لا أخلاقيات المهنة ولا إشارات المنع التي تنتصب في شارع الزمالة، ولا ما أحرص دوما عليه من كياسة لغض الطرف عما يعتمل في مشهدنا الإعلامي العربي من موبقات فكرية وسلوكية، لا شيء من هذا سيحول دون أن أضعكم في صورة ما حدث خلال الجمعية العمومية للإتحاد العربي للصحافة الرياضية المنعقدة بعمان عاصمة أردن النشامى والعزة والكرامة، فالأمانة الفكرية والنزاهة الإعلامية تلزماني بالإعتراف على أن ما حدث في بداية تلك الجمعية العمومية كان مجلبة للعار وإساءة عن عمد لأخلاقيات التناظر وضربا مبرحا للترافع باسم مهنة الإعلام الرياضي للإنتصار دوما للرقي الفكري.
عمان التي تواجدت بها مع زميلي محمد الروحلي لأربعة أيام، ليقف الروحلي على مسرح الإعتراف، مقلدا بميدالية التكريم العربي، ولأسعى بكل تواضع، لنيل ثقة الزملاء في البقاء لسنوات أربع أخرى إن شاء الله، عضوا باللجنة التنفيذية للإتحاد العربي للصحافة الرياضية، وجدتها كما عهدتها فاتحة الأدرع لأشقائها العرب، وساعية لأن تكون كما أرادت ذلك العائلة الهاشمية منذ أمد بعيد أرضا للإتفاق وفضاء للوفاق العربي. وستخلد بالذاكرة كثير من صور البهجة التي أشاعتها احتفالية العيد الحادي عشر للإعلاميين الرياضيين العرب، المنظمة بكثير من الإتقان من قبل الإتحاد العربي للصحافة الرياضية، تنزيلا لتقليد جميل يحتفي بقادة الإعلام الرياضي من المحيط إلى الخليج العربي، فمن منا لا يتمنى أن يقف على تلك المنصة الإحتفالية، ومن منا يستطيع حبس دموعه في لحظة تسلم إكليل الوفاء والعرفان، تتويجا لسنوات كثيرة قضاها في خدمة إعلام وطنه وعالمه العربي.
وقد رأى الإتحاد العربي للصحافة الرياضية أن يجمع بين العيد الحادي عشر للإعلاميين الرياضيين وبين جمعيته العمومية، لتكون المسافة الزمنية الفاصلة بينهما يوما واحدا، ليقينه الكامل أن المشهد سيسوده الكثير من الوفاق والإصرار على وحدة صف الإعلام الرياضي العربي، وأن كل من سيأتى مكرما أو منتدبا من بلده لحضور الجمعية العمومية، حريص على حماية خيمتنا الإعلامية، التي هي الإتحاد العربي للصحافة الرياضة من كل ما يعصف بزمننا العربي من رياح خبيثة.
ولم تكن المشاهد التي وقفت على كثير منها في كواليس الجمعية العمومية، من تربيطات وتجاذبات ومحادير ووشوشات في الردهات، هي من طبيعة الجموع العامة التي حضرت المئات منها، لتنبئني بهذا الذي ينتظرني وكل الزملاء خلال الجمعية العمومية التي انعقدت يوم الأحد الماضي بقاعة "هلا" بمدينة الحسين الرياضية للشباب، برغم أنني كنت أعرف سلفا أننا نتحرك في حقول ألغام، وتعترضنا الكثير من المطبات، وأن الهاجس المهني ليس وحده من يؤثث ذاك التجمع الإعلامي الرياضي العربي.
وقد تصورت خطأ أنني نجحت مع زملائي داخل اللجنة التنفيذية للإتحاد العربي للصحافة الرياضية ، ومع القامات الإعلامية المكرمة والمدعوة، في تقديم ما يكفي من التطمينات على أن الجمعية العمومية ستحاول قدر المستطاع أن تنأى بنفسها عن كل التجاذبات، وستكون لها كل الصلاحيات للتداول في أجواء ديموقراطية باحترام كامل للمنصوص عليه في النظام الأساسي. إلا أنه مع الشروع في مناقشة أولى النقاط المدرجة في جدول الأعمال، والمتمثلة في عرض التقرير الإداري على التداول ثم التصديق عليه، سيفجر الوفد اللبناني اللغم الأول، بقوله أنه لم يتلق التقرير الإداري قبل شهر من موعد الجمعية العمومية كما تنص على ذلك اللوائح، وذهبت ثلاث دول في نفس المنحى، برغم أن الأمين العام أصر على أن كل الجمعيات والروابط واللجان الأهلية توصلت بالتقرير باحترام كامل للآجال الزمنية، وقد أكد ذلك بيان الإيميلات المرسلة من الأمانة العامة والذي يقول أن التقرير وصل للجميع قبل شهر و5 أيام، بمن فيهم الجمعية المغربية للصحافة الرياضية التي أتشرف برئاستها.
ولأن من جاؤوا بنية نسف الجمعية العمومية، لم يرضهم أن يطلب الأمين العام التصديق على التقرير الإداري بعد أن أكدت 12 دولة توصلها به، فقد هاجوا على منصة الرئاسة في مشهد قميء ومخز، وبين تطاول على القامات الصحفية وإساءة الأدب على رئيس الإتحاد العربي واعتداءات لفظية أستحي من ذكرها، صدرت الجمعية العمومية مشهدا لا يقل سوء عن مشاهد الشغب التي تضرب ملاعبنا، ونكون نحن الإعلاميون في مقدمة مستهجنيها والمنددين بها، لينفجر اللغم الثاني، عندما أطلق رئيس الوفد الأردني، رئيس الإتحاد الأردني للإعلام الرياضي شرارة الإنسحاب من الجمعية العمومية ومعه ثلاثة وفود بينهم الوفد اللبناني الذي عدل عن قرار الإنسحاب بعودة ممثله إلى الجمعية العمومية، معتذرا عما بدر من زملائه من إساءات لفظية وحتى جسدية، للجلسة ولرئيس الإتحاد العربي للصحافة الرياضية تحديدا.
انسحاب عن سبق إصرار وترتيب، سينزع عن القاعة عناصر الإحتقان ويخليها من بذرات التوتر، لتتواصل أشغال الجمعية العمومية بكل انسيابية، وقد عاد إليها الهدوء والسكينة، وتنتهي إلى ما انتهت إليه من قرارات، أهمها انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، ولو أن ما حدث سيظل وشما في الذاكرة، وكيف لا يكون كذلك، وقد سارع المنسحبون لإعلان هيئة إنقاذ، من المثير للحزن أكثر من الإستغراب، أن من شكلها وترأسها رئيس الإتحاد الأردني للإعلام الرياضي، الذي يرأس الإتحاد العربي للصحافة الرياضة قامة إعلامية مرموقة من بلده، ومقر الإتحاد العربي في بلده والجمعية العمومية تقام ببلده وهو من منح التزكية لمحمد جميل عبد القادر ليترشح لولاية جديدة.
ظننت في لحظة أن زميلنا رئيس الإتحاد الأردني للإعلام الرياضي، قد انسحب من القاعة بهدف رأب الصدع وترطيب الخواطر وإنقاذ الجمعية العمومية التي تقام برعاية من اتحاده من الدمار، فإذا به ينسحب لينقلب على ابن بلده، ويحدث الشقاق عوض الوفاق.
يا عجبي...