15 دقيقة من العجائب ملأى بالأحداث والغرائب
كم من سيناريو مجنون حُبك ما بين الشوطين؟

لكل مباراة من مباريات إحدى الرياضات طقوسها وأجواؤها وقانونها التنظيمي، والإطار الذي تُلعب فيه وفق زمن محدد تفصله فترة أو فترات إستراحة متقطعة ومتباينة الـمدد الزمنية، وكرة القدم من بين أكثر الرياضات التي تعرف فاصلا واحدا طويلا للراحة وإسترجاع الأنفاس حيث يستغله الـمدربون واللاعبون لتمرير الأوامر وتلقي التعليمات وشحن البطاريات، في وقتٍ يكون فيه الـمشجعون وأطراف أخرى غارقين في أعمال وإنشغالات مختلفة.
فرصة لإلتقاط الأنفاس
15 دقيقة هي الـمدة القانونية التي تتوسط كل مباراة لكرة القدم من 90 دقيقة لأخذ الإستراحة والتوجه إلى مستودعات الـملابس لإلتقاط الأنفاس وتروية العروق وتجديد الدماء، وهي فترة مهمة جدا ولا يمكن الإستغناء عنها نظرا لكونها ضرورية لضبط العقارب أولا، ثم تهدئة الأقدام والأعصاب ثانيا، وجعل الجسد يرتاح قليلا لإستحالة إستكماله لكل فصول المباراة بنفس الإيقاع بلا توقف وما لذلك من عواقب صحية خطيرة على القلب واللياقة البدنية.
فلا توجد أي رياضة فردية أو جماعية خالية من التوقفات أو فترات الإستراحة بغض النظر عن الـمدة الزمنية لأشواط هذه الـمباريات، وقد تزيد أو تنقص حسب طول اللقاء وقانون اللعبة الذي يوفر أحيانا أوقاتا إضافية للإستراحة في ثوب الأوقات الـمستقطعة التي تنضاف إلى فترة ما بين الجولات.
وعلميا وصحيا وقانونيا ففترة الإستراحة موضوعة بالدرجة الأولى لإلتقاط الأنفاس وإراحة الجسد ثم ترويته تأهبا لإستئناف النشاط بكل قوة وإستعداد، لكن ذلك بات مصاحبا بإستغلال رياضي أساسي وضروري يتجلى في عمل الـمدربين الذين يشتغلون ويبدعون بالأساس في هذه الفترة الحاسمة من أي مباراة.
الإستفادة الأكبر للمدربين
يضع كل مدرب وإطار تقني تصوره القبلي لكل مواجهة حيث يسهر على الإعداد ورسم الخطة قبل إنطلاق صافرة البداية، وفق دراسته لفريقه وخصمه في آن واحد ورؤيته للسيناريو الـمحتمل أن تُجرى وتُعزف عليه أوتار النزال.
بيد أن تقلبات الكرة والسيناريوهات الـمضادة والأحداث الخارجية التي يمكن أن تحدث في الشوط الأول تدفع الـمدرب إلى تدوين الـملاحظات وتغيير الـمخططات وإعادة قراءة الذات، فلا يستطيع فعل الشيء الكثير أثناء سير الـمباراة غير إنتظار صافرة نهاية الجولة الأولى والتوجه إلى مستودع الـملابس في فترة الراحة.
هنا يبدأ عمل الـمدرب بعدما ينتهي عمل اللاعبين فيشرع في تبديل الأوراق وتوزيع الأوامر ونشر الأفكار، فتحدث إنقلابات أحيانا وأشياء لا يعرفها سوى من يكون في الغرفة والعلبة السوداء، فتُقلب الطاولات وتُقلب معها فصول الـمباريات من هزائم إلى إنتصارات هتشكوكية بفعل هذا القائد الذي يتوجب عليه إظهار مهاراته في التواصل ومؤهلاته التدريبية في ظرف زمني قصير، وكم من مدرب ينجح في كسب الـمعارك والتحديات الكبرى والنهائيات العظمى حينما يستفيد فقط من فترة الراحة ويحسن إستغلالها بفضل قراراته وخطاباته، ليطبق مقولة أن الشوط الأول للاعبين والثاني للمدربين.
