هل يرى أحدنا من جدوى أن يتعقب الوداد البيضاوي ما يعتقد البعض، أنها خيوط واهية وهو يرفع تظلمه وشكواه لمحكمة التحكيم الدولية (TAS) بلوزان بشأن النهائي الفضيحة الذي انقضى عام كامل عليه؟
أما يئس الوداد من ملاحقة مساطر التقاضي لإشهار ما يعتبره حقا مغتصبا، وما يؤمن به، من أن هذا النهائي الذي هو عار على إفريقيا، أفضى إلى ما تعتبر اليوم أبشع سرقة في التاريخ؟
خسر الوداد قضيته الأولى أمام اللجنة التأديبية للكونفدرالية الإفريقية، ثم خسر قضيته الثانية أمام لجنة الإستئناف لذات الهيأة، سلمت الكاف كأس وميداليات البطولة للترجي وحولت لرصيده مكافأة البطولة، وقبلت به الفيفا ممثلا لإفريقيا في مونديال الأندية، فماذا بقي لكي تحتج عليه الوداد أو لتطلب بشأنه القصاص باللجوء للمحكمة الدولية (TAS)؟
بقي في واقع الأمر كل شيء، مما له علاقة بالمرجعية التاريخية لفريق لا يستطيع أي كان أن يدوس له على طرف، بقي حق أبدا لن يضيع وراءه طالب في قيمة الوداد الذي يمثل بلدا يرتفع فيه القانون ولا يخرس فيه صوت الحق، بقي هناك ظلم ملتصق بتلابيب هذا النهائي، لا يستطيع الوداد بكل ما أوتي من صبر وجلد أن يتركه على الأرض مرتجفا، من دون أن يشهره على الناس كلهم..
رفض الوداد البيضاوي أن يتسلم من الكاف ميداليات ومكافأة الوصافة، يقينا منه أن هذه الأخيرة أوقعت عليه ظلمين، ظلم النهائي العار وظلم الحكم التأديبي والإستئنافي بخسارة اللقب تأسيسا واستنادا على معطى كاذب، فالوداد البيضاوي أبدا لم ينسحب من ذاك النهائي الفضيحة، بل إنه رفض استئنافه إلى حين إصلاح عطل ال«ڤار» وإلى حين التأكد من صحة هدف وليد الكرتي المرفوض من الحكم المساعد بسبب تسلل وهمي، تأكدت وهميته من اللقطات المعادة.
ومع رفض الوداد تسلم هذه الميداليات، فإنه يكون قد أصر على الدفع بقضيته لمستويات أعلى بالتقاضي أمام المحكمة الدولية لاستعادة حق مغتصب وللكشف عن جريمة حدثت.. هذا ما أراده الوداد، وهو في ذلك محق وجدير بأن نكون إلى صفه، نحن ومن يوقنون أنه ظلم بأبشع صورة..
وعند رفع الوداد البيضاوي للقضية إلى محكمة التحكيم الدولية، فإنه لا يطارد خيط دخان ولا يبيع جمهوره وهما، إنه فقط يريد أن يسترد بكل الأساليب العادلة حقا ضاع منه، وقد كان «شرسا» في هذا السعي لاسترداد الحق الضائع ولإسقاط الأساس الباطل الذي استندت عليه اللجنة التأديبية للكاف في منحها اللقب للترجي، باعتبار الوداد منسحبا من المباراة ولسان حال هذه المباراة ودلائل ما أرخته المشاهد، أن لاعبي الوداد رابطوا فوق أرضية الملعب ولم يغادروها طوال 45 دقيقة التي احتاجها الحكم غاساما قبل أن يطلق صافرة النهاية.. كان الوداد جسورا هذه المرة، إذ طلب من محكمة «»طاس» إحضار شهود النهائي العار للإستماع إلى شهاداتهم..
ولأن جلسة الإستماع كانت سرية ومنع أصحابها وحضور المحاكمة عن بعد من الإدلاء بفحواها، فقد كان لزاما أن تتحرى «المنتخب» بطرقها الخاصة عن الإفادات التي قدمتها الأطراف المطلوبة للشهادة، وأول هذه الأطراف بالطبع أحمد أحمد رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم الذي كان عراب النهائي العار، ومن عاتب الملغاشي على أنه انقلب على الوداد ب360 درجة لأغراض انتخاباوية، فسمح للجنته التأديبية بأن تناقض الحكم الذي أصدرته قبلها اللجنة التنفيذية والقاضي بإعادة النهائي في ملعب محايد، الحكم الذي أبطلته «طاس» ليس لعدم شرعيته وعدم قانونية أساسه، ولكن لأن اللجنة التأديبية هي المخول لها النظر في القضية بحسب الأعراف.
الملغاشي أحمد أحمد الذي قال البعض أنه «قلب الكبوط»، أكدت الروايات التي توصلنا بها بطرقنا الخاصة أنه «طلع راجل» لأن شهادته أدانت الترجي وحملت الجامعة التونسية مسؤولية الإنحرافات التي شهدها النهائي، واعترف بأنه تلقى تهديدات مباشرة، والأهم من ذلك أنه جزم بأن لاعبي الوداد لم ينسحبوا من المباراة، وإنما رفضوا استئنافها ما لم يتم تشغيل ال«ڤار»، وما لم يتم التأكد من صحة أو عدم صحة الهدف الملغي لوليد الكرتي..
هذه الشهادة إن تأكدت في وقائع ومحاضر جلسة الإستماع في محاكمة «طاس»، تكفي الوداد البيضاوي ليستعيد الحق المغتصب وليكشف للعالم الوجه الآخر لسرقة القرن، فإن أقرت المحكمة الدولية في صك الحكم النهائي الذي سيصدر عنها بعد جلسة المداولة، أن الوداد البيضاوي لم ينسحب من المباراة النهائية، وإنما رفض استئنافها لحين تشغيل شاشة ال«ڤار» والتأكد من صحة هدف الكرتي المرفوض.. الإقرار بهذا الأمر سيسقط الأساس القانوني الذي استندت عليه اللجنة التأديبية للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، والذي يقول بانسحاب الوداد من المباراة، ومعه سيتأكد من أن الترجي التونسي هو بطل غير شرعي.