نحن في زمن الجائحة، وفي الجائحة هناك قوة قاهرة تدفع في اتجاه قرارات غريبة واستثنائية، ولكنها في النهاية قرارات تبدو كالمحظورات أو المستبعدات التي تبيحها الضرورات، وما يبدو واضحا من خلال الرسائل المشفرة التي تبعث بها الكامرون تباعا، أنها لن تكون جاهزة لاستضافة الدور نصف النهائي المجمع لعصبة الأبطال الإفريقية، وما كان بالأمس فرضية بإقامة هذا الدور نصف النهائي بالإمارات العربية المتحدة، قد يصبح غدا حتمية، فيما لو أن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم لم تجد بديلا عن الكامرون لإقامة هذا الدور نصف النهائي.
في آخر اجتماع للجنتها التنفيذية يوم الثلاثين من يونيو الأخير، لم تضمن الكونفدرالية في بلاغها مكانا لإقامة الدور نصف النهائي لعصبة الأبطال، فبينما أقرت الكونفدرالية بأن نصف النهائي ونهائي كأس الكونفدرالية الذي لنا فيه فارسان هما نهضة بركان وحسنية أكادير سيضمن احدهما للمغرب مقعدا في النزال النهائي، سيقام بالمغرب وتحديدا بمركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، فإن البيان نفسه خلا من أي إشارة لمكان إقامة الدور نصف النهائي الذي سيكون شأنا مغربيا ومصريا خالصا، في وقت قال بأن النهائي سيقام على ملعب جابوما بدوالا الكامرونية.
بالطبع لن يكون مؤثرا أن يجرى الدور نصف النهائي لعصبة الأبطال بالكامرون أو بالإمارات العربية المتحدة أو بأي بلد إفريقي آخر، ما دام أن مواجهة الوداد للأهلي من جهة ومواجهة الرجاء للزمالك من جهة ثانية، ستجريان معا خلف الأبواب الموصدة، إلا أن هذا التباعد بين مكان نصف النهائي إذا ما اتفق على إقامته بالإمارات العربية المتحدة، ومكان النهائي إذا ما استمرت برمجته بالكامرون، هو ما سيكون بالطبع مؤثرا في ظل الظروف الوبائية الحالية التي يعيشها العالم، والتي تجعل من التنقلات جوا بين الدول مسألة غاية في الخطورة والتعقيد أيضا، ويحتاج إلى ترسانة من الإجراءات الوقائية والإحترازية التي يجب بالتاكيد أن تحظى بقبول المغرب ومصر بوصفهما البلدان الممثلان في المربع الذهبي لهذه المسابقة.
وأتصور أن هذا الذي يحدث اليوم في ضبط زمان ومكان الدور نصف النهائي والنهائي لعصبة الأبطال الإفريقية، يكشف بالواضح الهشاشة التي تطبع صناعة القرارات داخل "الكاف"، والتي لا يخفف من وطأتها أو حدتها، أن ما تتيحه إفريقيا بخرائطها المعقدة أقل بكثير مما هو متاح مثلا لقارة مثل أوروبا التي كانت ممن البداية سباقة لبرمجة الأدوار النهائية لعصبة أبطالها بنظام التجمع ومن مباراة واحدة وفاصلة بلشبونة البرتغالية، إن هذا الذي يحدث من ارتباك في إعادة جدولة المنافسات الإفريقية على مستوى الأندية كما المنتخبات، يؤكد ما كنا نقر به من أن هذه الكونفدرالية محتاجة بالفعل إلى ما يطور هياكلها وما يمكنها من خبرات عالية القدر في مجالات تدبير المنافسات التي هي الوجه العاكس لقيمة الكاف، وهي الجالبة للعائدات المالية، ومن دون تسويقها بالشكل الصحيح، فإن الأندية لن تجني من المنافسات الإفريقية إلا الفتات إذا ما قورنت بالطبع بما تذره مسابقات من ذات الصنف على الإتحاد الأوروبي لكرة القدم، مع تقديري الكامل للمسافات الكبيرة التي تقدمت بها القارة الأوروبية على ما عداها من القارات.
تحولت «كورونا» إلى قوة قاهرة غيرت أحكاما وأنظمة بل ومنظومات، إلا أن ما تعيشه الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم من شرخ كبير في التدبير هو أقوى واقدم بكثير مما جاءت به الجائحة، وسيكون حتميا أن تباشر الكاف من اليوم وبسرعة قياسية، طرد الهشاشة التي تبدو عليها أنظمتها وإقصاء التسيب الذي تعيشه لجانها وتغيير منظومة الإشتغال داخل مديرياتها، تماما كما أوصت بذلك فاطمة سامورا مندوبة الفيفا في تقريرها الأسود الذي أعدته بعد 6 أشهر من التقييم والمعاينة والإفتحاص..
لا وقت آخر لإفريقيا تهدره في التفاهات، فالمحصلة علامة بؤس كبيرة في المشهد..