وتتطلب الإستمرارية والنفس الطويل، لذا من السابق لأوانه الحكم على مدى إمكانية سير الفريق بثبات نحو اللقب، وحفاظه على هذه المكتسبات التي تحققت لحد الساعة، وبالتالي تفادي تكرار سيناريو الموسم الماضي. فالجماهير الودادية تتوق لمعانقة الألقاب والسير بثبات نحو اللقب رقم 19، ومن دون شك فإن المباريات القادمة ستكون حارقة باعتبار المواجهة مع منافسين مباشرين، والحفاظ على الإستمرارية والمساندة اللامشروطة هو الكفيل بإعادة الوداد لسكة الألقاب.