عن سن 30 سنة يشعر عصام العدوة بكثير من الراحة باختياره اللعب ببطولة إماراتية قال عنها أنها تطورت كثيرا وارتفع إيقاعها بشكل كبير.
كما يؤكد على أنه بلغ سن النضج الكافي الذي يتيح أمامه فهم ما يرغب فيه وكذا رسم خارطة ما تبقى له من ممارسة، مثنيا على مسؤولي النادي الإماراتي وما يلقاه داخل الفريق من رعاية وحسن اهتمام.
عصام العدوة اختار أن يطل من جديد على قراء «المنتخب» بعد طول غياب ليتحدث عن تجاربه السابقة والحالية ويحدد رهاناته المستقبلية تابعوا.

- المنتخب: نعود لنلتقي بك بعد طول غياب، أين كان عصام العدوة طيلة الفترة السابقة؟
عصام العدوة: كما تعلمون فأنا مقل في تصريحاتي وخرجاتي الإعلامية وأفضل منذ أن اخترت كرة القدم مهنة لي، التركيز على اللعب والمستطيل الأخضر وأنا أتكلم بطريقة مغايرة بقدمي أكثر من حديثي وحواراتي الصحفية.
لا يمكن أن نسميه اختفاء، أنتم تواكبون واقع كل المحترفين المغاربة بأوروبا والخليج وهذه المتابعة تؤكد لكم كما يعلم الجمهور على أني حاضر ولله الحمد وباستمرار في المشهد ولم أتخلف ولو لمباراة واحدة عن فريقي الظفرة الإماراتي.

- المنتخب: قبل أن نتحدث عن تجاربك السابقة وكيف جاء اختيار الظفرة، نود بداية أن نعرف إن كنت مرتاحا بالفعل داخل هذا النادي؟
عصام العدوة: الحمد لله، بطبيعة الحال أنا جد مرتاح وسعيد كوني حظيت منذ اليوم واللحظة التي قررت من خلالها حمل قميص هذا النادي بالإحترام الواجب.
في جل الأندية التي لعبت في صفوفها ومررت منها حرصت على أن يكون الإحترام المتبادل سيد العلاقات بيني وبين مسؤولي ومكونات هذه الفرق لأني أعتقد أن هذا أساس مسألتين، الأولى هي الإستمرارية والثاني هو توفير المناخ الهادئ والمثالي لتقديم مردود تقني مميز.
كل هذه الشروط وجدتها بنادي الظفرة لذلك لم أتردد ولو للحظة واحدة في التمديد والإستمرار رفقة هذا النادي والتطلع لتخليد وترك بصمة متميزة بصفوفه.

- المنتخب: قبل التوقيع للظفرة كانت لك عروض من فرق عديدة واختيارات متنوعة، لماذا الإستقرار على هذا النادي؟
عصام العدوة: صحيح، لأنه بعد تجربة اللعب في البطولة الصينية والتي كانت تجربة مميزة في مساري قررت التغيير وكان لا بد من اتخاذ أحد القرارين وهو إما العودة للعب بأوروبا وهنا الخيارات كانت ضئيلة أمامي ولم تكن محفزة أو اللعب في إحدى البطولات الخليجية وهو ما سبق لي وأن جربته رفقة نادي القادسية ذات يوم.
إخترت الظفرة كما سبق وقلت لك دون تردد لأن ما تحكم في قبولي لعرض هذا النادي ليس القيمة المالية ولا غيرها وإنما مشروع النادي وخطاب مسؤوليه ومراهنتهم على التوقيع معي، الأمر الذي أراحني وجعلني أقدم على هذه الخطوة والتي لا أعتبرها خطوة للخلف في مساري.

- المنتخب: أنت تكلمت عن تجربة اللعب في البطولة الصينية، أود أن تخبرني عن الإضافة التي كسبتها من هذه المغامرة رغم أنها كانت قصيرة بعض الشيء؟
عصام العدوة: لم يكن ممكنا بعد مغادرة فريق ليفانطي والليغا التفريط في عرض من حجم العرض الذي تلقيته للعب في البطولة الصينية.
اللعب في الصين التي انفتحت على كبار المحترفين على مستوى العالم واحدة من التجارب التي ستظل عالقة في مساري كلاعب وكانت رائعة بالفعل لأنني اكتشفت أشياء جديدة رفقة هذا النادي، وكما قلت لك الأمر لم يكن سهلا على الإطلاق وأتاح أمامي زيادة النضج وكسب خبرة إضافية ولست نادما على الإطلاق عليها، ورحيلي عن هذا الفريق جاء برغبة شخصية مني رغم إلحاح مسؤولي نادي شونغ ليفان على استمراري.

- المنتخب: البعض وجد في مغادرتك عن سن 26 سنة مثلا لبطولة عالمية من حجم الليغا وخوض تجارب مختلفة من قبيل البطولة الصينية والإماراتية تراجعا للخلف، كيف تعقب؟
عصام العدوة: بداية يجب توضيح مسألة في غاية الأهمية وهي كوني حين غادرت نادي ليفانطي الذي قضيت بصفوفه لحظات لا تنسى، فقد كان متاحا أمامي البقاء بالليغا ومجاورة فريقين كانا قد عبرا عن رغبتهما في استمراري هناك ومن بينهم نادي بتيس، إلا أنني حينها كنت قد اتفقت مع مسؤولي النادي الصيني بسبب شغفي ورغبتي في اكتشاف أجواء هذه البطولة التي كانت يومها قد أعلنت ثورة على مستوى التعاقدات وكان عقدا مغريا يصعب رفضه.
صحيح الليغا تعتبر من أقوى بطولات العالم إن لم تكن البطولة الأقوى على الإطلاق ولها مكانتها العالمية المتميزة، لكن مغادرتها بحثا عن آفاق أخرى لا يعني التراجع للخلف كما قلت و بشكل مطلق، بل إمكانية التراجع لخطوة للتقدم خطوتين وفي هذا السن تغيرت فكرتي على مستوى العقود والفرق التي من الممكن أن ألعب لها.

