إستمعت كغيري إلى مقتطف من برنامج تلفزيوني أذيع على نطاق واسع لأحمد حسام الملقب بـ «ميدو» نجم الكرة المصرية السابق، والمثير على زمنه للكثير من الجدل في مساره مع فراعنة النيل، أدركت من خلاله أن اللاعب المعتزل وبعد أن طاف بالتدريب حينا وبالتحليل حينا آخر بلا أي أثر يذكر، قرر دخول مجال الإعلام المرئي والمسموع كغيره من أيقونات كرة القدم العربية والعالمية الذين استهواهم الإعلام كمنصة للتواصل مع فئة عريضة من المشاهدين والمتلقين.
بالقطع لست مخولا لأن أتحرى عن أهلية «ميدو» في الإنتماء لقبيلة الإعلاميين، ولا أن أسائله عن المرجعيات الفكرية والإعلامية التي أدخلته لبلاط صاحبة الجلالة في بلد مثل مصر، أشهد أنه كان ولا يزال عنوانا للثراء والفخامة في منتوجه الإعلامي وفي كوادره الصحفية، إلا أنني وقفت مستغربا لهذه الدخلة الحمقاء والهوجاء التي اختارها ميدو لنفسه، طمعا في الحصول على «توقيع» به يتفرد في مشهد إعلامي يضج بحركة صاخبة، وبداخله تحدث الكثير من الإنفلاتات والإنحرافات، تكاد تغطي على بوارق إعلاميي الحكمة والرصانة والعمق، بسبب الإستباحات المفضوحة للأعراف المهنية من قبل تجار الإعلام. 
تعليقا على تصريحات مثيرة للجدل، لأسطورة كرة القدم المصرية فاروق جعفر، لمن جايل في زمنه الجميل نجوما كبارا من أمثال الخطيب وشحاتة ومصطفى عبده، أفرد «ميدو» مساحة زمنية في برنامجه «أوضة اللبس» أي غرفة الملابس على قناة النهار المصرية، ليستنكر حينا ما جاء على لسان فاروق جعفر وليلتمس له حينا آخر أعذارا هي أقبح من الزلة، إلا أن ما استفزني حقيقة هو أن يترك «ميدو» كل هذا الهرج الذي أحدثه مواطنه فاروق جعفر، ويعطي لنفسه الحق في أن يوجه للإعلام المغربي رسائل في شكل دروس، بل وأن يتطاول على الإعلاميين المغاربة ويوجه لهم الوعيد والتهديد، بسبب أنهم فعلوا ما فعله المئات من الصحفيين العرب والأفارقة، إما بنشر مقتطفات من اعترافات فاروق جعفر أو بالتعليق عليها بما هو متاح لهم في إطار حرية التعليق، وقد اختص «ميدو» بالوعيد الذي ينكسر صداه في صحراء سيناء، قبل أن يصل للمغرب منبث وموطن الأحرار، الصحفيين المغاربة تحديدا، لأن هناك وهما استوطن في الوعي الشقي للبعض، من أن المغرب يريد أن يركب على أي موجة للضغط على الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم.
وقد آلمني حقيقة أن «ميدو» وهو يجاهد من أجل مطابقة نقيضين لا يلتقيان، بالقول حينا أن ما أطلقه فاروق جعفر من «تشكيك» في استحقاق منتخب وأندية مصر لكل ألقابهم القارية هو محض افتراء، لأن منتخبات وأندية مصر نالت ألقابها بعرق وكفاح لاعبيها، والقول حينا آخر أن كلام فاروق جعفر يجب أن يأخذ بربعه فقط، أما ثلاثة أرباعه الأخرى فهي «هزار» لا يمكن أن تتأسس عليه الأحكام ويجب أن ترمى في سلة المهملات، والحال أن «ميدو» شكك في القدرات العقلية لفاروق جعفر، لأن «الهزار البايخ» من هذا النوع الذي يطلق على عواهنه في المنصات الإعلامية، لا يسأل عنه الإعلاميون الذين ساقوه مادة لقرائهم أينما كانوا، في مصر أو في المغرب أو في ما دونهما، ولكن يسأل عنه من قاله بالفعل، وأبدا لم يتراجع ولم يعتذر عنه، ولو أن كلاما كهذا أطلقه أسطورة من أساطير كرة القدم المغربية، من أحمد فرس الذي جايل فاروق جعفر إلى نور الدين نيبت مرورا ببودربالة والزاكي والتيمومي، لأفرد له الزملاء في الصحافة المصرية مساحات كبيرة في وسائل إعلامهم لقوته الصدامية ولعنصر الإثارة الذي يبحث عنه الإعلاميون، وذاك حقهم لا يسألون فيه إلا عن أي تأويل خاطئ أو استعمال بديء من أجل إثارة الفتنة، ولعل «ميدو» يذكر كيف أن ضمير بعض نجوم كرة القدم الألمانية صحا ذات يوم، فاعترفوا بأنهم تأمروا على منتخب الجزائر في مونديال إسبانيا 1982، إذ تواطأت الماكينات الألمانية مع النمسا لتحقيق الفوز الألماني المشبوه الذي يقصي ثعالب الصحراء، ووقتها هاج الإعلام العالمي على ألمانيا، وأبدا لم يخرج القيصر فرانز بيكنباور ليؤنب الإعلاميين غير الألمان، ويتوعدهم بل ويحذرهم من الركوب على الحدث للنيل من شرف الكرة الألمانية.
بالطبع لن يفسد هذا الجموح غير المحسوب لميدو «الإعلامي» ما يجمعنا بالزملاء في مصر من مودة واحترام، ويؤسفني أن أقول ل «ميدو» أن رسائلك أخطأت العنوان، فالإعلام المغربي لا يرضخ لأي تهديد ولا يهاب أي وعيد ولا يقبل ب«الهزار البايخ».. فلا تفعلها من جديد..