على نطاق واسع إنتشر تسجيلان صوتيان لكل من الإطار التقني الوطني عبد القادر يومير والدولي السابق والإطار التقني عبد اللطيف لعلو، اقتاتت منهما كثير من وسائل الإعلام، منها ما وقف على الناصية مستغربا ومندهشا من حدة الخطاب النقدي الذي استهدف رموزا رياضية وطنية، وأيضا من توقيت هذا الخطاب الحاد في لهجته ومضمونه، ومنها ما جعل من التسجيلين طعما لكل من يهوون السباحة كالطحالب في المياه العكرة.
والحقيقة أنني صدمت من مضمون التسجيلين معا، ومن أول وهلة استبعدت أن يكون هناك عمد من يومير ولعلو لإذاعة هذين التسجيلين على نطاق واسع، لمعرفتي العميقة بهما معا، وما استبعدت بالمقابل أن تكون هناك مؤامرة محاكة بإتقان، من أجل جر هذين الإطارين المعروفين من كل هواة كرة القدم المغربية، إلى إطلاق العنان للإحباط الساكن فيهما، وبعد ذلك إذاعتهما على نطاق واسع لاستهداف شخصيات ومؤسسات، وكأني بمن دبر هذه المؤامرة الدنيئة أراد أن يأكل الثوم من فم يومير ولعلو وأن يصفي حسابات بالإنابة وبمنتهى الخسة.
وصح حدسي وأنا أتواصل مع كل من يومير ولعلو لأعرف لهذا التسجيل الصوتي المنتشر كالنار في الهشيم، سببا للنزول ودافعا لهذه الصرخة العنيفة، فقد أبلغاني معا أن الأمر يتعلق بمكاشفة داخلية بين أعضاء رابطة المدربين المغاربة الذين أجمعوا في تواصلهم عن بعد، على ضرورة التحرك للتصدي، لما يعتبرونه اليوم تضييقا للخناق بل وتهميشا فظيعا للمدربين المغاربة في مختلف العوارض التقنية للمنتخبات الوطنية وللأندية على حد سواء، وطبعا ما كانت هناك نية أبدا لإشاعة هذه المكاشفة الداخلية، ليفاجأ يومير ولعلو بأن التسجيلين الصوتيين تم تسريبهما بشكل سافر ضدا على كل الأعراف.
من دبر لهذه المؤامرة الخسيسة في شهر فضيل؟ ومن قام بتسريب التسجيلين الصوتيين لغرض مقيت في نفسه الأمارة بالأذى؟ هما السؤالان اللذان كان على الرابطة أن تسارع عبر بيان استنكاري إلى الإجابة عنهما دفاعا عن حرمة الإجتماعات المغلقة والتي قد تتصاعد حدة النقاش فيها فلا تكون هناك فرامل توقف جنون السفر والإنفعال، ودفاعا عن إطاريها اللذين أوقعهما هذا الذي حدث في حرج كبير، إلا أن الصدمة القوية، هي أنني توصلت بما يشبه بلاغا صادرا عن هذه الرابطة، يتبرأ تماما من التسجيلين معا ومن الإساءات التي استهدفت قامات رياضية وطنية، وهذا فعل إن صح، فهو ينطوي على كثير من الخساسة والدناءة..
شخصيا أستطيع أن أقبل عملا بالتنوع والإختلاف الذي لا يفسد للقضية ودا، كل الإنتقادات التي وجهها كل من يومير ولعلو للإدارة التقنية الوطنية وحتى للجامعة المسئولة بشكل مباشر في هذا النقاش، ولو أن بعضها مردود عليه، فالقول بأن الإدارة التقنية الوطنية لم تنجح رهانها الأول مع ناصر لاركيط، فهذا أمر قد لا نختلف عليه كثيرا، والقول بأن ما يحدث اليوم في الإدارة التقنية الوطنية مع رجلها الجديد الويلزي أوشن روبيرت لا يروق للكثيرين، فهذا أمر مقبول ولو أنني لا أريد أن أستعجل الحكم على دورة زمنية ما زالت في بدايتها، لكن لا هذا ولا ذاك يعطي الحق لأي منا بالتهجم على الأشخاص والمؤسسات مهما بلغت درجة المرارة، ومهما ارتفعت سعرات الإحباط واليأس من هذا الذي يحدث.
وقد كان حريا بالنقاش أن يتوجه إلى ما هو أعمق، إلى المأساة التي يعيشها اليوم المدرب المغربي، وهو فاعل بلا هوية ومسافر بلا تذكرة سفر وسفير للإبداع بلا أوراق اعتماد، لا شيء حتى الآن أفضى لقانون يحكم المدرب ويخضعه للواجبات ويهبه حقوقا ويحمي له مصالح، لا شيء على الإطلاق فعلته الودادية، السابقة في النشأة وفي العمل وفي الإضطلاع بمسؤولية الدفاع عن الإطار التقني الوطني، لكي تجعل للمدرب إطارا قانونيا يحمي كبرياءه ومصالحه ويعفيه من أن يظل لعبة بأيدي المسيرين.
على الفور بادرت ودادية المدربين إلى استصدار بيان تنديدي واستنكاري لكل الذي ورد تحديدا على لسان عبد القادر يومير، وهو حامل للصفة التي انتدبت من أجل الدفاع عنها، ولم تكتف الودادية في بيانها بشجب التحرش اللفظي ليومير بكل من رئيس الجامعة فوزي لقجع وبرموز كرة القدم الوطنية (عزيز بودربالة ومصطفى الحداوي ونور الدين نيبت) وتشكيكه في ما أنجزه الفريق الوطني بتأهله للمونديال الأخير، ولو أنه يتمتع في كل هذه الإدانات بظروف التخفيف لأنه لم يسع إطلاقا لإشاعتها بين الناس، بل تعدت الودادية ذلك، إلى أنها وضعت نفسها في موضع المتضرر وقضت باللجوء إلى القضاء، بينما كان حريا بالودادية مع تقديري الكامل لمن يقف على رأسها وهو من القامات الرياضية الوطنية الكبيرة، أن يكون لها موقف من السلخانة التي يدخل إليها المدربون المغاربة، بفعل قانون سارعت الودادية لاقتراحه على الجامعة وتبين لها فيما بعد أنها ربطت رؤوس المدربين بمقصلة، فطلبت حجبه، وكأنه «لعب الدراري». 
كان حريا بالودادية التي تتحدث عن أقدمية ورسوخ وقاعدة كبيرة للتمثيلية وسط المدربين وبشراكة قوية مع الجامعة، أن تتحرك صوب المدربين الذين يساقون بشكل بديئ إلى مجازر الإقالة ويعرضون قهرا على عطالة طويلة الأمد تحت الترهيب، لتنقذهم من هذا التشريد المبرمج إلى الحد الذي أفرغ البطولة الإحترافية من نصف المدربين المغاربة.
في زمن الجائحة تكثر الجائحات، فمن يركبه ألف عفريت لكي يعري على فساد استشرى، ومن يصر على التشهير بقامات وبتاريخ لا يطاله التزييف، ومن يخطط في شهر فضيل كبلت فيه الشياطين لمؤامرات دنيئة كالتي اصطادت يومير ولعلو، ومن يهب لتحبير بلاغات تنديد ومقاضاة مدربين، أما أنا فأسأل من لحقه الضرر المعنوي جراء هذا الذي حدث مضمرا ومستترا ليصبح شائعا ومعلوما، أن يعرض ويصفح، فاللسان ما فيه عظم.