مستودعات بين الحركية والصمت
حينما تمر غالبا بجوار مستودع الـملابس ما بين الشوطين تتوقف عند صمت رهيب سرعان ما تكسره أصوات وصيحات تخرج عادة من أفواه الـمدربين، فتسمع الصراخ والتأنيب لـمدربين يعبرون عن غضبهم أو تنصت إلى كلام موزون وهادئ لربان حكيم، أو قد لا تسمع شيئا لإختيار بعضهم الصمت والإكتفاء بالتوجيه القليل والإنفرادي مع الحرص على أخذ الراحة والإبقاء على التركيز.
تتنوع الـمناهج والخطط والوصفات وتختلف معها صور مستودعات الـملابس من فريق لآخر، ولكل نادٍ صغير أو كبير أجواؤه داخل هذه الحجرة العجيبة في فترة الإستراحة، والـمؤكد أن الشرارة والحرارة فيها تتباين درجاتها حسب قيمة الـمباراة ونتيجة الشوط الأول وشخصية الـمدرب وأسماء النجوم ووزن اللاعبين.
الصخب والنيران والحماس الـمصاحب بالوعظ والإندفاع مظهر طبيعي يسود غالبية مستودعات الـملابس، والهدوء والكلمات القليلة الثاقبة والتركيز الـمتطلب للصمت سمة تحضر لدى آخرين، مع إستثناءات لحالات شجار وعراك وتكسير للمرافق في بعض الأحيان، حيث تكون فترة الإستراحة نقمة وبؤرة للتوتر وإنفلاتات عوض أن تكون نعمة ومدة للإستفادة ومراجعة الأوراق، والإستعداد الجيد لخوض الفصول الثانية من الـمباريات بأفضل صورة وأحسن خطة.
التجارة في أوج رواجها
في الوقت الذي يغلي فيه مطبخ الفريق في الأسفل ويكون فيه مستودع الحكام محاصرا أو في مأمن، تعرف الـمدرجات حركية كبيرة جدا وتشهد مرافق الـملعب ومحلاته رواجا عاليا، وتنتعش الـموجة التجارية خلال الفترة ما بين الشوطين حيث يتشابه الـمشهد مع سوق للتبضع أو إفتتاح مطاعم ومقاهي للأكلات الجاهزة.
فعدد كبير ومهم من الـمتفرجين يبارحون في آن واحد مقاعدهم ويغادرون قاعة العرض مؤقتا متوجهين إلى ما يضمه الـملعب من مرافق ومحلات، وهذا يحدث بتنظيم وسلاسة وإنضباط في مجتمعات الشعوب الـمتقدمة والـملاعب الأوروبية والأمريكية، حيث تتوفر كل الـمتطلبات التي يحتاجها الـمتفرج والذي تجعله مرتاحا ومستمتعا بالـمباراة التي يأتي من أجل مشاهدتها تشجيعا لفريقه وترفيها عن نفسه في جو حميمي وعائلي قبل وأثناء وبعد الـمواجهة.
هذا الرواج التجاري والحركية الإستثنائية التي تكون في فترات الإستراحة عادة قد تكون بصورة أخرى في البلدان الإفريقية والـمجتمعات الـمتخلفة، إذ تعرف الكثير من مدرجات بعض الـملاعب إنتشارا كبيرا للباعة الـمتجولين طيلة مدة الـمباراة وليس التوقف فقط، فيغيب التنظيم وتسود العشوائية والرواج التجاري غير الـمنظم الذي يحول الـملعب إلى سوق، الداخل إليه تائه ومفقود والخارج منه سالم ومولود، والعائد إلى مقعده متشاجر أو مسروق بعدما يفقد مكانه أو تضيع منه أغراضه.
أحداث أخرى ما بين الشوطين
إلى جانب الحركية الدؤوبة والنشاط الكبير الذي تشهده سواء الـمستودعات أو الـمدرجات خلال الربع ساعة أو أكثر ما بين شوطي الـمباريات، فإن الكثير من الأشياء تقع أثناء هذه الـمدة في الكواليس أو في أرضية الـملعب من طرف كل الـمتدخلين والفاعلين في الـمباراة.
