ADVERTISEMENTS

كلمات/أشياء

بدرالدين الإدريسي
بدرالدين الإدريسي
ADVERTISEMENTS

أين نحن من «الذكاء الإصطناعي»؟

الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 10:17

لا يجب أن تشغلنا المشاحنات والإحتكاكات اليومية التي يكون المشهد الرياضي والكروي بخاصة منصة لها، بفعل الصراع المتأجج بين العقليات الحاكمة والقابضة بوثاق الشأن الرياضي الوطني، عن المستقبل القريب للرياضة، والذي يصوغه الآخرون بشكل مثير للدهشة، سيجعلنا حتما رقما صغيرا على الهامش، إن نحن لم نلتقط الإشارات ولم نقبل بركوب صهوة التحدي.
والرياضة التي ننصص على ضرورة حضورها القوي والفاعل بل والمؤثر في مشروعنا التنموي الجديد، الذي سيستشرف من خلاله المغرب أفق 2030، لا يمكن أن تظل مرتهنة فقط بهذا الضجيج المنبعث من كل الجحور، وبهذا الإنكفاء نتيجة الإنشغال بالصراعات المعلنة على تأويل نصوص قانونية أو بفرض القوة وبسط الهيمنة على النوادي والجامعات الرياضية، بل يجب أن تذهب رأسا إلى ما يعتبر اليوم وقود التطور الرياضي في العالم، وما هو وقود الطفرات النوعية وغير المسبوقة التي ستنكشف في الأيام القادمة، إن لم تكن لاحت تباشيرها بالفعل، توظيف التكنولوجيا في القفز بالرياضة إلى مساحات جديدة في فضاء المستحيل لم يطأها من قبل عقل الإنسان، أو ما بات يصطلح عليه بتوظيف «الذكاء الإصطناعي» كواحد من مسرعات النجاح في الرياضة وبخاصة في كرة القدم.
غالب الكثيرون ممن ينتمون للجناح السلفي، دخول التكنولوجيا لكرة القدم، بالترويج لمجموعة من المفاهيم التي تقول بأن هذه التكنولوجيا ستنزع عن كرة القدم خصوصياتها الإنسانية، إلا أن قوة الضغط والحاجة إلى ما يضمن لهذه الرياضة مبادئ العدالة، انتهيا بها إلى السماح للتكنولوجيا باختراق كرة القدم عبر تقنية الحكم المساعد وما يصطلح عليه ب «الڤار»، ونستطيع اليوم الوقوف على أن اللجوء للتكنولوجيا لم ولن يكون جريمة لا تغتفر، كما لن يكون جريمة أن نسمع ذات يوم بفعل هذا الغزو الكبير للتكنولوجيا، عن حكام آليين يديرون المباريات، أو عن بطولات أفتراضية بين فرق من القارات الخمس تواجه بعضها من دون حتى أن تتنقل خارج حدودها. وقياسا على ذلك، فإن ما يتوقع علماء الرصد حدوثه، مع الدخول الفعلي للتكنولوجيا والإشتغال أكثر ب «الذكاء الإصطناعي» شيء خارق للعادة، وإن نحن لم نركب الموجة ولم نؤسس على مستوى وزارة الشباب والرياضة أو على مستوى اللجنة الأولمبية لخلايا تتكفل بإدخال الرياضة المغربية تدريجيا لفلك «الذكاء الإصطناعي»، سنكون بالفعل قد حكمنا على أنفسنا بالجلوس في المقاعد الخلفية، متفرجين لا أكثر على ثورة يقودها الآخرون، وستنتهي بجعلنا مجرد كومبارس في فيلم «القوة العاقلة».
ما أطلعت عليه مؤخرا في تقارير وبحوث علمية عن «الذكاء الإصطناعي» في الرياضة، صدمني أولا لأن الحديث عن هذه الثورة الناعمة محتشم في المغرب، وحفزني ثانيا لأن أثيره من باب إيقاظ الضمائر المسند إليها بناء الرياضة الوطنية بضمير الشاهد على العصر، وجعلني أقر بأن التكنولوجيا ستأخذنا بالفعل إلى ما كنا نصفه من باب المجازات بالخوارق.
إن ما نشهده في الألعاب الأولمبية، في نسخها الأخيرة على الخصوص، من منافسة ضارية بين القوتين العالميتين، الصين والولايات المتحدة الأمريكية، مهده الأول هو البحث العلمي الذي يدقق في ممكنات جسم الإنسان وسعة متخيله وجينات الإبداع فيه، فلا غرو أن تكون الصين قد أنجزت خلال العشرين سنة الأخيرة، 135 ألفا من البحوث العلمية في «الذكاء الإصطناعي» وأن تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد أنجزت 106 آلاف بحث علمي في الإختصاص نفسه، كما أن علماء الرصد والإقتصاد يتوقعون أن يساهم «الذكاء الإصطناعي» ب 15.7 تريليون دولار في الإقتصاد العالمي عند حلول عام 2030، بينما يصل ما ينفقه العالم حتى الآن على «الذكاء الإصطناعي» إلى 2.7 تريليون دولار.
ودلت آخر الأبحاث، على أن ما كانت تقول به المفاهيم التقنية القديمة، من أن إعداد بطل أولمبي يتطلب 8 سنوات من التأطير والعمل المضني على كافة المستويات الذهنية والفنية والبدنية، أصبح متجاوزا بمجيء «الذكاء الإصطناعي» الذي سيصبح هرمونا جديدا في جسم الرياضة، يقلل من المساحة الزمنية للتحضير والإعداد بكافة مستوياتهما، ويدفع بسرعة مذهلة لتحقيق النجاحات لدقة الإستكشاف ولنجاعة الإعداد، بالنظر إلى أن هذا «الذكاء الإصطناعي» لا يتدخل فقط في توجيه مقدرات الأبطال، ولكنه يقتحم كل مجالات التحضير من تغذية وتداريب بتطوير التقنيات الموظفة.
في المطابخ السرية للرياضة الوطنية، وفي مختبرات الإدارات التقنية للجامعات، يجب أن يحضر «الذكاء الإصطناعي» بوصفه مسرعا للنجاح في التأطير، ويجب أن يساعد على بلورة نظام جديد يدخل الرياضة الوطنية بشكل فعلي إلى فلك «الذكاء الإصطناعي»، كل المؤسسات والأكاديميات الجامعية المشتغلة بالبحوث العلمية، فقد يسعفنا هذا «الذكاء الإصطناعي» في وقف الهدر البشع الذي نمارسه اليوم على ثروتنا البشرية، ويساعد على إطلاق الإبداع المغربي من معقله الموصد. 

بدرالدين الإدريسي
المنتخب: بدر الدين الإدريسي
بدرالدين الإدريسي
المنتخب: بدر الدين الإدريسي
بدرالدين الإدريسي
المنتخب: بدر الدين الإدريسي
بدرالدين الإدريسي
المنتخب: بدر الدين الإدريسي
كلمات/أشياء
بدرالدين الإدريسي
المنتخب: بدر الدين الإدريسي
كلمات/أشياء
بدرالدين الإدريسي
المنتخب: بدر الدين الإدريسي
تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.