يحتاج الورش الإحترافي الذي أطلقته كرة القدم المغربية، ابتغاء بلوغ المستويات العالية التي يتطور مداها يوما بعد يوم، إلى ما يضمن تسريع الوثيرة وإلى ما يسعف هذا الورش ويرتفع به فوق المعيقات الهيكلية والفكرية التي تلاحقه.
يحتاج هذا الورش من عائلة كرة القدم الوطنية وبخاصة من الجامعة، الوصي المباشر على كرة القدم، إلى سؤال متجدد حول الخطوات التي أنجزت بالفعل في هذا الورش، وحول المعيقات التي تحول دون تحرك العمل فيه بالوثيرة التي نطمح إليها، وحول المناطق المعتمة فيه بفعل ما هو موجود في تركيبتنا الرياضية من معطلات فكرية، بخاصة من قبل أولئك الذين لا يتطابقون لا رياضيا ولا فكريا مع أدبيات ولزوميات الإحتراف.
لا أسأل هنا عن المدة الزمنية التي تحتاجها أنديتنا المستوفية للشروط المنصوص عليها في قانون التربية البدنية والرياضة 30-09، لتحدث شركات رياضية تدير الفرع بأسلوب احترافي ومقاولاتي، ولا أسأل عن البطء الشديد الذي تسير به عملية مطابقة الجامعات والجمعيات الرياضية مع النظم النموذجية المحددة من قبل المشرع، ولكنني أسأل عن البدع التي تكثر داخل الأندية الرياضية، كلما تعلق الأمر بالإمتثال لروح القانون، وكلما كانت هناك حاجة لوقف استشراء الأزمات المادية وكلما كانت هناك حاجة لخلق ما يسمى بالتوازنات الإقتصادية، أي موازنة المصاريف مع العائدات.
من هذه البدع أن الأندية وقد تنبهت إلى أن حرب المزايدات والمناقصات والتسابق المجنون للإستفراد بصفقات بعينها قد أورثت حالة من التسيب المفضي إلى الإفلاس، لجأت إلى حيل مع لاعبيها للسيطرة على ما بات يعرف بالمزادات المجنونة في سوق اللاعبين والتي ترفع القيم بشكل جنوني.
فإذا كانت عقود اللاعبين المتعارف دوليا على بنودها، تنص على حصول اللاعبين على منح توقيع يتم توزيعها على شطرين أو ثلاثة أشطر أو على رواتب شهرية أو أسبوعية، فإن البدعة التي أحدثتها بعض الأندية، تتمثل في الإستعاضة عن منحة التوقيع بمنحة المردود، وإذا ما كانت الأندية تتطلع إلى ما يربط اللاعب ربطا كاملا بالمردود داخل الملعب، والذي يقاس في العادة بعدد المباريات الملعوبة، فإن اللاعب الذي تتهافت عليه الأندية سيكون عليه أن يظل تحت رحمة هذا المردود الذي قد لا يكون هو المتحكم الأول والأخير فيه.
كثيرون هم اللاعبون الذي انتذبهم للأندية مدربون بعينهم، وحصلوا على مطلق الرسمية التي تصل بالمردود إلى مستويات عالية، إلا أنهم مع رحيل مدرب تحت وطأة ضعف وهزالة النتائج، ومجيء مدرب آخر بفلسفة مختلفة، يجدون أنفسهم قد أدخلوا كرها سجن الإحتياط لأنهم لا يدخلون في فلسفة المدرب الجديد، بل منهم من تضعف مردوديته بسبب إصابة خطيرة لحقت به، وهنا يكون المتضرر الوحيد هو اللاعب، بل إن من يؤدي وحيدا ضريبة تهور المسيرين وتغيير المدربين هو اللاعب الذي يجد منحة التوقيع التي وقع عليها قد تقلصت بنسب تزيد عن خمسين بالمائة من قيمتها الإجمالية. 
هناك حاجة إذا لأن تكون عقود اللاعبين والمدربين على حد سواء موضوع مراجعة شاملة من قبل اللجان القانونية العاملة داخل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، مراجعة تلائم نظام عقودنا مع ما هو معمول في كل دول العالم، ومع العقود النموذجية التي تقترحها الفيفا على الجامعات الوطنية، والهدف هو حفظ حقوق اللاعب وحقوق الأندية على حد سواء، والحيلولة دون إنتاج مزيد من البدع التي تفضي إلى الضلال.