بصدر رحب قبل مدرب منتخب مالي آلان جيريس الإجابة على أسئلة «المنتخب» التي حاصرته على هامش مناظرة الصخيرات الأخيرة، والتي أصر على التواجد بها والمساهمة في أشغالها رفقة مدربين آخرين من خبراء الكرة السمراء.
متوسط ميدان المنتخب الفرنسي في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي قرأ فنجان المناظرة ومستقبل إفريقيا من زاويته، وفتح ملف وضعية منتخبه النسور ورؤيته لمبارتيه المقبلتين ضد أسود الأطلس ضمن تصفيات مونديال روسيا 2018 مطلع شهر شتنبر القادم.

ــ حضرت الأيام الإفريقية الأخيرة بالصخيرات وحرصت على تتبع أبرز ندوات المناظرة، ما هو تقييمك لها؟
«أولا سعدت كثيرا عندما سمعت عن إقامة مناظرة كروية إفريقية شاملة هي الأولى في تاريخ الكرة السمراء، تفاجأت في البداية لأن الأفارقة عادة ليسوا من عشاق المناظرات وتشريح الواقع وتخطيط المستقبل، ولم أتردد في الحضور رفقة مساعدي لمعرفة المستجدات والوقوف على الندوات، صراحة لمست ثورة قوية ورغبة كبيرة في التغيير، وخرجت بقناعات أن عهد العشوائية والتسيير الأوحادي ولّى بقدوم رئيس كاف جديد متحمس وبأفكار جديدة هو أحمد أحمد.»
ــ ما هي الإستنتاجات التي خرجت بها فيما يخص التوصيات الجديدة؟
«لقد كانت هناك نقاشات وعدة ورشات أطّرها عدة خبراء ومسؤولين ومدربين ولاعبين سابقين، هذا شيء بالغ الأهمية لأن أصحاب الإختصاص هم من يعرفون الواقع وكيف تُجرى الأمور، وهم الأدرى بإيجاد الحلول ورسم خارطة الطرق، حاولت طيلة الأيام الإفريقية مواكبة وحضور بعض الورشات إلى جانب الجلسات الرسمية والندوات الأساسية للمناظرة، وبقدر ما رحبت بالتوصيات بقدر ما ثمنت القرارات والإقتراحات العميقة والمتعددة والتي كانت بطريقة تشاركية وإستشارية، أعتقد أن حصيلة المناظرة إيجابية وجيدة وتبعث على التفاؤل شريطة الإسراع بتفعيل القوانين الجديدة والحرص على تتبعها بطريقة تمزج بين السلاسة والصرامة.»
ــ أبرز التوصيات والقرارات كانت التحول من 16 منتخبا إلى 24 في كأس أمم إفريقيا، هل أنت موافق أم لا خصوصا وأنك الخبير والعارف جيدا بالبطولة والأجواء الإفريقية؟
«هو قرار شجاع تمت دراسته من مختلف الزوايا الكروية واللوجيستيكية والتسويقية، الإنتقال من 16 منتخبا إلى 24 سيسهل كثيرا مهمة المنتخبات التقليدية والأضلع الكبرى في مشوار التصفيات، إذ سنجدها جميعا حاضرة في النهائيات عكس الدورات السابقة التي عرفت غياب أبطال سابقين كنيجيريا ومصر وجنوب إفريقيا، كما ستفتح المجال لمنتخبات توصف بالصغيرة أو الصاعدة لتمسك بخيوط الأمل السميكة للعبور، ستكثر المباريات وسيرتفع معدل التشويق وسيتصارع أكبر عدد من المنتخبات على اللقب، أعتقد أن المستوى التقني قد يرتفع كما قد ينخفض حسب سياق البطولة وظروفها ولياقة المنتخبات المشاركة، المؤكد أن الزيادة ستخدم الجانب المالي والتسويقي بشكل لا نقاش فيه، لكن الجدل كل الجدل سيرافق الجوانب اللوجيستيكية والدول القادرة على تنظيم حدث كبير بعدد كبير من المنتخبات والوفود.»
