هي حجرة رمى بها جواد الزيات لتحريك المياه الراكدة، بالجرأة التي يجب أن يتمتع بها كل من يأتي إلى رئاسة فريق بقيمة وجماهيرية الرجاء البيضاوي، عندما تساءل خلال الندوة التي قدم خلالها القميص الجديد للرجاء سوبر أفريقيا، أولا على المرجعية القانونية التي تأسس عليها توزيع عائدات النقل التلفزي بالتساوي بين الأندية الوطنية، وعندما خاطب ثانيا، الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المستفيدة بشكل حصري من حقوق البث لمباريات البطولة الإحترافية، عن القيمة المالية الإجمالية التي تفوت بها للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، حقوق البث والتي لا تتجاوز حسب علمي، ومنذ زمن بعيد العشرة مليارات من السنتيمات.
وبالطبع عندما يعمد الزيات بالبراغماتية التي تطبع تفكيره، وأيضا بالقراءات المعمقة التي قام بها، والتي دلته على ما يوجد من فوارق في قيمة العائدات بيننا وبين بطولات الجوار والتي توجد على نفس خطنا الإقتصادي، فإنه لم يفعل ذلك لتبخيس العمل الذي تقوم به الجامعة من أجل دعم الأندية الوطنية، سواء تلك التي تمر بضائقات مالية كبيرة تخنق الشريان وتهدد بالموت السريري، وكان الرجاء في مقدمتها، أو تلك التي تسافر للأدغال الإفريقية، في مشاركات خارجية وتحتاج بالفعل إلى ما يساعدها على سداد الفاتورة الباهظة لكل تلك التنقلات، ولكنه قصد تحريك النقاش، حتى لو بدا البعض مختلفا على توقيته أو حتى مضمونه، لطالما أن الإختلاف في مثل هذه الأشياء التي تضبط المسار الإحترافي، لا تفسد للود ولا حتى لكرة القدم الوطنية مصلحة وودا.
لا شك أن جواد الزيات، الذي أمسك بمقود ملتهب وصعد إلى غرفة قيادة فريق يقاتل من أجل فك طوق المديونية الثقيل الذي يطبق على عنقه فلا يتركه يتنفس بشكل طبيعي، يعرف جيدا أن عمله يجب أن يرتكز بمعية فريق العمل الذي انتقاه لهذه المهمة الصعبة، على تجفيف منابع الأزمة، لابد وأن يتحرك في كل الإتجاهات، وبالطبع عندما يسائل عائلة كرة القدم بخصوص المعايير التي استوجبت هذا البعد «الإشتراكي» في تقسيم عائدات النقل التلفزي، وعندما يعقد مقارنات مشروعة بين ما تنفقه التلفزة المغربية كل شهر رمضان على «سيتكومات» يجمع المغاربة بمختلف أشكال الرصد و«السونداج» على قيمتها الفنية الهابطة، وما ينفق على بطولة احترافية تمنح التلفزة المغربية بقنواتها الثلاث 240 مباراة كل موسم، وما يزيد على 360 ساعة من البث المباشر، فإنه بالتأكيد يريد أن يصل إلى أن هناك حاجة أولا لإعادة صياغة المعايير المعمول بها لتوزيع العائدات، كما أن هناك حاجة للجلوس مع الشركة الوطنية للتلفزة لمناقشة القيمة المالية المعروضة للحصول على حقوق البث الحصرية للبطولة الإحترافية، فليس هناك على الإطلاق ما يسمح بمزيد من التضحيات التي تقدمها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وهي تقتطع من المنح المالية الممنوحة لها من خلال شراكات موقعة مع مؤسسات اقتصادية كبرى، لصرفها على المنتخبات الوطنية، لمكافأة الأندية الوطنية، وأيضا لدعمها ماليا كلما توجهت إلى إفريقيا ممثلة لكرة القدم الوطنية في منافسات عصبة الأبطال وكأس الكونفدرالية، ولا يمكن لجواد الزيات ولا لأي من رؤساء الأندية التي تسافر إفريقيا، أن ينكروا الدعم المالي الكبير الذي تمنحه الجامعة للأندية، أولا بتأمين رحلات مريحة عندما يتعلق الأمر برحلات شاقة، من خلال المساعدة على توفير رحلات خاصة ومباشرة، وثانيا بتخصيص حوافز مالية لكل فريق تجاوز دورا من الأدوار. 
على الأقل جواد الزيات تجرأ وخرج من الجحر، ليطرح جهرا أسئلة مشروعة، وله أجر الإجتهاد.