وتختلف الـمظاهر من ملعب لآخر وثقافة لأخرى، فهناك من يفتح الأبواب مجانا لدخول بقية الأنصار العالقين في الأبواب وهذه الظاهرة متفشية في دول العالم الثالث، ونجد من يحاول شغل الـمشجعين والترفيه عنهم خلال هذه الـمدة خاصة في أوروبا وأمريكا بوضع مسابقات مباشرة للجمهور تتخللها فقرات موسيقية وخفة دم من أحد الـمنشطين، وهناك من الأنصار من لا يكترث ويغادر الـمدرجات بحثا عن وجبة سريعة أو مشروبات، والبعض يسهر على تأدية فرائضه وواجباته الدينية خاصة في البلدان الإسلامية، وهناك من يجلس صامتا ينتظر الشوط الثاني متجاهلا كل ما يجول من حوله، أما فوق أرضية الـملعب فإمكانية مشاهدة إستعراض أحد الأطفال أو الأشخاص الـموهوبين لـمهاراته بالكرة وارد لتشجيعه أولا ثم عدم السقوط في الـملل ثانيا، والإكتفاء بمعاينة تسخينات اللاعبين البدلاء شيء طبيعي كما هو طبيعي أن تُطلق رشاشات سقي العشب، أما التفاعل مع الوصلات الغنائية من إذاعة الـملعب فيحضر بقوة بعدما تتوقف الحناجر عن الهتاف وترديد الأهازيج والأغاني الكروية.
وخلاصة القول فربع ساعة من الإستراحة ما بين شوطي الـمباريات كافية بأن تكون عالـما مفتوحا بأحداث عديدة وطرائف وعجائب كثيرة، فبدءا من مستودعات الـملابس مرورا بالـمدرجات ووصولا إلى مرافق الـملعب، تقع أشياء ومتغيرات وسلوكات تنضاف إلى توابل الـمباراة لتجعل منها بحق تحفة وإجتماع مجنون لا يمكن أن توفره إلا الرياضة وتحديدا كرة القدم.


 شركة «نايك» تدخلت لإيقاف مذلة البرازيل ضد ألـمانيا
كشف كاتب برازيلي في صحيفة «غلوبو» عن تفاصيل التصريح الـمثير الذي أدلى به تياغو سيلفا عميد الـمنتخب البرازيلي بين شوطي مباراة البرازيل وألـمانيا في نصف نهائي مونديال 2014.
وكان سيلفا قد ثار غاضباً خلال فترة الإستراحة حين قال: «لو يعرف الناس ماذا يحدث الآن لإشمأزوا من لعبة كرة القدم».
وقد كُشف فحوى هذا التصريح الـملغوم بعدها حيث عُلم أنه بعد تقدم الـمنتخب الألـماني بخماسية نظيفة في الشوط الأول، تدخلت شركة “نايك” الراعي الرسمي للمنتخب البرازيلي وطلبت من الـمنتخبين تسيير الشوط الثاني بإيقاع منخفض دون تسجيل عدد أهداف أكبر وإذلال الـمنتخب البرازيلي حفاظاً على مصالح الشركة التسويقية، حيث يعتبر السلساو أحد الوسائل التسويقية الأكثر تأثيرا في عالم كرة القدم.
هذا الأمر والتدخل يبرر أيضاً الطلب الذي تقدم به هاملز مدافع الـمنتخب الألـماني بين الشوطين بعدما دعا رفاقه إلى عدم تسجيل اهداف إضافية إحتراماً للخصم الـمستسلم وجماهيره.
وما حدث فعلاً هو أن الـمنتخب الألـماني تراجع في حدة أدائه في الشوط الثاني في وقت استسلم فيه الـمنتخب البرازيلي تماماً وكان بالإمكان تسجيل عدد أهداف تاريخي، وقد عقد إجتماع سري إتفاقي بين الشوطين حضره بعض اللاعبين من الـمنتخبين.

ريبيري وروبن يتلاكمان وراء الستار
تسببت ضربة خطأ في شجار قوي بين لاعبي بايرن ميونيخ فرانك ريبيري وأريين روبن خلال إستراحة مباراة سابقة لفريقهما ضد ريال مدريد ضمن نصف نهائي عصبة الأبطال الأوروبية.
وحصل تشابك بالأيدي ولكمات خاصة من ريبيري إلى روبن في مستودع الـملابس ما بين الشوطين، بسبب ضربة خطأ تقدم ريبيري من أجل تنفيذها لكن روبن إعترض فذهبت إلى طوني كروس في نهاية الـمطاف.
وأكد الـمتحدث الرسمي بإسم النادي البافاري الواقعة مؤكدا أنها من الأحداث التي تبقى في غرفة تغيير الـملابس، وتم تغريم ريبيري بعدها ماليا وإلزامه بالإعتذار لروبن وبقية زملائه، لتبقى مثل هذه الأشياء والوقائع قائمة في مستودعات الـملابس خلال فترات الإستراحة، بغض النظر عن قيمة النادي أو طينة الأسماء والنجوم.