ــ ردود أفعال كثيرة حول هذه النقطة ودفتر التحملات الجديد للدول الراغبة في إقامة الكان، ألا ترى أنه كان بالإمكان إقامتها كل 4 سنوات تجنبا للمشاكل؟
«الكاف هي من ترى مصلحتها ومصلحة الكرة الإفريقية، لقد قررت الإبقاء عليها كل سنتين مع تحويل تاريخها من الشتاء إلى الصيف وهذا أمر جيد وسيفرح الأندية الأوروبية والمدربين، وسيسعد أيضا المنتخبات الإفريقية التي كانت تُحرم من أبرز نجومها في يناير لأسباب عدة، فيما يخص دفتر التحملات الجديد فهو لا يمكن إلا أن يخدم البطولة ويحسن صورتها، فلطالما عانينا من سوء الملاعب والإقامة والتنقل وباقي الأمور، صحيح أن بلدانا قليلة جدا هي من لديها القدرة الآن على إستضافة الكان بدءا من نسخة 2019 التي ما زالت محط إستفهام حول مكانها، لكن كان لا بد من هذه الخطوة لتشجيع الدول الراغبة في التنظيم على الإجتهاد وتنمية الإقتصاد ومسايرة التطور والإيقاع، وإلا فلا هدايا ومساعدات تعود بالضرر والسوء على صورة كأس أمم إفريقيا.»
ــ هل أنت متفائل بالقرارات الأخيرة للكاف وقدرة الرئيس أحمد وفريقه على التغيير والتطهير؟
«لمست كبقية المتتبعين والمدربين والمتدخلين الرغبة والحماس لدى الرئيس أحمد وفريقه وهو أمر غير معتاد في السنوات السابقة، جميع خطاباته تقوم على عبارات التغيير والتطور والشفافية والتواصل، هذه الأشياء تبعث على التفاؤل وتطالبنا نحن كمساهمين في مد يد العون والإشتغال مع مؤسسة الكاف لصالح الشعوب الإفريقية وكرتها، بحكم خبرتي في الملاعب الإفريقية أرى أن التغيير شيء صعب ومعقد لأنه سيصطدم بالعقليات والواقع المر والعشوائية في التدبير، لكنني واثق من قدرة الرئيس أحمد على إحداث ثورة جذرية والتقدم بكرة القدم الإفريقية، شريطة تنزيل القرارات وتفعيل القوانين الجديدة، لأن الأصعب هو التفعيل وليس إصدار القرارات.
لنطوي صفحات الكاف والمناظرة ونفتح صفحة منتخب مالي الذي تتولى تدريبه، كيف هي أحواله بعدما كان في راحة طويلة عقب قرار إيقاف أنشطة الكرة بالبلد من قبل الفيفا إثر التدخل الحكومي وحل الإتحاد المحلي للكرة؟
«لقد كانت مرحلة صعبة عشنا فيها في الظلام والغموض، كيف لك أن تسير وتدرب وتخطط  طريق منتخبٍ محروم من المشاركة الخارجية، كنا في المجهول قبل أن يتم رفع الإيقاف وتعود المياه إلى مجاريها، الآن رجع الهدوء وعادت أجواء التحضيرات للإستحقاقات الكروية المهمة بكل جدية وإصرار، ونطمح للتأهل إلى كأس أمم إفريقيا 2019 والدفاع عن حظوظنا في إقصائيات كأس العالم 2018.»
ــ على ذكر كأس العالم 2018، ما زلتم في غمار التصفيات لكنكم تحتلون المرتبة الأخيرة بنقطة واحدة من مبارتين، وتنتظركم بعد أسابيع قليلة قمتين حاسمين ضد المغرب ذهابا وإيابا..
«أؤكد لك أن لا شيء حُسم بعد ومجموعتنا قابلة لجميع الإحتمالات، حظوظنا لا زالت قائمة وستتقوى إن خرجنا بنتيجتين إيجابيتين أمام المغرب، المهمة صعبة جدا لطبيعة الخصوم والجدولة الزمنية للمباريات، لكننا سنقاتل وسنلعب الكل للكل لتحقيق الإنتصار وتسلق درج الترتيب.»