كيف للكوكب أن يصل لهذا الحد من التسيب؟
أن يتشاجر رئيس اللجنة المؤقتة بالأيدي مع أحمد البهجة المدرب واللاعب الدولي السابق ويذهب كلاهما إلى مخفر الشرطة لتقديم شكاية بالآخر؟
كيف توصد كل الملاعب في وجه الكوكب، بمدينته وبمعقله بعد إغلاق ملعب مراكش الكبير، فلا يجد بدا من الإستضافة بميدان خصمه شباب المحمدية؟
كيف ينزل الكوكب الذي كان علامة فارقة في المشهد الكروي الوطني، إلى هذا الدرك الأسفل بسرعة قياسية بل وجنونية؟
من أحكم الوثاق على عنق الكوكب عنوة، فخنق فيه الأنفاس وشوه في عيون الآخرين صورته؟
يربكني بل ويصيبني بالصدمة ككل الكوكبيين، هذا الذي يطبع حاضر فريق الحرفيين والصناع والبسطاء قبل الميسورين بمراكش، من مشاهد مخزية لا تزيد الفريق إلا غرقا في الوحل وفي الفضائح، وطبعا لا نحتاج لأن نقيم لهذا المنكر الذي يصيب الكوكب دليلا، فما نسمعه كل يوم يدمي القلب، ويقول أن الكوكب للأسف سحبت إلى مستنقع فيه الكثير من الوساخات، وما عاد للفريق وازع ولا أصبح له من يحميه من هذا النسف المتعمد.
مدربون يأتون ويرحلون، ولاعبون ما إن يستقرون بحضرة الكوكب، حتى يحزمون الحقائب ليرحلوا غير مأسوف عليهم، ومن يقود الفريق تتجاوزه الأحداث لأنه فاقد للقدرة على صناعة الحلول والبدائل، والنتيجة أن الكوكب الذي انهار الموسم الماضي واندحر إلى القسم الثاني، بعد مواسم من المغالبة والعناد، لربما يجد نفسه بعد حين مجرد صدى من تاريخ قديم جدا، ولن يكون في ذلك، أول الأندية التي احترقت بنار الفرقة والصراعات.
الكوكب وهي تسدد ضريبة التدبير السيء، بنزولها للبطولة الإحترافية الثانية، تحولت إلى أرض مقفرة، فاللاعبون كلهم بلا استثناء رحلوا، إما لأن عقودهم انتهت وإما لأن بعضهم بيع مقابل سداد مريح؟ وإما لأنهم لم يرغبوا في اللعب بدرجة لا تليق بمستواهم؟، كان من الضروري إذا أن يعيد الكوكب بناء نفسه، أن ينطلق من نقطة الصفر الملعونة، وقد أوكلت هذه المهمة المضنية للإطار التقني الشاب هشام الإدريسي، ولكم أن تتصوروا أن من تعاقدوا معه لثلاث سنوات، برهان بناء فريق جديد وقد أعطوه وعاءا فارغا، وأيقنوا أن البناء يلزمه كثير من الصبر، ويلزمه تأجيل العودة للقسم الأول إلى حين إعادة الجلد ومداواة كل القروح، جاؤوا لهشام الإدريسي يرجون رحيله بعد ثلاثة تعادلات في المباريات الثلاث الأولى، بحجة أن الجمهور المراكشي يضغط عليهم ويريد تحقيق الصعود.
سيرحل هشام الإدريسي من دون أن يثير جلبة ومن دون أن يشنق الفريق بالعقد الذي يوجد بحوزته، وسيحل مكانه حسن أوغني ولا شيء تغير على الإطلاق، فالنتائج ساءت بعد انفراجة عابرة، والمصعد الذي جاء بأوغني في توقيت سيء للغاية وبحجج واهية، هو نفسه المصعد الذي سيتولى إنزاله ليدله على بوابة الخروج.
مؤلم أن تكون الكوكب، التي لطالما تفاخرنا بنمطها التدبيري المتقدم على عهد طيبي الذكر الحاج محمد المديوري ومولاي المامون بوفارس، قد تحولت في ظرف زمني قصير جدا إلى أطلال بالية يقف عندها الكوكبيون باكين وحزينين، ومن جنى على الكوكب أبناؤها، بخاصة الذين جاؤوا لتسييرها وهم فاقدون للأهلية وللقدرة على التدبير وعلى المراكمة على النجاحات السابقة، وعلى الإستثمار جيدا في الإرث الرائع الذي تركه من سبقوهم إلى قيادة هذا الفريق، الذي إن أردنا ذكره بالخير عدنا بكل النوسطالجيا لماضيه، وإن ذكرناه بحرقة ولوعة ألقينا النظرة على حاضره البئيس.
لست بطبعي متشائما ولا أريد أن أصيب باليأس من يحملون في الوجدان عشق الكوكب، إلا أنني أرى في مشهد الكوكب اليوم، ما يخبر بأندية أصابها ذات يوم خراب من هذا النوع، فأحالها إلى ذكرى منزوية في ركن التاريخ، بل وحكم عليها بالإنقراض والزوال.
شبيه الكوكب موجود في البطولة الإحترافية الثانية، أندية أساءت استعمال الحكامة وأفرط من يشد وثاقها في الإعتقاد أنها باتت ضيعات مملوكة لهم، وأبدا لم يرهبهم صوت الجماهير الذي يطالب بالحرية وبالإنعتاق، وإن لم تتدخل الجامعة بسلطة القانون لفك الوثاق ولإنهاء هذا المسخ وهذا الإنحراف، فإن الكوكب الممثلة لمدينة في عراقة وعالمية مراكش وغيرها من الأندية التي تضاهيها، ستعيش الإبادة بأبشع الصور والخاسر الأكبر في ذلك هي البطولة الإحترافية، هي كرة القدم الوطنية بكل تأكيد.