بيليغريني: أستعمل سحر الكلمات ما بين الشوطين
حول مانشستير سيتي تأخره 1ـ2 في الشوط الأول إلى فوز مثير على ضيفه بايرن ميونيخ 3ـ2 في الـمباراة التي جمعتهما خلال مرحلة الـمجموعات لعصبة الأبطال الأوروبية في الـموسم الأخير.
الـمدرب مانويل بيليغريني تحدث عن الوصفة التي جعلت فريقه يعود من بعيد ويثور في وجه العملاق البافاري مباشرة بعد فترة الإستراحة قائلا: «أول ما فكرت فيه ما بين الشوطين هو فارق الهدفين وصعوبة تحقيق الفوز، قلت للاعبين أن أمامنا 45 دقيقة لتسجيل هدفين والإنتصار وإلا سنخرج من البطولة».
وتابع: «أكدت لهم أنها فرصتنا الأخيرة للإستمرار في عصبة الأبطال وطلبت منهم عدم الإستسلام لليأس وللبايرن، فأنا أستعمل عادة خطابات تحفيزية وحماسية مع إختيار دقيق لسحر الكلمات حتى أشحن اللاعبين، من الضروري جدا أن يقوم الـمدرب بإعادة الثقة لنفس اللاعب في مستودع الـملابس خاصة في حال الإنكسار والهزيمة».


رافا بيتينز يحكي سيناريو الإستراحة الـمجنونة
هو  بلا أدنى شك أفضل نهائي في تاريخ عصبة الأبطال الأوروبية وواحدة من أفضل الـمباريات إثارة وجنونا على مر العصور، تلك التي حول فيها ليفربول الإنجليزي هزيمته بثلاثية نظيفة في شوط أول ضد ميلان إلى إنتصار هتشكوكي بالضربات الترجيحية بعد تعديل الكفة خلال الجولة الثانية، ليرفع الريدز خامس كأس قارية من قلب إسطنبول سنة 2005.
صانع الإنجاز الإسباني رافا بيتينز الذي رسم الـملحمة العجيبة في أول موسم له مع ليفربول يحكي الرواية الكاملة لهذا النهائي الخرافي ويحكي عن ما جرى في مستودع الـملابس ما بين الشوطين قائلا: «لقد كان عامي الأول في ليفربول ولغتي الإنجليزية كانت سيئة، رأيت فريقي متخلفا بهدفين حينما أخذت الورقة والقلم وأخذت أبحث عن بعض الكلمات بالإنجليزية لتدوينها في شكل ملاحظات، في تلك اللحظة رفعت رأسي وتفاجأت بتسجيل كريسبو للهدف الثالث، رميت الورقة أرضا لأن النتيجة إنتهت وكان من الـمستحيل الرجوع في الـمباراة».
وتابع: «في الطريق إلى مستودع الـملابس ما بين الشوطين لم أتوقف عن التفكير وخصوصا ماذا سأقول للاعبين، كان من الضروري أن أمرر لهم رسالة ما قوية ومؤثرة وأن لا أظهر لهم أننا إنتهينا، كان الـمشهد حزينا جدا داخل الغرفة فالكل طأطأ رأسه ولم ينظر أحدهم إلى الأعلى، فبدأت بالحديث مباشرة قائلا: «يا أيها الأولاد لم يعد لدينا ما نخسره، لا شيء، لم نأت إلى إسطنبول بعد كل هذا الـمشوار لننهزم بهذه الطريقة، أطلب منكم تسجيل هدف واحد، هدف واحد فقط وسترون بعدها كيف سنصبح، لا تنهاروا ولا تتفككوا ولا تتركوا الإحباط يهزمكم، إدفعوا إلى الأمام قليلا ولتنظروا إلى الجماهير في الـمدرجات كيف تشجعكم حتى وأنتم منهزمين بثلاثية، نملك الـملايين من الـمساندين عبر العالم فلا تخذلوهم رجاءا».
وواصل بينيتز الحديث عن ما جرى في مستودع الـملابس مضيفا: «كنت هادئا جدا وعملت على تهدئة اللاعبين حتى يسمعوا جيدا ما أقول، وبعد كلامي غيرت الخطة التكتيكية فدفعت بجيرار للمقدمة وأغلقت الـممرات في وسط الـميدان، وقمت بتبديل جديد بعدما إضطررت لإجراء أول إستبدال في منتصف الشوط الأول، واجهتني العديد من الصعوبات وكنت مضطرا لتعديل كل الأمور وإصلاح جميع الأعطاب في ظرف 8 دقائق وهذه الـمدة التي جلسنا فيها داخل غرفة تغيير الـملابس في فترة الإستراحة».
