لم تكن الهزيمة الثقيلة التي تلقاها ريال مدريد أمام باريس سان جيرمان بنتيجة 4-0 في نصف نهائي كأس العالم للأندية، مجرد كبوة رياضية عابرة، بل صفعة مؤلمة كشفت حجم الخلل المتراكم داخل القلعة البيضاء، وعرت كل العيوب التقنية والذهنية التي حاول الفريق تغطيتها هذا الموسم. 

منذ صافرة البداية، بدا واضحا أن باريس سان جيرمان دخل المباراة بخطة مدروسة تحت قيادة المدرب لويس إنريكي، في مقابل ذلك ظهر الفريق المدريدي مفككًا، مرتبكا، وعاجزا عن مجاراة إيقاع اللقاء. وبعد مرور أقل من نصف ساعة، كانت النتيجة قد وصلت إلى ثلاثية نظيفة، حسمت عمليا المواجهة قبل أن تنطلق فعليا.

الرباعية لم تكن مجرد أرقام على لوحة النتائج، بل مرآة عكست لواقع محبط. فوفقا لصحيفة "ماركا" الاسبانية، كان الفريق "هشا للغاية"، وعانى من أخطاء فردية قاتلة كان بطلها هذه المرة كل من أسينسيو وأنطونيو روديغر، بينما وصفت "موندو ديبورتيفو" ما حدث بـ"تفوق ساحق دون مقاومة تُذكر". كما أوضحت صحيفة "أس" أن ريال مدريد افتقر إلى تحكم وسط الملعب بنسبة الاستحواذ وصلت ل32% مقابل 68% لـ "بي إس جي". 

الخسارة برباعية نظيفة ليست مجرد نتيجة ثقيلة، بل أصبحت رمزًا يطارد ريال مدريد هذا الموسم. هذا الرقم بات يتكرر في المواعيد الكبرى خاصة أمام خصمه التقليدي فريق برشلونة الإسباني، ويسجل ضد فريق اعتاد الهيمنة في أكبر المسابقات، وهو ما يطرح تساؤلات عميقة حول التوازن الذهني والنفسي للاعبين، إضافة إلى الجاهزية التكتيكية في المواجهات المفصلية. 

تشابي ألونسو، المدرب الذي تولى المهمة مؤخرا خلفا لأنشيلوتي، بدا أنه لم يستطع تجاوز ما تركة المدرب الإيطالي، وإصلاح الأخطاء التي عانى منها ريال مدريد سابقا. فالمدرب الذي عقدت عليه جماهير الميرينغي الأمل في تحقيق لقب وحيد على الأقل هذا الموسم، بدا غير مستعد لهذا النوع من التحديات. فقد أخطأ في قراءة أسلوب إنريكي، وافتقد للتوازن في خياراته التكتيكية، خصوصًا مع تغييرات اضطرارية سببتها إصابة أرنولد، التي دفعت بفالفيردي بعيدا عن مركزه المفضل والإعتيادي، ما أضعف المنظومة في الشقين الدفاعي والهجومي.

تشكيلة ريال المدريد ككل، لم يستطع أي لاعب منها الوصول لتنقيط 7 من 10 على منصة "سوفاسكور" الأمر يظهر المستوى الذي كانت عليه عناصر الملكي المباراة أمام ال"بي إس جي"، في حين لم يحصل أي عنصر من عناصر الفريق الباريسي على تنقيط أقل من 7.  

وفي المقابل، جسد باريس سان جيرمان تحت قيادة لويس إنريكي الفريق المثالي الذي أظهر ترابطا بين الخطوط، وضغطا منظما، وأدوارا هجومية ودفاعية موزعة بذكاء، حيث تميز الثلاثي ديمبيلي وكفاراتسخيليا ودووي بحركية مستمرة في العمق والأطراف، مع دعم من منتصف الميدان بقيادة نيفيز وفيتينيا ورويز بطل اللقاء، من دون أن ننسى الدور المفصلي الذي يلعبه أشرف حكيمي بالتحرك في كل الإتجاهات. هذا الإنسجام هو ما يفتقده الملكي في المرحلة الحالية، وهو ما عكس الفرق الواضح في الجاهزية بين الفريقين. 

الهزيمة ب"الرباعية" أمام باريس سان جيرمان، لا تعني فقط توديع حلم اللقب العالمي، بل احباطا لجماهير ألفت منصات التتويج، جماهير كانت تمني النفس بلقب عالمي يعوضهم عن موسم مليء بخيبات الأمل المتكررة. ما يجعل الفريق الملكي اليوم أمام لحظة مفصلية لمراجعة الذات. فالفريق بحاجة إلى استعادة هويته، وتعزيز صفوفه ببدائل قادرة على تعويض الغيابات، والأهم من كل ذلك، بناء منظومة جماعية تتفادى السقوط المتكرر في الاختبارات الكبرى.