هل هو خيار استراتيجي أم إجراء تقشفي ؟

المنتخب:أحمد منير 
أسدل الستار قبل أيام عن مرحلة الانتقالات الصيفية التي شهدت كالعادة حركية كبيرة في صفوف اللاعبين وشكلت أيضا فرصة سانحة للأندية الوطنية لتعزيز صفوفها بقطع غيار جديدة وفق حاجياتها البشرية والإمكانيات المادية المرصودة لهاته العملية طبعا ، الدفاع الحسني الجديدي واحد من بين فرق عديدة لجأت إلى عملية الاستيراد بالموازاة مع سياسة التشبيب لسد الخصاص الذي تعاني منه تركيبته بسبب النزيف البشري الحاد الذي تعرض له فارس دكالة بعد الهجرة الجماعية لأبرز نجومه ، وعلى عكس المواسم السابقة  فإن معظم صفقات الدفاع الصيفية همت لاعبين من القسم الثاني والهواة وبأقل التكاليف ، وهي خطوة جريئة لا تخلو من مغامرة أقدم عليها المسؤولون الجديديون وفرضتها مجموعة من العوامل ..، كما انخرط في هاته الاستراتيجية المدرب جمال سلامي الذي تعاقد معه الدفاع الجديدي لتنفيذ مشروعه الطموح الذي يمتد لثلاث سنوات والرامي إلى إعادة تأهيل وبناء الفريق وتكوين قاعدة وصلبة تضمن استمراريته وتؤهله للمنافسة مستقبلا على الألقاب .
الدفاع يضرب بقوة في سوق الانتقالات
خلال المواسم الأخيرة تخلى الدفاع الحسني الجديدي عن سياسة التكوين التي بفضلها حقق الصعود أو بالأحرى العودة في موسم 2005 إلى قسم الأضواء ، وانضم إلى قائمة الأندية الوطنية التي تستورد اللاعب الجاهز وتخصص ميزانية ضخمة للإنتدابات الصيفية والشتوية ،وجاء هذا التحول بعدما قررت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في شتنبر 2008 إبرام اتفاقية الاحتضان مع الفريق الدكالي وخصصت اعتماد مالي سنوي قار لهذا الأخير إسوة بأندية أولمبيك خريبكة ، أولمبيك آسفي وآخرين ..، لتخليصه من عملية الاستجداء ، وكان من نتائج هاته الشراكة الاستراتيجية أن تحول الدفاع إلى واحد من الأندية ((الميسورة)) التي أضحت تنافس السواعد الكبرى على ضم أجود اللاعبين المحليين والأجانب ، وتحول كذلك إلى رقم صعب داخل البطولة الوطنية ، بدليل أنه في الخمس سنوات الماضية احتل الفريق مركز الوصافة في 2009 والمرتبة الثالثة في الموسم الذي يليه ، وأحرز أول لقب لكأس العرش في تاريخه في موسم 2013 ، فضلا عن مشاركته في عصبة الأبطال مرة واحدة وكأس (الكاف) في مناسبتين ، لكن بالموازاة مع هاته النجاحات كانت هناك مجموعة من المظاهر السلبية من بينها تهميش الخامات المحلية ، وتحطيم الفريق لرقم قياسي في عدد المستوردين بعدما رفع المسؤولون من سقف الطموحات ، إذ فاق عدد اللاعبين المنتدبين في فترة ولاية الرئيسين السابقين منديب وقابيل ، ستين لاعبا ثلثهم من قادمون من الرشاد البرنوصي الذي تحول إلى زبون شبه دائم للدكاليين ، مع ما رافق هاته العملية من استنزاف لمالية الفريق.
إدارة الفوسفاط ترفع "الفيتو" في وجه الفريق
مع مطلع السنة الجارية وجهت إدارة الفوسفاط صفعة قوية لمسيري الدفاع عندما فرضت بندا جديدا في اتفاقية الاحتضان في طبعتها المنقحة والمزيدة يمنع على المسؤولين الجديديين شراء لاعبين من خارج الجديدة من الاعتماد المالي الذي تقدمه للنادي على دفعات ، وتلزمهم أيضا بتخصيص نسبة مهمة من المنحة للتكوين القاعدي إلى جانب صرف منح المباريات والرواتب الشهرية للاعبين والأطر التقنية ، وهي دعوة صريحة من المؤسسة الراعية إلى القائمين عن الشأن الكروي الدكالي إلى ترشيد النفقات وإيلاء الاهتمام اللازم للفئات الصغرى  باعتبارها الرافد الأساسي للفريق الأول ، بدل الاقتصار على عملية الاستيراد التي أنهكت ميزانية النادي ، وقد التقط مكتب الدفاع الإشارات القوية القادمة من إدارة (م ش ف) وغير من استراتيجية عمله هذا الموسم باعتماده سياسة تقشفية تمر عبر التخفيض من الاعتمادات المالية المخصصة لجلب اللاعبين التي سيتم تسديدها من عائدات النقل التلفزي الاستشهار ، كما أن ارتفاع مديونية الفريق الجديدي في الموسم المنصرم والتي فاقت 700 مليون سنتيم إثر تملص الجماعات المحلية من التزاماتها ، فرض كذلك على أعضاء المكتب المسير تقنين الانتدابات و (تزيار الصمطة) لإنقاذ فريقهم من الإفلاس.
