مصارع يحلم بالبوديوم الأولمبي 
المغرب بلدي الذي سأحقق معه أكبر إنجاز
تركت تونس لأنهم جرحوا كرامتي ولم يقدروا قيمتي
إستقبال وزير الرياضة ورئيس الجامعة أكبر حافر لي في مرحلتي الإنتقالية
سأشكر المغاربة وسأرفع رأسهم بميدالية أولمبية تزين صدورهم

هو كالعصفور الذي إختنق في العاصفة الهوجاء والتي كادت أن تقص جناحيه قبل أن يفلت بنفسه من قلب الخطر، ليقرر الهروب بعيدا بحثا عن عش الآمان والسلامة والإطمئنان، والمناخ الملائم، حيث ظروف التغريد والعزف على أجمل الألحان.
هو بطل قاري عملاق وإسم قادم بقوة في الساحة العالمية لرياضة المصارعة، وشاب مغربي منحدر من مدينة تارودانت، قرر الرجوع إلى وطن أبويه لحمل قميصه بعدما سبق وأن منح تونس مجدا إفريقيا وعربيا طيلة عقد من الزمن.
«المنتخب» طرقت قلب البطل لتنبش في شرايين ماضيه وتفك طلاسيمه، مع تشخيص دقيق لحاضره مصحوب بكشف لوصفة النجاح والتوفيق خلال المستقبل القريب والمتوسط.
- المنتخب: كيف جاء قرارك بالإلتحاق بالفريق الوطني المغربي للمصارعة؟
زياد: القرار ناتج عن العديد من العوامل والظروف التي كانت في تونس، حيث صادفت عراقيل وأحسست بالضعف، كما أن الزيارة الملكية الأخيرة جعلت المشاعر تتحرك في وجداني ويشدني الحنين للوطن، لأقرر مراسلة القنصلية المغربية في تونس بغية الحصول على بطاقة تعريف وطنية وجواز سفر، وبعدها إتصلت برئيس الجامعة المغربية فؤاد مسكوت الذي قبل بدعوتي ورحب بي، كما رُحب بي من طرف أطر الرياضة في المغرب، وهذا منحني الدفء والتحفيز لتحقيق إنجاز للمصارعة والرياضة المغربية مستقبلا.
- المنتخب: لكن رحيلك ترك ضجة كبيرة في تونس، ماذا وقع بالضبط؟
زياد: الصحافة التونسية ضخمت الموضوع كثيرا وخرجت بمقالات وروبورطاجات كثيرة حولي، والحقيقة مغايرة تماما، وكما قلت كانت العراقيل التي نصبوها في طريقي وأبرزها قطع المسلك المؤدي لبطولة العالم المقبلة بأوزبكستان خلال شهر شتنبر، والنقطة التي أفاضت الكأس كانت المباراة النهائية لبطولة تونس ضد خصم عادي إعتدت الإنتصار عليه، لأفاجأ بخطة مقصودة من الحكام لهزمي، وذلك بمنحي إنذارات مجانية تسهل مأمورية خسارتي ضده في ظل إستحالة هزمي بالنقاط، وبعد حصولي على الإنذار الثاني صرخت عفويا من دون أن أخرج عن النص أو أن يدون الحكم شيئا سيئا عني في تقريره، لينسحب بعدها المنافس بعد دخول مدربه ورئيسه إلى الحلبة وأعلَن فائزا، لتكون الصدمة في يوم الغد بإصدار عقوبة من الجامعة التونسية بحرماني من التدرب مع النادي لأربعة أسابيع قبل أن تتحول إلى شهرين بعدها لأسباب واهية ومفبركة.
- المنتخب: يتحدثون عن عصيان وعقوق خلال الفترة الأخيرة من مشوارك مع المنتخب التونسي؟
زياد: بل الصحيح هو العراقيل والحواجز التي إعترضتني خلال السنوات الأخيرة، حيث تم حرماني من المشاركة في بطولات عالمية وتظاهرات دولية ومنعي من الدخول في تربصات خارجية، فالعقلية التونسية تفرض على البطل أن يبقى دائما تحت قبضة الإداريين ومزاجهم، وأي تقرب من الشخصيات الرئاسية أو المسؤولين الكبار يخيف المتحكمين في زمام الرياضة والجامعات التونسية، فميدالية عالمية تعتبر كابوسا للأعضاء الجامعيين الذين يسعون جاهدين لتقزيم حاملها حتى يظل تحت تصرفهم، وفي حال الرفض يتم خلق إدعاءات وإشاعات من قبيل ضبط البطل في حالة سكر أو في وضعية لا أخلاقية، ومن المؤلم أن تشاع مثل هذه الأكاذيب في عز التحصيل والتألق القاري والدولي، ورغم عمق الجراح التي أصابتني أكثر من مرة إلا أنني صبرت على الألم والبهتان وكافحت بتدريب نفسي بنفسي والبحث عن معسكرات بفرنسا وغيرها من مالي الخاص، كل هذا ولم يكترث بما فعلته أحد ولم يكلف أي مسؤول نفسه السؤال عني أو تشجيعي، الشيء الذي دفعني للتفكير في الرحيل للحفاظ عن كرامتي والخروج من هذا الذل، ونقطة التحول كانت مشاهدة جلالة الملك محمد السادس يتجول في شوارع تونس وإحساسي حينها بأنني مغربي مائة في المائة وإقامتي في تونس كانت إقامة غريب وأجنبي لا غير.
