عندما تحضر صور جياني إنفانتينو رئيس الفيفا، وهو يجامل باتريس موتسيبي رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بكلمات مسجوعة، تقطر عسلا، لا نصدق ما تتجرعه كرة القدم الإفريقية بعد ذلك من سم زعاف، ولا نستسيغ، أن يأتي بعد كل كلمات الإعجاب المنمقة، تقديح مستفز للمشاعر.
كانت الكاف في طريقها، لتنظم النسخة الخامسة والثلاثين لمسابقتها الأم، كأس أمم إفريقيا، الضرع الذي من حليبه تشرب كل القارة، صيف سنة 2025 بالمغرب، فليس أجمل من أن تنظم مسابقة كروية إفريقية في بلد من شمال القارة في هذا الفصل تحديدا، فكأنما تضع هذه البطولة رداء من زمرد يضمن إشعاعها وبريقها، قبل أن تعلن الفيفا عن ميلاد النسخة المحينة والموسعة لكأس العالم في الأندية، وتضع لها تاريخا، صيف سنة 2025 بالولايات المتحدة الأمريكية.
كثير من التجرؤ والتنطع وفرض الأمر الواقع على مؤسسة مغلوب على أمرها، وقليل من إحترام المؤسسة الأم (الفيفا) للإتحادات القارية، وقد وجدت الفيفا برغم ما يظهره رئيسها من ود للأفارقة، أن ترحيل كأس أمم أفريقيا عن موعدها، لتنظم شتاء، نوع من فرض سلطة الوصاية، ولكن أيضا صك عقاب للمونفدرالية الإفريقية التي تظهر تشبثا كبيرا بجدولة مسابقته الأم، وسط الموسم الكروي ومرة كل عامين.
آخر مظاهر العبث "المُعوْلم"، أن الفيفا انحازت للأندية الأوروبية، وسمحت لها بالإحتفاظ بلاعبيها الأفارقة لغاية الخامس عشر من شهر دجنبر الحالي، أي أن مدربي المنتخبات الإفريقية المؤهلين لكأس أمم أفريقيا، لن يحصلوا على لاعبيهم الممارسين بأوروبا، إلا خمسة أيام فقط، قبل إفتتاح المونديال الإفريقي بمباراة المغرب وجزر القمر، وكلنا يعلم أن غالبية المنتخبات الإفريقية، تتشكل بنسب مائوية عالية من لاعبين ينشطون في البطولات الأوروبية.
هذا التقليص المثير للجدل في المساحة الزمنية المتروكة للمنتخبات، لتحضر نفسها لمسابقة قارية رفيعة المستوى، بقدر ما يربك البرنامج التهييئي ويسقط كل إمكانية لبرمجة محك ودي واحد على الأقل، بقدر ما يمعن في إذلال الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بل والتطاول عليها بشكل لا يمكن أن تقبل به اتحادات قارية أخرى، والسكوت عليه هو جريمة، أو هو كالسكوت الذي يوصف بالشيطان الأخرس.
في أعراف وتقاليد وحتى أحكام المسابقات، عالمية أو قارية، يفرض الإتحاد الدولي لكرة القدم، ترك مساحة زمنية لا تقل عن عشرة أيام، لتتهيأ المنتخبات بكامل لاعبيها لأي استحقاق تقبل عليه، وعندما يقتطع من هذه المساحة الزمنية نصفها، فهذا أمر موجب لطرح السؤال الإستنكاري على الفيفا، التي لا تكيل أبدا بمكيال واحد. سؤال الغزل الذي يوجد في طياته ضرب شنيع للمصالح.
ويكفي أن نطلع على ردات الفعل القوية لعدد من مدربي المنتخبات الإفريقية الذين يهيئون أنفسهم للكان القادم، وهم يبرزون للفيفا العين الحمراء، ويطالبوها بإظهار ولو قليل من الإحترام للقرة الإفريقية، لنقف على خطورة القرار وأبعاده السلبية.
إضافة تعليق جديد