لاعبون من الهواة الملاذ الوحيد
عندما اقتنع مسؤولو الدفاع بضرورة إعادة النظر في السياسة العامة للنادي ، وأدركوا جيدا أن بناء فريق تنافسي يمر أساسا عبر إعطاء الفرصة للطاقات المحلية الشابة والموهوبة انسجاما مع توجيهات المحتضن الرسمي ، مع تطعيمها بعناصر مجربة من خارج الجديدة . وكان لزاما عليهم ( أي صناع القرار) البحث عن مدرب في مستوى رهانات المرحلة ، حيث وقع الاختيار على الإطار التقني الوطني جمال سلامي الذي تم الارتباط به لمدة ثلاثة مواسم وفق مشروع محدد الأهداف والذي يروم تكوين فريق دكالي قوي يشرف المنطقة ، خاصة وأنه سبق وأن نجح في مشروع مماثل رفقة الفتح الرباطي .
بعدما أخضع المجموعة الدكالية لاختبارات روتينية ، بادر سلامي إلى استبعاد عدد من اللاعبين من اللائحة ، وخاصة العاطلين كرويا وممن لا يتوفرون على (بروفايل) يؤهلهم للانخراط في المشروع الطموح الذي تبناه النادي ، وعلى ضوء عملية الغربلة ، حدد مروض الفرسان حاجيات الفريق التي خضعت لمقاسات فنية محددة ، حيث صوب راداره نحو لاعبي القسم الثاني والهواة لسببين اثنين : أولهما الركود الكبير الذي شهده سوق الانتقالات الصيفية في ظل انخفاض العرض وارتفاع الطلب ، وثانيا انخفاض أسعار اللاعبين الممارسين بالأقسام السفلى ، حتى يساير سياسة التقشف التي اعتمدها المكتب المسير والرامية إلى التقليص من حجم الانفاق على الانتدابات ، وقد نجح الفريق الدكالي من استقطاب عشرة لاعبين بإيعاز من سلامي ، من بينهم ثلاثة حراس للمرمى أبرزهم المخضرم خالد العسكري الذي راكم تجربة كبيرة في البطولة الاحترافية وشكل وحده الاستثناء من بين الوافدين الجدد للدفاع والذين كانوا يمارسون ضمن أندية القسم الثاني والهواة ، وفي الوقت الذي دافع فيه المدرب الجديدي عن اختياراته البشرية واعتبر معظمها ناجحة ، بالنظر إلى القيمة الفنية لهؤلاء المنتدبين الذين سيشكلون النواة الصلبة للنادي ، فضلا عن كونهم لم يكلفوا الدفاع غلافا ماليا كبيرا ، فإن أطرافا أخرى وفي مقدمتها الجماهير الدكالية انتقدت وبشدة أداء بعض العناصر المجلوبة التي برأيها تفتقد إلى شروط الأهلية لحمل قميص الفريق في دوري الكبار ، وانضم العميد زكرياء حذراف هو الآخر إلى قائمة المحتجين ، حيث دعا المسؤولين من باب الغيرة على الفريق ، في تصريح سابق ل"المنتخب " إلى الاستعانة بقطع غيار وازنة بالموازاة مع الأسماء الشابة الجديدة التي وقع عليها الاختيار والتي لا يقلل من قيمتها الفنية ، وذلك للحفاظ على توازن النادي ، خاصة وأن الدوري الوطني الإحترافي على حد قوله يحتاج إلى لاعبين مجربين لمسايرة إيقاع المنافسات .
مهما كانت المبررات وخلفيات القرار ، تبقى الخطوة التي أقدم عليها مكتب الدفاع هذا الموسم جريئة لبناء فريق قوي يقارع الكبار ويصارع من أجل حيازة الألقاب مستقبلا ، ووحدها المباريات القادمة كفيلة بالحكم على مدى نجاعة اختيارات المدرب جمال سلامي من عدمها ، مع أنه متفائل بالمجموعة الجديدية الحالية وواثق من إمكانياتها ، ومن ثمة غير متخوف حول مستقبل فريقه .
الوافدون في الميركاتو الصيفي :
خالد العسكري (انتقال حر) ،المهدي مفتاح (وداد فاس ) المهدي أكضاي (ج.سلا)-أمين لمسن (الاتحاد البيضاوي) ،طارق أستاتي (انتقال حر) ،جواد العماري (إ.الخميسات)،مروان هدهودي (انتقال حر) ،حميد أحداد ووليد أزارو (أدرار سوس) ، ممادو نيانغ (نياري تالي السينغالي).
 
اللائحة النهائية للدفاع الجديدي:
حراسة المرمى : خالد العسكري – المهدي مفتاح – المهدي أكضاي
الدفاع :محمد حمامي - أيوب بنشاوي - عادل صعصع- أمين لمسن –مروان هدهودي –عبد القادر قاضي - يوسف أكردوم - عصام بن بو عبد الله .
وسط الميدان : واتارا باسيريكي - أنور جيد - زكرياء لعيوض – سانغا توبيو كوليبالي –عادل الحسناوي - طارق أستاتي - جواد العمري - وليد مجيدي .
المهاجمون : شعيب المفتول - زكرياء حذراف - أيوب نناح - لامين دياكيتي - ممادو نيانغ- المهدي صاد - وليد أزارو - حميد أحداد .