يتراكم الوجع في صدر عبد الرزاق حمد الله الغوليادور العابر للقارات، وجع الإصابات التي تحرمه من عشقه الأدبي، غزو الشباك، ووجع الإشاعات التي تنتشر فلا تترك مكانا للحقيقة، ووجع البعاد عن عرين أسود ألأطلس الذي استقبله شبلا، غير أن ذاك الوجع لا يخنق فيه الأمل في المستقبل ولا يصيبه باليأس في ملاحقة الإنجازات التي ترصع اليوم رصيده الكروي والإنساني.
إختار حمد الله نادي الريان، قلعة الرهيب بقطر، ليواصل العزف على وتر الإبداع وهو مستعد لأن يصاقر الغوليادور المغربي الآخر يوسف العرابي في أرض محايدة، مع أن المنتصر في النهاية هو الإبداع المغربي الذي يغزو العالم.
الحوار مع حمد الله متعة متجددة، فالرجل مؤمن بقدره، سعيد بحاضره، مقبل على الحياة، لا يعرف يأسا ولا كللا.. إليكم الدليل.

- المنتخب: سرتنا عودتك للملاعب بعد غياب شبه طويل إثر عملية جراحية دقيقة خضعت لها؟
حمد الله: تلك العملية الجراحية أصبحت من الماضي، فقد شافاني الله وعدت معافى للملاعب، ولم تكن الغيبة طويلة للدرجة التي تقلق، أو كما تم الترويج لذلك خطأ في بعض وسائل الإعلام.

- المنتخب: ولكن مضى زمن طويل حتى سمعنا بالغوليادور يعود ليمارس عادته في التهديف؟
حمد الله: لقد أخذت من الوقت، ما كان كافيا للتعافي من إصابة بليغة خضعت على إثرها لعملية جراحية دقيقة.
إصابة أعقبت موسما رائعا كنت قد قضيته بصفوف نادي الجيش، توجت خلاله بلقب الهداف مناصفة مع البرازيلي تاباتا، وقد بذل الطاقم الطبي للنادي ولمستشفى اسبيتار مجهودا كبيرا من أجل تجهيزي بأسرع وقت ممكن للعودة للملاعب، للأسف ضغط الإلتزامات المحلية والقارية جعل إدارة الجيش تبحث عن لاعب بديل يسد الثغرة التي تركتها.
ومع إيماني المطلق بأن ما حدث معي كان قدرا مقدرا، فقد حمدت الله على ما أصابني وركزت بالخصوص على التخلص كليا من آثار وتداعيات الجراحة، إلا أنني أحبطت لمعرفة أن الجهاز التقني لم يضع في الإعتبار أنني سأكون جاهزا للعودة إلى التباري مستهل العام الحالي، فما كان علي إلا أن أظهر نوعا من رباطة الجأش لعبور الأزمة النفسية.

- المنتخب: ألهذا فكرت في الإنفصال عن نادي الجيش والتوقيع لنادي الريان؟
حمد الله: تعرف أنه بنهاية الموسم الماضي صدر قرار بدمج نادي الجيش مع نادي الدحيل، لذلك كان قراري هو أن أبحث عن فريق آخر.

- المنتخب: فقررت الإنضمام لنادي الريان الذي يعد من الأندية القوية والمرجعية بقطر؟
حمد الله: هو ما قلت بالضبط، فالريان من أعرق الأندية بقطر ومن أكثرها تمتعا بجماهيرية كبيرة، لقد عاش لحظات عصيبة رمت به للدرجة الثانية، إلا أنه عندما عاد للدرجة الأولى بدوري نجوم قطر، عاد قويا، بدليل أنه نجح خلال الموسم قبل الماضي (2015ـ2016) في الظفر باللقب، لقد حقق ذلك بعلامة الإمتياز الكاملة متفوقا على الجيش والدحيل وأيضا على نادي السد قلعة الألقاب.
إن استئناسي بالأجواء هنا بقطر، هو ما جعلني أقبل على دراسة عرض نادي الريان الرهيب وأقبل به متحديا كل الظروف ومصمما على استنساخ ذات النجاح الذي تحقق لي في موسم 2015ـ2016 مع الجيش عندما اشتركت مع البرازيلي رودريغو تاباتا في لقب الهداف بتوقيعنا لـ 21 هدفا.

- المنتخب: أما كنت مشتاقا لمعاودة الترحال صوب أوروبا، وقد حصلت من بعض أنديتها على عروض؟
حمد الله: للأمانة كانت أمامي الكثير من العروض من قطر ومن خارج قطر، وبعد طول تمحيص قررت قبول عرض نادي الريان، ولم يكن من العسير التوصل لاتفاق جعلني أوقع للرهيب لسنتين.

- المنتخب: ومن أين أتتك العروض الأخرى؟
حمد الله: من اسكتلندا ومن فرنسا وأيضا من الصين.

- المنتخب: أما كان يجدر بك أن تختار العودة لإحدى البطولات الأوروبية؟
حمد الله: لا أخفيك أنني فكرت في ذلك، بل إنني بدأت بمناقشة عرض نانط الفرنسي وعرض الفريق السكتلندي، إلا أن ما طلب مني القبول به للتوقيع على العقد لم يرق لي، فآثرت التوقيع للريان لأن عرضه محترم جدا، وأرجوك أن تعفيني من الدخول في التفاصيل.

- المنتخب: ألم تخش من قبولك بالتوقيع مع الريان، أن تفقد كل حظ في العودة للفريق الوطني؟
حمد الله: سأكون صادقا معك، ليس هناك لاعب على الإطلاق لا يحلم باللعب للفريق الوطني، لأن في ذلك سعادة روحية لا تقدر بثمن، مخطئ من يعتقد أننا نلهث وراء المال ونضحي بمصلحة الفريق الوطني، ما نفعله لا يمكن أن يفسر دائما بهذا الشكل البديئ والذي لا يحترم أصول المواطنة.

- المنتخب: ولكن كل من يفضل عرضا خليجيا على عرض أوروبي، يبدو للكثيرين وكأنه تنازل عن حق الفريق الوطني في الإستفادة من مهاراته؟
حمد الله: المفاضلة لا تقوم بهذ الشكل الإعتباطي، إنها تتأسس على دراسة عميقة يحضر فيها الفريق الوطني بكل تأكيد، لقد كنت على استعداد لأن أقبل بعرض نانط أو حتى بعرض الفريق السكتلندي لو أنني وجدته جديا ومناسبا ويحترم تاريخي، حتى لو كان يقل عن عرض الريان، هناك اعتبارات رياضية تحضر بالمقام الأول، وأرجو أن يكف الناس عن اتهامنا بأننا لا نجري إلا وراء المال، ولو أن هذا الأمر ليس عيبا، فنحن نعيل عائلات ولا أحد منا يأمن على مستقبله.
ثم من يضمن لي لو اخترت اللعب لناد أوروبي وتنازلت عن امتيازات كثيرة كان سيقدمها لي الريان، أن يوجه لي الناخب الوطني السيد هيرفي رونار الدعوة، أليس هو من قال بأنه لن يختار أي لاعب يمارس ببطولة خليجية، قبل أن يجعل من امبارك بوصوفة استثناءا؟