في عالم كرة القدم النسائية، حيث لا تزال الأضواء تتردد في البقاء طويلا، استطاعت غزلان الشباك عميدة وملهمة لبؤات الأطلس، أن تحجز لنفسها مكانا خاصا في ذاكرة المستديرة وطنيا وقاريا. القائدة التي تحولت من فتاة تلعب الكرة في أزقة الدار البيضاء إلى قدوة تتصدر العناوين، تقف اليوم أمام فرصة تاريخية للتتويج بالكأس القارية الأغلى مع المنتخب الوطني المغربي، بعد أن حققت اللقب سابقا مع فريقها المغربي أيضا فريق الجيش الملكي.
لم تكن بداية الشباك سهلة، لكنها وجدت في دعم والدها، المرحوم العربي الشباك،لاعب المنتخب المغربي السابق، بوصلتها الأولى في عالم ساد فيه الاعتقاد أن الكرة للذكور فقط.
وسط هذا التحدي، آمنت غزلان بنفسها، فانتقلت بين فرق الأحياء، لتلتحق لاحقاً بنادي الرشاد البرنوصي، لتليها بعد ذلك تجارب مع فرق مختلفة كان أخرها، الجيش الملكي، الذي أصبح بيتها الرياضي منذ سنة 2012، هناك حيث توهج نجمها محليا وقارياً.
مع الجيش الملكي، حققت الشباك كل شيء، 11 لقبا للدوري المحلي، 10 ألقاب لكأس العرش، ولقب عصبة أبطال إفريقيا 2022. أما دولياً، فقد كانت حاملة شارة القيادة في كل المشاركات الكبرى، بدءا من بطولات إفريقيا حيث قادت زميلاتها إلى نهائي أول لهن في تاريخ كأس أمم إفريقيا سيدات في نسخته الماضية 2022، إلى تأهل تاريخي إلى دور ثمن النهائي في مونديال 2023 بأستراليا ونيوزيلندا، بعد أن قادت لبؤات الأطلس إلى أول إنجاز عالمي لمنتخب نسوي عربي.
أما اليوم، فتجد غزلان نفسها في واجهة بطولة أمم إفريقيا 2024، حيث خطفت الأنظار مجدداً بمهاراتها وذكائها، وتصدرت قائمة هدافات البطولة بـ4 أهداف، متقدمة على أسماء لامعة مثل نغونار ندياي وشينواندوإيهازيو.
وتتجه الأنظار الآن إلى الملعب الأولمبي بالرباط، حيث تخوض لبؤات الأطلس نهائي البطولة القارية أمام سيدات نيجيريا، يوم السبت 26 يوليوز الجاري. في مباراة ليست فقط من أجل الكأس، بل أيضاً لحسم لقب الهدافة الذي تتنافس عليه الشباك مع ثلاث لاعبات يلاحقنها بهدف وحيد.
وقد أكّدت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم (كاف) بدوره المكانة الكبيرة التي تحظى بها الشباك، بعدما اختارها ضمن تشكيلة أفضل لاعبات دور المجموعات، إلى جانب أسماء بارزة مثل النيجيرية رشيدات أجيبادي والجنوب إفريقية ريفيلوي جين. واعتبر الكاف أن ثلاثي خط الوسط هذا يُجسد مزيجاً من الإبداع والصلابة والذكاء التكتيكي.
أما مدرب المنتخب المغربي، خورخي فيلدا، فخصّ الشباك بإشادة خاصة، بعد تسجيلها ل"هاترك" في مباراة الكونغو الديموقراطية، قائلاً: "حين تكون غزلان في هذه الحالة الذهنية، من المستحيل إيقافها. لقد ألهبت المنتخب، وأظهرت لزميلاتها الطريق. وكانت حاضرة في كل مكان".
لكن الرهان الأهم يبقى معنويًا، فهو لقب "الإنجاز الكامل" بالنسبة لغزلان، التي صرحت: "لسيدات نيجيريا دين يريدن رده، لكن نحن أيضا لدينا حرقة نهائي 2022 الذي خسرناه".
ليس من السهل أن يتحدث المتابعون عن كرة القدم النسوية وطفرتها الرائعة في المغرب، دون ذكر اسم غزلان الشباك الذي ارتبط بالمنتخب المغربي منذ سنة 2007. فهي اللاعبة التي منحت اللعبة أكثر من نصف عمرها، قاتلت في صمت، صنعت الفارق بأهدافها، وشكلت مصدر إلهام لفتيات كثيرات يرين فيها القدوة والرمز.
وقد يكون نهائي الرباط بمثابة المشهد الختامي لأعظم فصول مسيرتها... أو بداية لمجد جديد إن قررت مواصلة الحلم.
فهل ترفع غزلان الشباك الكأس الغالية قبل الإعتزال؟
إضافة تعليق جديد