- المنتخب: أي استفادة حققتها من اللعب لفريق ليفانطي؟
عصام العدوة: بكل تأكيد هي استفادة كبيرة وبكل المقاييس لأنه حين تتاح فرصة اعتزال الكرة وأنا جد محظوظ كما الجمهور العالمي محظوظ بمواكبة لاعبين أسطورتين من حجم رونالدو وميسي ممكن أن أروي هذه الحكاية لأبنائي وممكن أن أؤكد لهم أني لم أكتف بمتابعة هذين اللاعبين، بل سبق لي مواجهتما مباشرة.
لقد تشرفت بملاقاة ريال مدريد وبرشلونة في أكثر من مناسبة وتشرفت بأن أواجه علماء الكرة على مستوى العالم وتوفقت بشهادة الصحافة الإسبانية التي منحتني تنقيطا جيدا في عديد النزالات والمواجهات، وبالتالي كان لهذه التجربة وقع خاص على مساري كلاعب وهي الأقوى بكل تأكيد.

- المنتخب: لو طلبت منك تقييما لمسارك الإحترافي، أي محطة تضعها ضمن خانة الأقوى؟
عصام العدوة: صعب جدا إجراء هذا التقييم لأن تجربتي الأولى مثلا وأنا أغادر البطولة عن سن 21 سنة صوب عالم غريب علي ستظل محفورة بذاكرتي.
اللعب لنادي نانط كان بمثابة إعادة التكوين لشخصيتي واستكمال له وأنا مدين لهذه التجربة بكل تأكيد.
اللعب بالبرتغال رفقة ناد مهيكل من طينة بوافيسطا جعلني أدخل تاريخ هذا النادي رفقة مجموعة استطاعت كسب كأس البرتغال وأحرجت مرارا الفرق التقليدية بورطو ولشبونة وبنفيكا، وكانت بدورها تجربة رائعة.
ليفانطي والليغا هما بمثابة استكمال الدراسة والحصول على الدكتوراه هناك، وبهذا الشكل أقيم المسار مثل طالب بدأ الدراسة بفرنسا وتحصل على الباكالوريا بالبرتغال ونال الإجازة وأعلى شهادة بإسبانيا.

- المنتخب: وماذا عن محطتي الصين والإمارات؟
عصام العدوة: قلت لك إنهما محطتان مهمتان لاستكمال النضج ولزيادة الخبرات ولوضع التجارب السابقة التي كسبتها في الميزان.
البطولة الإماراتية تحسنت بشكل كبير وارتقت عاليا وهذه شهادة لاعب سبق له اللعب بالبطولة الكويتية ذات يوم ومر من تجربة اللعب بالخليج واليوم يكتشف مناخا جديدا للممارسة، مناخ إحترافي بكل ما للكلمة من معنى.

- المنتخب: حين نتحدث عن 30 سنة واللعب في البطولة الإماراتية، ماذا تمثل بالنسبة للعدوة؟
عصام العدوة: بالنسبة للاعبين على مستوى العالم خاصة حين يكون هناك اتباع لنظام احترافي منضبط على مستوى الحياة والمعيشة هو السن الحقيقي للنضج.
اليوم أرى نفسي أكثر خبرة وأكثر هدوء على مستوى التفاعل والتعامل مع الأحداث، وبالنسبة لمدافع لا يمثل هذا السن شيئا لأن أكبر وأفضل مدافعي العالم هم اليوم بهذا السن، وأستحضر لك نموذج راموس مع ريال مدريد وحتى مارسيلو مع نفس الفريق حين نجد مثلا ريال مدريد يمدد لهم لـ 5 سنوات مقبلة وهم بمثل سني، ما يعني أن 30 سنة هي بداية النضج الفعلي للاعب المحترف.

- المنتخب: هي أنك تضع العودة لإحدى البطولات الأوروبية نصب عينيك؟
عصام العدوة: لو كنت أرغب في عقود متوسطة بفرنسا والبرتغال وحتى إسبانيا لما كنت اليوم رفقة الظفرة.
لقد أتيحت أمامي هذه الفرص وكان هناك أكثر من عرض للعب في البطولة التركية لكني رفضتها جميعها لأنه بعد اللعب في الليغا وبعد 9 سنوات من الإحتراف المتواصل الخطأ ممنوع في الخطوات المقبلة، وإن أتيحت لي الفرصة للعودة لأوروبا فلناد له كلمته وليس مجرد مكمل للديكور كي يقال أني ألعب بأوروبا.
أنا أفضل اللعب للظفرة الذي له مشروع و رؤية وأجد فيه راحتي كاملة على اللعب لفريق أوروبي يمارس على هامش الأحداث وبلا كلمة وبشروط هزيلة مثلا.