- المنتخب: هل كنت تفكر باللعب للمغرب سابقا أم أن العقوبة التي صدرت في حقك هي التي كانت سببا في قرارك؟
زياد: الإحساس بالغربة في بلد ليس وطنا لي ولوالدي ظل يخالجني بين الفينة والأخرى وشعرت به أكثر بعد التصرفات التي لقيتها من المسؤولين خلال السنوات الأخيرة، وأشياء كثيرة تسارعت وإجتمعت في الأشهر الأخيرة ليتولد القرار النهائي بالرحيل عن تونس والإنضمام إلى المنتخب المغربي بعد تسوية الأمور الإدارية.
- المنتخب: القضية الآن معروضة على الإتحاد الدولي للمصارعة وهناك صعوبات إدارية قبل إعطاء الموافقة لحملك للقميص المغربي..
زياد: الإتحاد الدولي راسل الإتحاد التونسي بخصوص إرسال رخصتي لكن المسؤولين التونسيين رفضوا رفضا قاطعا، والإتصالات ما زالت جارية الآن ومطالب الجامعة التونسية تتجلى في وجوب توصلها بمنحة التكوين من الجامعة المغربية، وفي حال لم يتم تسوية هذه الأمور فالقرار النهائي سيصدر عن الإتحاد الدولي وأنا متفائل إن شاء الله.


- المنتخب: بعد قدومك إلى المغرب من رحب بك وكيف أستقبلت؟
زياد: أول من إستقبلني ورحب بي هو فؤاد مسكوت رئيس الجامعة الملكية المغربية للمصارعة والذي يعود له الفضل الكبير فيما وجدته من إستقبال حار وأجواء ملائمة ومفرحة، فأنا أمر بمرحلة إنتقالية في حياتي وبحاجة إلى الدعم والمساعدة، وقد حصلت على كافة التطمينات لتوفير كامل المقومات للتحضير في مناخ جيد سواء بمعسكرات داخل المغرب أو خارجه في دول رائدة في المصارعة كأدربيدجان وإيران، كما حظيت بإستقبال من وزير الشباب والرياضة محمد أوزين الذي رحب بي ووعدني بتوفير كل ما أحتاجه مقابل العمل والمنافسة على ميدالية أولمبية، والحوار بيننا كان معقولا وطيبا وأنا سعيد والحمد لله لأنني في بلدي وفي وطنٍ وجدت فيه كرامتي وتقديرا لإسمي وقيمتي. 
- المنتخب: ما هي تطلعاتك مع الفريق الوطني؟
زياد: لا يمكن أن أعتبر نفسي داخل فريق وطني لأننا وكما شاهدت قلة من المصارعين لا يتجاوزون عدد أصابع اليد، والتداريب الجماعية غير مهمة في رياضة فردية كالمصارعة لأن المصارع يرفع من مستواه الشخصي أثناء التربصات والبطولات الخارجية والإحتكاك مع المدارس العالمية، فعندما سأدخل الحلبة لن يدخل معي زملائي وإنما سأقاتل وحيدا لكن بهدف رفع الراية الوطنية وتشريف المصارعة المغربية.
- المنتخب: وهل من تحفيزات أو منح تشجعك على بلوغ الأهداف؟
زياد: هناك سلم موضوع خاص بالمنح قيمته المالية تختلف حسب نوعية وحجم البطولات، فلبطولة إفريقيا منحتها الخاصة ونفس الأمر لبطولة العالم والألعاب الأولمبية، وقد اتفقت على هذه الأشياء مع الجامعة الملكية للمصارعة ووزارة الشباب والرياضة.
- المنتخب: تتدرب في المغرب منذ أسابيع، كيف هي نظرتك الأولى لوسط وظروف الممارسة هنا؟
زياد: الواضح أن إنتداب لاعبين مغاربة كانوا يمارسون في الخارج سواء في تونس بالنسبة لحالتي أو بالنسبة لمصارعين آخريين من فرنسا، وإستقدام بطل أولمبي عالمي بقيمة كرم جابر للتدرب والتعاقد مع مدرب مصري وغيرها من كفاءات سيساعد حتما على تطوير الممارسة وتكوين جيل صاعد من المصارعين المغاربة، صحيح أن المصارعة في بلدنا كانت مهمشة لكنها ليست غائبة والعناصر الموجودة ينقصها التخطيط والعمل والخبرة الكافية لحصد أربع أو خمس ميداليات ذهبية في البطولات الإفريقية للسنوات القادمة.
