الذي يطلع على منطوق الحكم الذي صاغته اللجنة المركزية للتأديب وعلى راسها السيد هشام بلاوي، بشان مباراة الدفاع الجديدي والرجاء البيضاوي التي استنزفت ما لدينا من صبر لطول المدة الزمنية التي قضيناها في قاعة الإنتظار، وكأننا أمام ولادة متعسرة، وأراقت الكثير من المداد والكلام في منصات التواجه والتضاد، سيجد نفسه بالفعل أمام قرار من نوع السهل الممتنع في أدبيات القانون، فبرغم ما تم حشوه من مصطلحات هي من صميم الصياغات القانونية المليئة بالتعليلات والإحالات، إلا أن السند القانوني كان على مرمى حجر من الجميع، وهو الذي تحصن به الرجاء وقبلت به اللجنة التأديبية بعد طول جرد للوقائع وبعد جملة من الإستشارات القانونية.
لقد كان الفصل 21 من نظام المنافسات هو مربط الفرس وهو السند القانوني، وهو الخيط الذي أمسكت به اللجنة التأديبية لتصل إلى ما تراه اليوم قرارا منطقيا ومسوغا ومحمولا على ركيزة قانونية قوية، فهذا الفصل يفرد في فقرتين، الحديث عن برمجة المباريات المؤجلة أو الإستدراكية للأندية في حال ما إذا كانت هذه الأندية معنية بمباريات قارية أو عربية أو بالمجمل مباريات خارجية، فبينما سيقول النص صراحة في المادة الأولى بأن كل فريق لعب مسابقة خارجية بميدانه، يكون عليه بعد انقضاء يومين كاملين على الأقل لعب مباراته المؤجلة، فيما تزيد المدة ب24 ساعة كاملة لتكون 72 ساعة على الأقل إذا ما خاض الفريق المعني بالمباراة الإستدراكية مباراته الخارجية خارج المغرب، وعند التثبت من الفارق الزمني بين المباراة التي لعبها الرجاء بالجزائر أمام مولودية الجزائر يوم 4 يناير 2020 والمباراة المؤجلة أمام الدفاع الجديدي التي برمجت على الساعة السابعة مساء من يوم الثلاثاء 7 يناير، يتأكد من أن فارق 72 ساعة لم يتم احترامه، وهو ما انتهى بلجنة التأديب إلى الإقرار بإعادة المباراة.
لو فرضنا أن النص واضح ولا يحتاج إلى اجتهاد، فما الذي جعل العصبة الإحترافية تبرمج مباراة مؤجلة أو استدراكية من دون احترام الفارق الزمني المنصوص عليه في الفصل 21؟ وما الذي جعل لجنة التأديب تطيل في قراءاتها لهذا الفصل ومطابقته مع الوقائع لإصدار قرار إعادة المباراة؟
بالقطع لم تنتبه لجنة البرمجة التابعة للعصبة، إلى أن الرجاء انتهى من مباراته أمام مولودية الجزائر في الساعة التاسعة من مساء يوم السبت 4 يناير، وإلزامه بإجراء مباراته المؤجلة أمام الدفاع الجديدي يوم الثلاثاء على الساعة السابعة مساء، كان يعني بأن الفارق بين نهاية مباراة الجزائر برسم كاس محمد السادس للأندية الأبطال وبداية المباراة المؤجلة أمام الدفاع الجديدي لم يتعد في المجمل 70 ساعة، تماما كما أن لجنة التأديب أخضعت النازلة الرياضية لنظام التحريات الدقيقة، فكان هناك استماع للشهود وكان هناك تدقيق في التقارير المنجزة، وكان هناك شعور بأن العصبة افتقدت للعمق القانوني في صياغة النازلة بكل تفاصيلها، وهو بالطبع ما استوجب هذا المخاض الطويل والممشى العسير.
بالقطع فإن الدفاع الجديدي سيكون من حقه اللجوء لمسالك المتابعة بهدف نقض الحكم، وسيكون عليه أن يجهز مرافعة جديدة يتقدم بها للجنة الإستئناف، تطعن قانونا في مبنى الحكم الصادر عن لجنة التأديب، وهنا أيضا سيكون من الضروري تكييف المنصوص عليه في الفصل 21 من نظام المسابقات لربح جولة الإستئناف، ولو أنني أستبعد أن تنقض لجنة الإستئناف الحكم المطرز للجنة التأديب وأتوقع أن يكون الدفاع الجديدي حاضرا في مباراته المطعون فيها أمام الرجاء والتي برمجت ليوم الإثنين 27 يوليوز لتكون منطلقا لتصفية مؤجلات البطولة الإحترافية.