ماسر الفوز الهارب منذ شهرين؟
خريف غاضب بالريف
يمر شباب الريف الحسيمي من فترة فراغ قاتلة على مستوى النتائج التي حققها قبل نهاية الشطر الأول من البطولة الإحترافية وبعد استئناف عجلة البطولة دورانها، حيث غاب الإنتصار عن الفريق الحسيمي منذ شهرين أي منذ أن عاد فارس الريف بانتصار من خنيفرة بهدف الغنجاوي، وبعد ذلك دخل في عتمة الهزائم وتعادلات بطعم الإخفاق بميدان كان بعبعا ذات موسم عن هذه الفترة العصيبة وحركية الميركاتو وإكراهات الفريق الحسيمي ومساره الذي أضحى بكف عفريت سنحاول تقريب المتتبع للشأن الكروي من فارس يعيش كبوة طالت هواجسها.
فترة فراغ
حصد شباب الريف الحسيمي على امتداد ست دورات خلت نقطتين يتيمتين من تعادلين مخيبين للآمال داخل ملعب ميمون العرصي أمام كل من المغرب التطواني وحسنية أكادير وأربع هزائم ضدالرجاء والجيش والدفاع الجديدي وأولمبيك آسفي، فمن أصل 18 نقطة ممكنة حقق الفريق الحسيمي نسبة ضعيفة تقدر بـ 11 بالمائة، وتلقت شباكه 13 هدفا وسجل هجومه 3 أهداف فقط، كما عرف خلالها أكبر هزيمة بالميدان أمام الجيش الملكي برباعية نظيفة، وتميزت أغلب فترات هذه المدة بغيابات وازنة عن الفريق خاصة المايسترو المباركي والهداف أومغار وصمام الأمان تاج الدين منور، في الوقت الذي اعتمد فيه مديح على تركيبات بشرية مختلفة حسب طبيعة كل مبارة، وغاب المدرب مديح عن دكة البدلاء بعد الدقيقة 17 من لقاء ملعب العبدي أمام الجديدة بسبب الطرد كما واصل غيابه على إثر ذلك في مباراتي الجولة الأولى والثانية من مرحلة الإياب.
مسار مديح
منذ إلتحاق مديح كربان جديد لشباب الريف الحسيمي استطاع أن يضعه على السكة الصحيحة بعد معاناة في مقابلة الوداد التي انتهت لصالح الحمر بثلاثية وبنقص عددي خفف من عبء الهزيمة، بعدها استفاقت العناصر الحسيمية على سلسلة من النتائج الإيجابية بثلاثة انتصارات وتعادلين خارج الديار أي إضافة 12 نقطة لرصيد الفريق الذي أصبح مع فرق المقدمة، ليصبح بين عشية وضحاها من فرق مؤخرة الترتيب لما تجمد الرصيد بدخول شباب الريف دوامة النتائج السلبية في آخر ست مباريات أجراها لحد الآن، فكانت هذه السلسلة بمثابة الوجه المظلم للتي سبقتها، فبعد يوم مشرق بالانتصارات حل ظلام الهزائم والإخفاقات.
هذه القراءة في مسار المدرب مديح تذكر المتتبع بمساره رفقة حسنية أكادير خلال الموسم الماضي، حيث بدأ بحصد 15 نقطة في عشر مقابلات بثلاثة انتصارات وستة تعادلات ومن دون هزيمة كسلسلة إيجابية، لكنه أنهاه بـ «عشرية» مغايرة تماما بجمع نقطتين فقط أنهى بها المشوار وسط الترتيب العام لفرق البطولة الإحترافية.
بين مشوار سابق بالحسنية وآخر يعيشه بالحسيمة تشابه كبير يتسم كل واحد منهما بنتائج يمكن اعتبارها مرحلية، فهل يكرس مديح هذه الفلسفة التي أوجدتها الأرقام؟ أم أنه سيكسر القاعدة ويبقى في خانة مظلمة؟ أم أن انتفاضته ستكون طويلة الأمد؟
ميركاتو الفريق في الميزان
لا شك أن صفقة رشيد حسني كانت الأبرز خلال المركاتو الشتوي المنقضي حديثا لكونها الأغلى قيمة، ولا شك أن انتداب ثمانية لاعبين في ذات الفترة وفك الارتباط مع ستة عناصر تبقى حركية مهمة عاشها فريق شباب الريف الحسيمي واستأثرت باهتمام الجميع، لكن القراءة في الأسماء الوافدة والمغادرة بمعزل عن القمية المادية والعددية ستختلف طبعا، فتسريح لاعبين شاركوا في مقابلات عديدة خلال الموسم الماضي والحاضر وجلب لاعبين غابت عنهم التنافسية سمة يمكن التكهن بنتائجها لكل فرد على حدة، فصفقة انتقال حسني تعتبر جد مهمة ماديا وبشريا كذلك بانتداب أصوفي كلاعب له نفس المميزات التقنية غير أنه كان في مرحلة عطالة كروية لنصف موسم، شأنه في ذلك شأن زميله محمد السعيدي الذي سيغطي خصاصا في مركز لطالما أدى شباب الريف ثمن ذلك غاليا، فقراءة هذه المبادلة البشرية لها وجهان، وجه مشرق بربح مادي وعددي مؤقت لكون أصوفي سيعود إلى الوداد بنهاية الموسم وكذلك لكون السعيدي كلاعب دولي يرتبط بعقد طويل المدى عن سن لا تتجاوز 21 سنة سينفع لا محالة فريقه الحسيمي، ووجه باهت لكون الفريق فرط في لاعب مؤثر من ركائزه بلاعبين اثنين لا يمكن التكهن بمدى انسجامهما مع المجموعة.
