طبقا لما دلت عليه تطورات الحالة الوبائية بالمغرب، وما قادتنا إليه المبيانات والتي تشير لوجود حالة من التسطيح في عدد الإصابات المؤكدة بوباء كوفيد 19، فقد كان متوقعا أن تقرر الحكومة تمديد حالة الطوارئ الصحية لشهر آخر، لتستمر إلى غاية شهر رمضان الأبرك، عسى أن تكلل جهود المغرب المقدرة والمشهود لها بالنجاعة والدقة، بالنجاح، فتتطهر بلادنا بالكامل من الجائحة.
ومع إقرار حالة التمديد هذه، بإبقاء المغاربة شهرا آخر في "مأمنهم الصحي"، فإن الستار سيستمر مسدلا على كل الانشطة الرياضية درءا لخطر التجمعات البشرية، وستقبل الأندية الرياضية على نمط جديد لتحضير لاعبيها ذهنيا وبدنيا، على أمل أن يرفع "الحجر الصحي" مع نهاية شهر ماي القادم، كما أننا سنعيد لمنصة النقاش بشكل أكثر إلحاحا سؤال المستقبل القريب لبطولاتنا الوطنية، ماذا نحن فاعلون؟
بدا ونحن نطرح السؤال قبل أسابيع مع بداية "الحجر الصحي"، أن النقاش كان هشا ونيئا، فلا الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ولا العصبتان الموكول لهما تدبير البطولات الإحترافية والهاوية، أرادت الإستباق أو مجرد الحديث عن فرضيات أو مجرد سيناريوهات، بالنظر إلى أن المغرب كان ولا يزال في تعبئة شاملة من أجل مقامة أخطار الوباء الصحية قبل الإقتصادية.
ولو أن النقاش بخصوص هكذا إشكالات يحضر اليوم بقوة في كثير من الجامعات والإتحادات القارية وحتى الدولية الوصية على كرة القدم، إلا أنه لم يثر عندنا بالحدة التي يطرح بها في كثير من دول الجوار، فقد نبنا كإعلام مستبق ومستقرئ لواقع الحال، عن الجامعة في القول على أنه من الضروري أن يستكمل الثلث المتبقي من البطولتين الإحترافيتين الأولى والثانية، حتى لو تطلب الأمر البقاء لغاية يونيو أو غشت المقبلين.
والحال أنه اليوم بصدور القرار الرسمي بتمديد حالة الطوارئ الصحية بأحكامها التي تفرض ملازمة البيوت وعدم مغادرتها إلا للضرورات القصوى، باحترام كامل للشروط المنصوص عليها إداريا وصحيا، فإننا سنتساءل عن مصير بطولات الهواة والأقسام الشرفية وكرة القدم النسوية والفئات العمرية، وسنتساءل أكثر عن الجدوى من الإبقاء عليها رهينة لهذا الوضع الشاذ والإستثنائي، والذي ستكون له حتما عواقب وخيمة، ولربما ترتب عنه انقراض وزوال عدد من أندية الهواة بسبب ما يرافق الجائحة من أضرار مالية ثقيلة جدا.
صحيح أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم صرفت لأندية البطولة الإحترافية وأندية بطولات الهواة الشطر الثالث لمنحتها السنوية، لمساعدتها على مواجهة الوضع الشاذ، وصحيح أن هذه المنحة ساعدت أندية الهواة على  الوفاء بالتزاماتها، بل إن جمال السنوسي رئيس العصبة الوطنية لكرة القدم هواة يتابع الموضوعـ ويهدد بمتابعة كل ناد لم يمكن لاعبيه وأجراءه من أجرة شهر مارس، إلا أن أندية الهواة ستكون بمطلق الأمانة عاجزة تماما عن سداد أجور شهري أبريل وماي بالنظر إلى أن حالة الحجر الصحي التي يترتب عنها استمرار تجميد المباريات وحتى التداريب الجماعية في الملاعب، فلماذا يا ترى نجبرها على مكابدة المحنة والزيادة في الآثار السلبية المترتبة عن الجائحة، ولماذا لا توجه من الآن إلى إنهاء موسمها الرياضي، برغم ما سيصيب ذلك من أضرار الآلاف من الذين يعيشون من هذه الأندية الهاوية، من لاعبين ومؤطرين وحتى مستخدمين.
وللأمانة فقد وجدتني وأنا أثق بسلامة هذا القرار والإختيار، وقفا للنزيف المالي وهروبا من جحيم الإنقراض، أستعيد ما كنت قد اقترحته ذات مرة ونحن نعمل على تفييء الأندية الوطنية، محترفة وهاوية، بضرورة إحداث صندوق للتضامن بين أندية محترفة ميسورة على حال وبين أندية هاوية لا حول لها ولا قوة، تضامن أساسه بل وفلسفته، أن لا حاضر ولا مستقبل للأندية المحسوبة على الإحتراف من دون أندية هاوية، هي أكثر من يستثمر في المواهب البشرية في مدن وقرى ومداشر المغرب العميق ويقدمها للاندية المحارفة التي تجني من رائها الملايين.
صندوق تضامن لن نعدم أبدا وسيلة لإنعاشه وضخه بالأموال والعائدات من الصفقات التي تبرم محليا وخارجيا، ولن نعدم طريقة لاستفادة أندية الهواة منه، والمؤكد لو كان هذا الصندوق موجودا الآن لساعد أندية الهواة على تحمل التداعيات المالية الرهيبة لجائحة "كورونا".
هي وظيفتنا التي جبلنا عليها في "المنتخب"، أن نكون للمشهد الرياضي الوطني قوة اقتراحية، لغاية واحد لا ثاني لها وهي أن نبقي هذا المشهد قويا ومتماسكا ومتضامنا، والله من وراء القصد.