- المنتخب: أين يكمن الخلل في المصارعة المغربية؟
زياد: المشكل يوجد في القاعدة والخلل يعود للتكوين، فالأندية شبه منعدمة والشباب يعزف عن هذه الرياضة، إضافة إلى تهميش وغياب الموارد المالية ونقص في أبسط وسائل العمل والممارسة، العديد من العراقيل كانت موضوعة في طريق المصارعة سابقا والآن الأمور بدأت تأخذ المسار الصحيح.
- المنتخب: ورغم هذه الظروف إلا أنك إخترت اللعب في المغرب..
زياد: نعم إنه تحدي كبير ورغبة جامحة للمساهمة في تحول المصارعة في المغرب من رياضة مهمشة إلى رياضة مثمرة وجذابة، سأحاول رفقة زملائي والجامعة والمدربين أن نغير الصورة ونكوّن أبطالا قاريين وعالميين في الأمد القريب والمتوسط.
- المنتخب: وماذا عن الميداليات الأولمبية وهل تخطط شخصيا لإنتزاع إحداها؟
زياد: لو لم أكن أحلم بميدالية أولمبية لما تعاقدت مع الجامعة الملكية المغربية للمصارعة ولما طلبت منهم توفير مستلزمات التحضير الجيد والإحترافي، لقد وعدتهم بميدالية وحلمي كبير جدا لرفع الراية المغربية في الألعاب الأولمبية وبطولة العالم وأي تظاهرة دولية، ويبقى الأولمبياد عرسا خاصا وممتعا واللعب فيه أمر غاية في الروعة فبالأحرى التتويج فيه، صحيح أن بطولة العالم مجمع الأبطال والذين يتجاوزون 70 بطلا على صعيد القارات عن كل وزن، لكن الألعاب الأولمبية ملتقى أبطال الأبطال والذين لا يفوق عددهم 20 الشيء الذي يمكن أن يصور صعوبة المهمة.
- المنتخب: حدثنا قليلا عن مشوارك مع المصارعة وعن إنجازاتك؟
زياد: ولجت عالم المصارعة في سن 16 وبعدها بسنتين فقط شرعت في حصد الألقاب، فتوجت بطلا لإفريقيا 8 مرات وبطلا للعرب في 3 دورات، وحزت العديد من الميداليات في بطولات دولية في بلغاريا وفرنسا وإسبانيا واليونان وغيرها من الدول..
- المنتخب: وماذا عن الألعاب الأولمبية؟
زياد: شاركت في دورة لندن 2012، حيث قابلت بطلا فرنسيا وصاحب الميدالية البرونزية في الألعاب الأولمبية وبطولة العالم، لكن للأسف إنهزمت أمامه بسبب فارق التحضيرات بيننا، لقد تفوقت عليه قبلها أكثر من مرة لكنه إجتهد بعدها وتدرب أحسن مني ليفاجئني في لندن ويلحق بي الخسارة.
- المنتخب: وإلى أي مرحلة وصلت تحضيراتك الحالية؟
زياد: الحمد لله تحسنت منذ قدومي للمغرب وأحس بلياقة بدنية أفضل ومستواي يرتفع شيئا فشيئا، أتمرن يوميا وفق برنامج يشمل تقوية العضلات والسرعة والمصارعة وكل هذه الأشياء تساعد البطل على التهيء الموفق، ستكون أمامي فرصة الدخول في معسكر طويل المدى بأدربيدجان مع المنتخب الأدربيدجاني بترتيب من السيد رئيس الجامعة الذي أجدد شكري له على كل ما يبذله من مجهودات للإرتقاء بالمصارعة المغوبية، وتبقى المصارعة رياضة من المستحيل التكهن بنتيجتها لأن اليوم الذي تُجرى فيه المنافسة هو من يشهد على طبيعة الحالة البدنية والذهنية للمصارع ويتحكم في أدائه ونتيجته.
- المنتخب: بماذا تعد الجمهور المغربي في كلمة أخيرة؟
زياد: كما إستقبلني ورحب بي في بلدي وبلد أبواي ومنحني الدفء والتشجيع الذي إفتقدته سابقا، فأنا سأقاتل بشراسة حتى أسعده بميدالية أولمبية إن شاء الله وسأرفع راية المغرب خفاقة في سماء التظاهرات الدولية.»
حاوره: المهدي الحداد ـ عدسة: سمير


بطاقة مصارع
الإسم الكامل: زياد أيت أوكرام
من مواليد: 18 دجنبر 1988 بتونس
الجنسية: مغربية
الوزن: 75 كلغ
الإنجازات: بطل إفريقيا (8 مرات)، بطل العرب (3 مرات)، خامس بطل العالم، ميداليات ذهبية وبرونزية في بطولات دولية في بلغاريا وفرنسا وإسبانيا واليونان.
- مرشح للحصول على ميدالية أولمبية في ريو دي جينيرو 2016