من جهة أخرى انفصل الفريق الحسيمي عن لاعبين خاضوا مباريات عديدة وتعاقد مع لاعبين لازموا دكة الإحتياط أو غابوا عنها تماما، لكن الأهم في ذلك هو أنها اختيارات مدرب جاور هؤلاء ووضع فيهم الثقة كلاعبين شباب متعطشين لتدوين أسمائهم بالبطولة الوطنية، وتحسبا لإيجاد عنصر من الديار الأوروبية قد يلقى نجاحا كالذي وجده رشيد حسني أبرم مسؤولو الفريق الحسيمي عقدا مع لاعبين من قسم الهواة ببلجيكا لعلهم ينجحون في هذه «المغامرة»، سيما وأن مديح بخبرته الطويلة في مجال التدريب واكتشاف المواهب أعطى الضوء الأخضر لانتدابهما وقبلهما جلب الفريق اللاعب الحدادي لتمتين خط الوسط.
بعد نهاية الموسم سيحتفظ الفريق الحسيمي بثلاثة لاعبين اثنان منهما يجاوران المنتخب الأولمبي، فيما ستنتهي عقود الآخرين الذين قد يجددوا للفريق الأزرق في حال إقناعهم للطاقم التقني والإداري بحكم أن عقد مديح سينتهي كذلك بنهاية البطولة.
تفاعل الجمهور الحسيمي
لا يترك الجمهور الحسيمي صغيرة وكبيرة لفريقه إلا ويحصيها، يتداولها، يناقشها ويحكم عليها ويتفاعل معها، فصفحات مواقع التواصل الإجتماعية تنبض بالإرتسامات حول كل ما يجري في القلعة الزرقاء من انتدابات ونتائج ومستوى اللاعبين ودور المسيرين، لكن التفاعل الحقيقي هو ذلك الذي تعيشه مدرجات «شيبولا» التي أصبحت تحن للزمن الجميل الذي كانت تمتلئ فيه عن آخرها، فباستثناء بعض الوجوه المألوفة التي لا تمل من حضور المقابلات وتقبل كل النتائج بسرور أو على مضض، فقد غابت الجماهير الحسيمية بصورة كبيرة مقارنة مع فترات سابقة وتراجعت الأعداد الغفيرة للمناصرين داخل الميدان مباراة بعد أخرى، وقاطعت الإلترات بعض هذه المباريات كآلية من آليات الإحتجاج وعدم الرضا على مستوى الفريق والتزمت الصمت بداخلها وهي تتابع فارس الريف من بيوتها لتخرج بعد ذلك إلى العالم الافتراضي وتناقش تفاصيل اللقاءات وأداء اللاعبين وخطة المدرب وانشغالات المسير.
في كل الحالات يتفاعل الجمهور الحسيمي مع فريقه الذي ناضل من أجله سنوات ليصبح من فرق الصفوة، لكن التفاعل الإيجابي المثمر الذي لا يؤدي إلى الندامة هو الذي يكون من المدرجات التي تفتح في وجه الجمهور بأثمان لم يعتادوها تارة وتارة أخرى بالمجان لكن النتيجة تبقى جلية بكون الحمهور الحسيمي تراجعت أعداده الحاضرة بملعب ميمون العرصي، لكن الشيء الأكيد أنها متفاعلة سرا.
طريق محفوفة بالمخاطر
بالنظر لما حققه الفريق الحسيمي من نتائج في الآونة الأخيرة، وتحسبا لقوة المقابلات المتبقة يتكهن العديد ممن يتتبع شباب الريف الحسيمي ويهتم بالبطولة الوطنية أن الأمور لن تكون سهلة في الدورات القادمة، فمواجهات فرق المقدمة صعبة ومباريات الفرق التي تصارع للبقاء أصعب، فكلا الفئتين ستعملان على الإستفادة من العلامة كاملة مما سيصعب من مأمورية فارس الريف المطالب بشحذ الهمم لتغيير المسار السلبي بسلك طريق معبدة نحو ضمان البقاء قبل اللحظات الأخيرة.
