هناك قولة مأثورة كثيرا ما تتردد على أسماعنا، كلما كنا إزاء مباراة نهائية لبطولة عالمية أو حتى قارية، تقول "المباريات النهائية تُربح ولا تُلعب"، لكن عندما تعلق الأمر بمنتخبنا الوطني للشباب، وقد بلغ لأول مرة في التاريخ نهائي كأس العالم، فما شاهدناه وما شاهده العالم بالعين المجردة أن فريقنا الوطني لعب النهائي وربحه، أي أنه جمع بين الحسنيين، فخامة العرض وسحر الخاتمة وروعة التتويج.
ستقولون، وأين تجلت هذه الفخامة في العرض؟
في الإنضباط التكتيكي الذي تميز بها الفريق الوطني عن كل المنتخبات التي جاءت إلى هذه النسخة من كأس العالم لأقل من 20 سنة بالشيلي، وبه نجح في ترويض كل المنتخبات التي خرجت من أرقى منظومات التكوين في العالم، وكان خاتمتها منتخب الأوجنتين الذي ابتلع كل المنتخبات التي كانت في طريقه، بمهارة وجسارة وجدارة تكتيكية.
كانت المباراة النهائية وهي للأمانة، تؤسس لمدرسة مغربية ولفكر تكتيكي مغربي، نموذجا حيا للنبوغ الذي ظهر به الأشبال من أول مباراة لهم أمام منتخب لاروخيتا وصولا إلى منتخب فرنسا، والمتمثل في هذه القدرة على المزج الجميل بل والمبهر بين كل الأساليب التكتيكية، فإن احتاجت المباراة للكتلة المنخفضة أجادوا فيها، وإن احتاجت للهجمة المنظمة أبدعوا فيها، وإن احتاجت للضغط العالي أبانوا فيه عن علو كعب، وعن حجم المهارة والإبداع في اللمسة الواحدة والتدوير الجماعي.
لقد كانت كلمة السر في كل الذي شاهدناه، في كل المباريات وليس فقط في مباراة النهائي أمام راقصي الطانغو، هي "الإنضباط التكتيكي العالي" والذي يعتبر أمرا مذهلا في أعمار هؤلاء الأشبال.
وعندما حكم هدف ياسر الزابيري العالمي، من تنفيذ عالمي لضربة خطأ مباشرة، على الأشبال باللعب بالكتلة المنخفضة، أعطوا الكرة والمساحات للاعبي الأرجنتين، لكنهم أبدعوا في أمرين إثنين، أولهما انضباط تكتيكي كبير عند تنفيذ الواجبات الدفاعية، وثانيهما الهجمة المرتدة الخاطفة، بكل درجات النجاعة الممكنة، ومن إحداها جاء الهدف الثاني لياسر الزابيري، فما شاهدناه على طول 90 دقيقة فريق أرجنتيني يطوق عنقه بحبل من نار جراء الإستحواذ السلبي.
ما رأى هذا المونديال أجمل من الأشبال في جماعيتهم وفي إصرارهم على ربح كل المعارك وفي روحهم الجماعية، ولكن على الخصوص في انضباطهم التكتيكي الذي جعل منهم أبطالا للعالم.
إضافة تعليق جديد