أشبه ما تكون بمباراة ضارية وعنيفة، هذه التي تلعبها الإنسانية ويلعبها المغاربة ضد فيروس كورونا المستجد في ملعب الحياة، لا خيار فيها لنا سوى أن نفوز، والفوز معناه بكل بساطة، هو أن نجلي هذا الوباء من فضائنا المعيشي، أن نقضي عليه وأن لا ندعه يستشري في أوساطنا ليزهق الأرواح ويشيع مزيدا من أجواء الهلع والخوف.
لنكن أمناء، فنحن وغيرنا من بني البشر، استخفينا بفيروس "كورونا المستجد"، قللنا من خطورته وقدرته على الفتك بنا، فأذاقنا الويلات في بداية المباراة، واخترق دفاعاتنا الهشة وتلاعب بجهازنا المناعي وتصيد الكثير من أخطئنا الدفاعية، وسجل في صفوفنا أهدافا نؤدي نحن وغيرنا ثمنا باهظا بسببها، ولكم شددنا على أن مباريات من هذا النوع لا تقبل إطلاقا الإستهانة بالخصم أو التقليل من خطورته، ولا تقبل أبدا اللعب بنصف تركيز أو بربع مهارة.
في لحظة، وأرقام الوفيات والمصابين ترتفع لتصل إلى مستويات مهولة، أدركنا جميعا أن مباراة الحياة هاته، والتي ترمز إلى البقاء على سطح الأرض، في هذا الدنيا الجميلة، تحتاج إلى تكتيك جديد، لا نهاجم فنكشف عوراتنا الدفاعية، ولا نقلل من خطورة "كورونا" فنتجرع جراء ذلك الويلات. 
لكي نفوز بهذه المباراة المصيرية التي يتوقف عليها مستقبل الإنسانية جمعاء، علينا أن نتوحد أولا، وعلينا أن نطور بشكل كبير منظومتنا الدفاعية ثانيا، وعلينا أن ننضبط لكل ما يمليه علينا طب الأزمة كأسلوب للنجاة ثالثا، وعلينا أن لا نفرط في تركيزنا الكبير على كل ما يأتي به هذا الفيروس من مرتدات قاتلة تستغل تفرقنا وعدم انضباطنا واستخفافنا بالتدابير الوقائية والإحترازية رابعا، وسنعرف عندما تنتهي مباراة الحياة، أننا ما فزنا على فيروس "كورونا"، إلا لأننا رفعنا مستويات اليقظة والتزمنا بالتعليمات، وفكرنا أكثر في مواجهة الفيروس بشكل جماعي لا بشكل فردي.
والمغرب عندما جرب المقاربة التحسيسية والتوعوية لرفع درجة الوعي لدى المغاربة بخطورة الوضع الصحي، كان في مستوى أول من المواجهة الضارية لزحف الفيروس إلى مناطقنا الآمنة، وللأسف عندما لم يشد المغاربة الوثاق التكتيكي، عندما لم يبدوا ما يكفي من انضباط في معاملة الخطر الداهم والجائحة الملعونة، ومع بداية انتقال العدوى من مقيم إلى مقيم، بعد أن كانت في مستوى أول من وافد إلى مقيم، سيكون المغرب الصارم في تنزيل التدابير الإحترازية، مضطرا للمرور إلى المستوى الثاني من معاملتنا للفيروس، بإقرار حالة الطوارئ الصحية والتي تشبه إلى حد بعيد فرض الحجر الصحي والتقيد به، حيث لا يبرح المواطنون بيوتهم إلا للضرورات القصوى.
ومع كل الجهود التي يبذلها رجال السلطات العمومية وأعوان السلطة لإخضاع المغاربة لهذا القيد الصحي الذي يمثل عنصر نجاة من الفيروس، ويمثل عنصرا مهما في منظوماتنا التكتيكية للإنتصار على فيروس "كورونا"، فإننا نلمس في شوارعنا العامة بعض الإنفلاتات وبعض حالات التسلل المميتة التي تصدر عن أشخاص لم يعرفوا حتى الآن، ما معنى أن تكون مسؤولا في وطن، عن نفسك وعن عائلتك وعن أبناء بلدك.
الله وحده يعلم كم سيلزمنا من الوقت لنغادر الحجر الصحي ونتسعيد حرية التنقل، ولكن المؤكد أنه كلما أذعننا للأوامر وانصعنا بلا قيد أو شرط للتعليمات الطبية والتزمنا بالتدابير الإحترازية، سننجح في إنهاء مباراة الحياة ضد فيروس "كورونا" بأسرع وقت ونحن فائزون.
الزمن هو زمن التعبئة ونكران الذات والتفكير بضمير الجماعة والوطن، ولنلق نظرة على ما عدانا من الدول التي نهش للأسف عظمها هذا الفيروس اللعين، لنعرف كم أن دربنا عسير وكم أن طريقنا طويل لنصل بمشيئة الله إلى شاطئ النجاة.
حمانا الله جميعا من شر هذا الوباء..