تنتظر شباب الريف مواجهات داخل الميدان أمام فرق المقدمة التي ستأتي لتكريس تفوقها ومواجهات لأندية اسفل الترتيب التي ستبذل الغالي والنفيس في سبيل ربح مباراة داخل شيبولا بست نقط،ولعل مباريات الفريق الحسيمي خارج الديار لن تكون إلا قوية قد يراهن عليها للعب بدون ضغط أمام فرق ستتجند جماهيرها لهزم فريق يلعب خارج قواعده بدون أنصار تقريبا بحكم بعد المسافة والعزوف جماهيري.
أمام هذا الوضع لا خيار للفريق إلا استغلال النقطة ضمانا لجمع أكبر عدد منها يؤهلهم للإستمرار بالبطولة الإحترافية، لذلك ارتأى المسؤولون أن يخصصوا لكل المقابلات المقبلة منحة مضاعفة لتحفيز اللاعبين على بذل المزيد من المجهودات و«الإنتحار» في سبيل النجاة.
متابعة: محمد أوصابر
مديح: أداؤنا تحسن والنتائج لا تسايرنا
إعتبر مصطفى مديح فريقه شباب الريف الحسيمي يقدم مقابلات في المستوى لكن النتائج لا تساير ذلك الأداء، وقال مديح بأن كرة القدم تؤمن بالنتائج بغض النظر عن المستوى، وأعرب في حديثه لـ «المنتخب» عن أسفه لذلك، كما أكد أنه يترقب أول انتصار بعد هذه الكبوة لتعرف كتيبته الزرقاء انطلاقة صحيحة، وجدد ربان شباب الريف ثقته في مجموعته التي تحتاج لمزيد من العمل على المستوى الذهني للخروج من أزمة نتائج.
- المنتخب: هل يمكن لك أن تشخص لنا وضعية فريقكم؟
مديح: نقدم مباريات في المستوى لكن النتائج تخاصمنا ولا تساير ذلك الأداء الذي نقدمه، فتكون نتيجته عدم إستقرار الجانب الذهني للاعبين وهذا ما نعمل على معالجته، في معظم المقابلات يغيب التركيز كما كان الشأن في آخر مباراة أمام حسنية أكادير التي كنا سنحقق فيها إنتصارا كان سيضعنا على السكة الصحيحة، وبالمناسبة فالشيء بالشيء يذكر أود عبر منبركم أن أعتذر لكل الجماهير المغربية عموما والحسيمية على وجه خاص عن تصرف اللاعب مفضل، لأن فريق شباب الريف معروف بسمعته الطيبة، غير أن اللاعب المهدي مفضل الذي يتميز بأخلاقه العالية جانب الصواب وقد يحدث هذا لكل لاعب وسيلقى جزاؤه من المسيرين بغرامة مالية، خلاصة القول أننا سنتمم العمل الذي نحن بصدده لإنهاء المشوار في مرتبة مريحة.
- المنتخب: بعد سلسلة من النتائج الإيجابية دخلتم في مرحلة الهزائم المتوالية، وهذا يذكرنا بما كنت عليه الموسم الماضي رفقة حسنية أكادير، فهل هي ماركة مسجلة باسم مديح؟
مديح: هي إحصائيات لا أقل ولا أكثر، لنلتفت إلى النتائج التي كانت إيجابية في مجملها بالنسبة لي عندما أشرفت سابقا على فريقي أولمبيك خريبكة والجيش الملكي والمنتخب الوطني، وعملي بشباب الريف الحسيمي يختلف كثيرا عن تدريبي لفريق الحسنية، ولا يمكن إطلاق نفس الحكم، لأن الظروف هي التي تحكمت في مرحلة الإياب خلال الموسم الماضي. هنا بالحسيمة الأمور مغايرة من حيث انتدابات بداية الموسم التي لم أقم بها، غير أنني مسؤول عن التعاقدات الحالية التي ستقدم أغلبها إضافة نوعية بعد التأقلم الذي يحتاج لوقت كاف.
- المنتخب: ماذا سيغير مديح لوضع قطار شباب الريف على سكته الصحيحة؟
مديح: سنعمل كما قلت على تقوية الجانب الذهني والنفسي الذي نحن بصدده منذ مدة، كرة القدم تؤمن بالنتائج وتتجاهل الأداء، لهذا فلابد من العمل لحصد انتصار واحد على الأقل لإيجاد الطريق الصحيح نحو صحوة تعيدنا إلى المراكز المتقدمة، كما أننا في حاجة إلى إعادة الجماهير إلى المدرجات لأننا في حاجة ماسة إليه في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى، كنا أقرب لذلك في مباراة الدورة السابقة لكن الأمور سارت عكس المتوقع.
الأهم هو تحقيق فوز أو فوزين في القريب العاجل والبحث عن تجانس أكبر بين اللاعبين، فطموحنا باحتلال مراتب متقدمة يمكن اعتباره أسهل في ظل تقارب التنقيط بين الفرق الوطنية، وفي ظل المجهودات والتحفيزات والتشجيعات التي يقوم بها المكتب المسير.
حاوره: محمد أوصابر