وختم رافا روايته عن هذه الإستراحة الـمجنونة والإنقلاب التاريخي قائلا: «لن أقول بأن خطابي وتغييراتي هي التي جعلنا نعدل الكفة ونسجل 3 أهداف في الشوط الثاني ونربح بعدها الكأس بالضربات الترجيحية، لكنني قمت بعملي فقط الذي تمثل في ضرورة إقناع اللاعبين بقدرتهم على العودة في الـمباراة وأن الـمستحيل ممكن، إخترت الكلمات الواضحة وتعاملت بهدوء مع الوضعية، وآخر ما قلته للاعبين في طريق العودة إلى أرضية الـميدان، سجلوا هدفا واحدا، واحدا وسنعود، والنهاية كما يقول الإنجليز كانت تاريخية».


مالديني وكاراغر يرويان ما وقع في نهائي 2005 بإسطنبول
لا يمكن لأي متتبع يعشق كرة القدم أن ينسى ليلة 25 من ماي 2005 والتى شهدت معجزة فوز  ليفربول الإنجليزى على ميلان الإيطالي في نهائي عصبة الأبطال الأوروبية في ملعب أتاتوريك في مدينة إسطنبول التركية، حيث كان الروسونيري متقدما بعد نهاية الشوط الأول بثلاثية نظيفة لباولو مالديني وثنائية كريسبو، قبل أن ينتفض بأعجوبة الرديز في الجولة الثانية معدلا الكفة في ظرف ست دقائق، ليتم اللجوء إلى الشوطين الإضافيين ثم الضربات الترجيحية التي منحت ليفربول اللقب الخامس في تاريخه.
الأسطورة والعميد السابق مالديني كشف بعض تفاصيل تلك الليلة الـمجنونة التي يعتبرها جمهور ليفربول أهم ليلة في تاريخ النادي، وأكد صاحب اليسرى الإستثنائية أنه كان يشعر بأنه قدم أفضل مردود فى مسيرته أثناء تلك الأمسية خصوصا فى الشوط الأول الذي سجل فيه هدفا ساهم به في ثلاثية فريقه، وحكى كيف كان يستمع نجوم ميلان لأهازيج الجماهير ويرقصون ويحتفلون في مستودع الـملابس إحتفالا مسبقا باللقب، لكن كارلو أنشيلوتى إنفعل حينها بصوت عالٍ وألزم اللاعبين بالصمت لـمدة خمسة دقائق كاملة وأمرهم بالتوقف عن الإحتفال والحديث.
مالديني أكد بأنه لم ينم بعد اللقاء طوال ثلاثة أشهر وشعر بأن مسيرته الكروية إنتهت، ولم يستفق من الصدمة الكروية سوى بالإنتصار على ليفربول في نهائي ماي 2007 بأثينا، حينما ثأر الروسونيري للهزيمة النكراء قبل سنتين محرزا اللقب الأوروبي السابع.
أما جيمي كاراغر نجم ليفربول السابق تحدث عن موقف الريدز في غرفة خلع ملابس الفريق ما بين الشوطين مشيرا أن الـمدرب رافا بيتينز كان هادئا وأمر اللاعبين بالتحدي وعدم اليأس، وأجرى تغييرا مفاجئا في التشكيلة وأمر العميد جيرار بالتقدم للأمام وترك الـمهمة الدفاعية لهامان وألونسو، لينطلق الإندفاع الأحمر بشراهة ويحدث السيناريو العجيب والأسطوري.

يحدث في إفريقيا
إجتماعات وتهديدات ورشاوى مستعجلة
لأنها إفريقيا ولأنها أرضية لكل ما هو ممكن وقابل للشراء، فإن الدقائق التي تفصل الأشواط الأولى بالثانية في الـمباريات تكون حبلى بالأحداث والفصول العجيبة البعيدة عن كل ما هو أخلاقي ورياضي ونزيه.
فكم هائل من الـمباريات التي تُجرى من شمال القارة إلى جنوبها تُطبخ سيناريوهات جولاتها الثانية بعيدا عن الأنظار وفي غرف التبديل ومستودعات اللاعبين والحكام، وكم من تلاعب وفساد إشترك فيه القاضي بالـمدرب والـمسؤول واللاعب.
