يستنفرنا بطبيعة الحال، الخروج الصاغر للفريق الوطني من ثمن نهائي كأس إفريقيا للأمم في طبعتها الثانية والثلاثين، مبعدا من سناجب بنين بطريقة فجة، فنكون بحاجة لأن نطرح جماعيا على أنفسنا الكثير من أسئلة المرحلة، وفي مقدمة هذه الأسئلة، سؤال الحالة التي سيكون عليها الفريق الوطني المقبل خلال أسابيع على تصفيات كاس إفريقيا لأمم 2021 وكأس العالم 2022.
ومن يتحدث عن الحالة، يستحضر أولا أن الفريق الوطني خارج من امتحان قاري بعلامات تفيد الرسوب، وهو شيء يصيب بحالة من الإكتئاب والقلق وتأنيب الضمير، ويستحضر ثانيا حاجة الفريق الوطني إلى أن نبحث فيه عن المعطلات التقنية والنفسية التي حالت دون تطابقه مع ممكناته الفردية والجماعية، ويستحضر ثالثا حاجة الفريق الوطني إلى ما يجعله يبرح بأقصى سرعة باحة البكاء والنحيب على اللبن المسكوب لاستشراف المستقبل بنفسيات معالجة، ويستحضر رابعا أن الفريق الوطني مقبل على مرحلة جديدة تقتضي إبداع رؤية ومشروع وفلسفة جديدة.
لذلك هناك سؤال كبير يحضر اليوم على لسان كل المغاربة وهو:
هل ما زال هيرفي رونار هو رجل المرحلة؟
بمعزل عما يجري اليوم في الكواليس من تناظرات عميقة، قد تتحول إلى تفاوض حول مستقبل علاقة رونار بالمنتخب الوطني، فإن المغاربة، في دراسة وتقييم جدوى أو عدم جدوى بقاء رونار على رأس العارضة الفنية للفريق الوطني منقسمون، فريق يرى أن ما تحقق للفريق الوطني منذ حلول رونار بين ظهرانيه ناخبا ومدربا من نجاحات ولو نسبية يشفع له بالبقاء وبالتجاوز عن الضرر المعنوي والعاطفي الذي تسبب فيه رونار للمغاربة، والمنتخب الذي هو قبضة فكره، خذلهم بخروجه الصاغر من الدور ثمن النهائي، وفريق يرى أن رونار استنفذ ما في وعائه الفكري والتكتيكي واستكمل الدورة الزمنية المقيدة له، وأن استمراره على رأس الفريق الوطني وقد بات مؤكدا رحيل حرسه القديم، سيحبط بالكامل مشروع المستقبل، بل وسيكون عبئا كبيرا على الجامعة وعلى المغاربة.
وإلى اليوم، مع يأسي ككل المغاربة في التحلل من أثقال الخيبة ومن جبال اليأس الواقعة على الأكتاف بعد الذي كان من نسف للحلم الشعبي، فإنني أرى أن الإبقاء على هيرفي رونار ناخبا وطنيا فيه الكثير من المجازفة، فمع تقديري الكامل للبصمة التي وضعها على صفحة الأسود ومع اعترافي بالنقلة النوعية التي حدثت في مؤدى الفريق الوطني منذ مجيء رونار، إلا أنني أرى أن المرحلة الجديدة التي يستشرفها الفريق الوطني، والتي ستعرف خروج قرابة سبعة لاعبين بدرجة عمداء من العرين، تقتضي وجود فكر تقني لا يحضر فيه إلا الوازع الرياضي والذي من دونه لا تستقيم الإختيارات ولا تسمو المعايير التنافسية فوق كل معايير الإختيار.
يحتاج الفريق الوطني إلى مدرب يراكم على ما أنجز على عهد رونار، فلو اقتضى النظر وضع خاتمة لمشوار الثعلب مع الأسود أو حتى إن جاء الإنفصال عن رونار تحت الإكراه، فإن تدبير مرحلة ما بعد رونار ستكون دقيقة وجسيمة بل وسيكون هامش الخطأ في البحث عن البديل صغيرا جدا، لذلك أتمنى أن تكون الجامعة على بينة مما تنطوي عليه المرحلة القادمة من مخاطر، فإن استقر الرأي على الإستمرار مع رونار، فإن هناك حاجة لميثاق رياضي وتقني، أكثر منه لتعاقد أخلاقي، للحيلولة دون ارتكاب أخطاء أكثر جسامة وكارثية، وإن كان ولابد من إنهاء الدورة الزمنية لهيرفي رونار، فإن مسؤولية البحث عن بديل ستنطوي هي الأخرى على مخاطر، فلا قبل لنا كمغاربة بقرارات تبقي فريقنا الوطني في صحراء التيه، كحال كثير من الأزمنة السيئة التي مرت على الفريق الوطني في الماضي القريب أو البعيد.