وسط زخم التحولات التي تعيشها الكرة المغربية، برز اسم طارق السكتيوي كأحد أبرز رجالات الجيل التدريبي الجديد، الذي جمع بين رصانة التجربة الأوروبية كلاعب، وذكاء التوظيف المحلي كمدرب، ليصبح اليوم أحد العقول التكتيكية التي تراهن عليها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، خاصة في فئة المنتخبات الشابة. 

ولد طارق السكتيوي في مدينة فاس سنة 1977، وبدأ مشواره الكروي من العاصمة العلمية، حين حمل قميص المغرب الفاسي، قبل أن يفتح لنفسه أبواب الاحتراف في أوروبا، من أوكسير الفرنسي إلى ماريتيمو البرتغالي ونيوشاتل السويسري، ثم تألقه اللافت في الملاعب الهولندية مع فيلم تو تيلبورغ وألكمار، وصولًا إلى مغامرته الأبرز مع نادي بورطو البرتغالي، التي زادت من إشعاعه القاري. كما خاض تجارب خليجية مع نادي عجمان الإماراتي، ليعود بعدها إلى المغرب ويختتم رحلته في فريقه الأم، المغرب الفاسي. 

لكن السكتيوي، الذي طالما لعب بأسلوب هجومي أنيق، لم يكن مستعدًا لمغادرة المستطيل الأخضر دون أن يترك بصمته التدريبية. فبدأ مغامرته مع الأندية، وقاد فرقا مثل نهضة بركان والاتحاد التوركي والمغرب الفاسي، قبل أن يجد مكانه الطبيعي في المنتخبات الوطنية، وتحديدًا في الفئات الشابة، حيث قاد منتخب تحت 19 سنة، ثم المنتخب الأولمبي.

ومع المنتخب الأولمبي المغربي، كتب السكتيوي واحدة من أجمل الصفحات في سجل الكرة الوطنية، حين قاد "أشبال الأطلس" إلى الميدالية البرونزية في أولمبياد باريس 2024، بعد عبور تاريخي إلى ربع النهائي، في إنجاز غير مسبوق لمدرب مغربي في تاريخ الألعاب الأولمبية. هذا النجاح لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة لأسلوب تدريبي يُعلي من قيمة اللعب الجماعي والهجوم المبكر والضغط العالي، وهي فلسفة يؤمن بها السكتيوي ويغرسها في لاعبيه عبر التحفيز النفسي والانضباط التكتيكي.

اليوم، يقف طارق السكتيوي على أعتاب تحدٍ جديد، بعدما أوكلت له الجامعة مهمة قيادة "أسود الأطلس المحليين" في بطولة "الشان 2025"، في سعي لتحقيق لقب ثالث بعد تتويجي 2018 و2020. وبين الماضي الحافل كلاعب، والحاضر المتوهج كمدرب، يطمح السكتيوي لتكريس اسمه ضمن لائحة المدربين الذين يصنعون التاريخ ولا يكتفون بروايته.