فعقلية الـمسيرين تدفعهم إلى إرشاء الحكام طلبا لتغيير النتيجة أو خدمة مصالح هذا الفريق أو ذاك، وإجتماعات على السريع تُعقد في الـمسالك الـمؤدية إلى الـمستودعات أو أرضية الـملعب مقابل شيكات ورشاوى متباينة الأصفار بعد الأرقام، والقصص كثيرة ومتعددة يتدخل فيها أكثر من طرف ومن أصغر مسؤول إلى أكبرهم، كما وقع سابقا مع وزير رياضة إيفواري مع حكم زامبي في لقاء أسيك أبيدجان والصفاقسي التونسي، حيث نزل الوزير شخصيا إلى الحكم ما بين الشوطين وإجتمع به لتتغير بعدها النتيجة في الشوط الثاني لصالح الفريق الإيفواري.
هذا مثال واحد فقط لـمئات الحالات التي تحدث في أكبر التظاهرات والـمنافسات الإقليمية والقارية خلال منتصف الـمباريات والظروف الطارئة والـمستعجلة، ولا يمكن حصر إفريقيا فقط في كل ما هو لا أخلاقي وغير نزيه بل الفساد منتشر في جميع بقاع العالم وحتى داخل الجهاز الأول الوصي على اللعبة الذي ثبت تدخله سابقا في نتائج بعض اللقاءات، والربع ساعة القليلة والسريعة التي وُضعت للإستراحة يتربص بها البعض للتهديد والوعيد والإرشاء في كواليس العجب بعيدا عن الأعين وعدسات الكاميرا.

ماذا يتناول اللاعبون في فترة الإستراحة؟
مما لا شك فيه أن فترة ما بين الشوطين هي فرصة للراحة وإلتقاط الأنفاس وتلقي التعليمات، كما أنها مدة زمنية كافية للتزود الجسماني بتغذية خاصة ودقيقة تُمنح للاعبين قبل إستئناف اللعب في الجولة الثانية.
فالركض الطويل والجهد العضلي والتعرق يجعل الجسم يفرز الكثير من الطاقة والـمعادن والـماء، والتي وجب تعويضها في فترة الإستراحة وإلا فمن الـمستحيل إستكمال النشاط بنفس الإيقاع والحيوية والتركيز.
ويركز الأطباء والأخصائيون في التغذية والطب الرياضي على أن يأخذ اللاعب ما بين الشوطين السوائل التي تتوفر على الكاربوهيدرات والبروتين والصوديوم، الزنك، الـمنغنسيوم، لخلافة ما تم إفرازه ومنح جرعات من الطاقة والقوة والتركيز خصوصا في اللحظات الأخيرة من الـمباريات.
وعادة يتناول اللاعبون وجبات غذائية قبل الـمباريات لكنها قد تكون ضعيفة وتؤثر على مردود اللاعب، وبالتالي ففترة ما بين الشوطين بالغة الأهمية للتعويض بشرب السوائل وتناول الفواكه وبعض الأطعمة والحلويات، وقد أكد العديد من العلماء بناء على دراسات وبحوث أن زمن شرب الـماء أو العصير فقط خلال فترة الإستراحة ولى وأن الـموضوع أصبح علميا ومنظما.

الصينيون خلقوا الإستثناء بنصف ساعة راحة
أثارت الجامعة الصينية لكرة القدم سابقا الكثير من الإنتقاذات خاصة من (الفيفا) بعدما قرر تمديد فترة الإستراحة في مباريات الدورات الأخيرة من البطولة الصينية إلى نصف ساعة عوض 15 دقيقة.
الـمسؤولون الصينيون وضعوا 30 دقيقة بين الشوطين مع تحديد إنطلاق الأشواط الثانية من جميع الـمباريات في التوقيت ذاته، لـمنع الحكام واللاعبين من التلاعب بنتائج اللقاءات في ظل الفساد الذي إنتشر بقوة في أوساط الكرة سابقا.
وهزت فضائح التلاعب الكرة الصينية مما جعل تمديد الإستراحة إلى نصف ساعة لإستثناء إحترازي، لكن ذلك لم يعجب الـمدربين واللاعبين الصينيين كما أن (الفيفا) إعتبره إغتصابا للقوانين ولا يحق لأي كان أن يخترق الأنظمة والأعراف الـمـعمول بها.

إنجاز: الـمهدي الحداد