هل كان هناك من داع لكي يغير وليد الركراكي فريقا بكامله خلال مباراة ليبيريا، بحجة منح الفرصة للاعبين يداومون الجلوس في دكة البدلاء؟
كثيرون قالوا بذلك ونصحوا به أو توقعوه، ليس لأن ودية أبيدجان لم ترضنا، ولكن لأننا نريد أن نشاهد لاعبين آخرين، لعل الصورة تتغير.
والحقيقة أن وليد أو أي ناخب وطني آخر، ما كان ليفعل شيئا آخر، غير الإحتفاظ بالنواة الصلبة واستبدال عناصر بأخرى في حدود معقولة.
ويمكن القول إن وليد أجبر على الإستعاضة عن نصير مزراوي لأنه أصيب في ودية كوت ديفوار، وخير عدا ذلك على أن يحدث تغييرات بالقدر الذي يغير الشيء الكثير من شكل الفريق، فقدم لودية ليبيريا، 4 لاعبين، الأولمبي أسامة العزوزي معوضا مزراوي في وسط الإرتكاز والإسترجاع، الأولمبي بلال الخنوس صانعا للألعاب والأولمبي عبد الصمد الزلزولي معوضا أمين عدلي وأيوب الكعبي رأس حربة بدلا من يوسف النصيري.
تغييرات بنسبة لم تزد عن 40 بالمائة، إلا أنها لم تغير شيئا من شاكلة اللعب، كما أنها لم تغير الكثير من مستوى الأداء الجماعي، فبرغم أن منتخب ليبيريا لم يكن أبدا من نفس مقاس كوت ديفوار ولا أي من المنتخبات التي سنواجهها في الكان، إلا أن الفريق الوطني وجد صعوبات كثيرة ليس في ضرب العمق الدفاعي الليبيري، ولكن في تمثل الأدوات التكتيكية التي من الضروري التوفر عليها، للإحتفاظ بقوة الشخصية.
افتقد الفريق الوطني على الخصوص إلى السرعة في التحولات من الدفاع إلى الهجوم، برغم أن وسط ميدانه كانت له هذه المرة اليد العليا، وأبدا لم ينوع من طريقة التوغل، كما أن الإنطلاقات الهجومية اختلفت كثافتها بين الرواقين، وحتى عند نجاح حكيمي في اكتساح الرواق الأيمن، إلا أن المفعول الإيجابي لذلك، تأخر كثيرا حتى رأيناه في الوقت بدل الضائع من الجولة الأولى، عندما نجح أشرف في التوغل يمينا، ليضع كرته كالشهد أمام أمين حارث الذي افتتح أخيرا عداد أهدافه مع أسود الاطلس.
صحيح أن الفريق الوطني كان قريبا من التسجيل من تصويبتين ولا أجمل من عبد الصمد الزلزولي، الذي من سوء حظه، أن الحارس الليبيري أنجز ارتماءتين رائعتين لتحويل مسار الكرة، إلا أن المحتوى الفني وكم الفرص وأسلوب مناقشة الشوط الأول لم يكن جيدا في كل الأحوال.
ولربما، مع الهبوط الملحوظ لمنسوب اللياقة ودرجات التركيز على الواجبات الدفاعية عند المنتخب الليبيري، نتيجة ما تعرض له من استنزاف بدني، سنشهد تحسنا كبيرا لأداء الفريق الوطني في الشوط الثاني، بخاصة مع دخول كل من النصيري، أمين عدلي وبخاصة إسماعيل الصيباري، حيث ارتقى الأداء الجماعي وتوضحت صورة البناءات أكثر، وسجل الفريق الوطني هدفين آخرين وكان بمقدوره أن ينهي المباراة متفوقا بأكثر من الثلاثية.
وللأمانة، فإن عودة الثلاثي، حكيم زياش، سفيان بوفال وعلى الخصوص الغلادياتور سفيان أمرابط، ستنقل أداء الفريق الوطني جماعيا إلى مستويات أفضل، ولو أن المباريات الثلاث التي لعبها الفريق من دون هؤلاء أمام منتخبات بوركينا فاسو (1-0)، كوت ديفوار (1-1) وليبيريا (3-0)، مكنت لاعبين من أمثال، أمين عدلي وأسامة العزوزي وعبد الصمد الزلزولي وبلال الخنوس وإسماعيل اصيباري من تعزيز الترسانة البشرية، تحسبا لاستحقاق إفريقي كبير، لن يكون خلاله الفريق الوطني بحاجة فقط إلى أساسييه وهم في قمة تنافسيتهم، ولكن سيكون بحاجة إلى بدلاء يستطيعون أن يغيروا من وجه المباريات مهما كان عدد الدقائق التي يلعبونها ومهما كانت السياقات التي سيدعون فيها للعب قاسية وصعبة، وتلك هي أم الغايات المبحوث عنها من وليد الركراكي.