شعرت وقدرت حدة الوجع الذي أصاب منير الحدادي ومعه كل مكونات الفريق الوطني، والفتى يكره على حزم حقائبه ليغادر مركز محمد السادس لكرة القدم، باكيا وحزينا وقد حالت الفيفا بينه وبين تحقيق حلم اللعب للفريق الوطني خلال ودية السنغال.
كان منير في قمة السعادة وهو يتأهب لا لينتقم من الماطادور الإسباني الذي تلاعب به وأحال كل أحلامه لأشلاء، لغرض في نفس الجامعة الإسبانية والمدرب فيسنتي ديل بوسكي، الذي شعر لاحقا بوخز الضمير، فقال أن منير تعرض لمؤامرة مخطط لها، طبعا كانت سعادة منير الحقيقية وهو يأتي للمغرب للإنضمام لمعسكر الأسود في زمن الجائحة، في أنه صحح مع نفسه ومع محيطه خطأ تاريخيا اقترفه سنة 2014، عندما استمع ذات وقت لصوت العقل وارتدى قميص لاروخا، مع أن صوت القلب الخافت كان يوصيه بأن يفعل ما فعله زياش وحكيمي ومزراوي وغيرهم كثيرون، وما ندموا ولا تحسروا على أنهم إختاروا اللعب لمنتخب الأجداد والآباء.
ما سيأتي من الفيفا كان مفاجأة لنا جميعا، فقد فسرت لجنة قانون اللاعب التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم، اللائحة المعدلة في قانون تغيير الجنسية الرياضية، على أن ما يطلبه منير الحدادي لا يمكن التصديق عليه، فهو لا يستجيب للمعيار الثالث الذي يقول بأن كل لاعب يسمح له بتغيير جنسيته الرياضية، يجب أن يكون قد لعب آخر مباراة مع منتخب الجنسية الرياضة الحالية (أي المنتخب الإسباني) وهو لم ينه الواحدة والعشرين من عمره، والحال أنه بالعودة لتفاصيل المشاركات الدولية لمنير الحدادي مع المنتخبات الإسبانية المختلفة أعمارها، سنجد أنه خاض ثلاث مباريات مع المنتخب الإسباني لأقل من 21 سنة وهو قد تجاوز 21 سنة، وكانت المباراة الأخيرة له في هذه الفئة يوم 11نونبر 2016 أمام المنتخب النمساوي وعمره 21 سنة وشهرين.
تفسيرا لهذا البند المحين، رأت لجنة اللاعب داخل الفيفا، أن لا حق لمنير الحدادي في طلب تغيير جنسيته الرياضية، وأنه سيظل محسوبا على الجامعة الإسبانية لكرة القدم، برغم أن هناك من سيقول بأن منير الحدادي أشرك في مسابقة كان يزيد عمره عنها، لوجود ما يبيح ذلك في لوائح الإتحاد الأوروبي لكرة القدم، بالنظر إلى أن منير كان قد بدأ مع منتخب إسبانيا قبل أشهر التصفيات الأوروبية المؤهلة وقتذاك لأولمبياد ريو دي جانيرو، والتي تهم الفئة التي تقل أعمارها عن 21 سنة، ولربما قد تجد الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم التي قررت الطعن في قرار لجنة اللاعب لدى محكمة التحكيم الرياضي الدولي (طاس) في هذا التجاوز الذي لا يتحمل اللاعب وزره، ما يبقي أملا ولو صغيرا لكي تنقض طاس حكم الفيفا، وتسمح لمنير الحدادي بتحقيق الوعد الذي قطعه على نفسه وهو يعود لناديه إشبيلية حزينا ومكسور الجناح، أن يعمل بجد من أجل أن يحقق حلمه بارتداء قميص الفريق الوطني.
خطأ هو من إذا، في أن يكون منير الحدادي ضحية قانون كنا نعتقد أنه تم تفصيله على مقاسه؟
خطأ الفيفا، أنها تصلبت في تطبيق المادة المنصوص عليها في قانون تغيير الجنسية الرياضية والذي لا يأخذ في الحكم القطعي بالحيثيات الرياضية والإنسانية؟ أم هو خطأ الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم التي ذهبت للجمعية العمومية للفيفا لتدافع عن قانون هي من اقترحت تحيينه بوحي من واقعة منير الحدادي، وبعدها لم تدرك أنها أخطأت الحساب، فتسرعت أولا في دعوة منير الحدادي لمعسكر الفريق الوطني، وتسرعت ثانيا في أنها لم تأخذ كامل وقتها لهضم المادة المحينة؟
من هذا القانون المحين إستفاد أيمن برقوق الذي لعب لكل الفئات الصغرى للمنتخب الألماني، واستفاد سامي مايي الذي جاور المنتخب البلجيكي لفئتي أقل من 19سنة وأقل من 21 سنة، والمؤكد سيستفيد غيرهما الكثير من اللاعبين الذين يجري التغرير بهم ليختاروا اللعب لمنتخب الإقامة والمنشأ عوضا عن اللعب لمنتخب بلد الجدور، ولكن ستكون حسرتنا كبيرة إذا لم يتم إنصاف منير الحدادي باستحضار أي من الثغرات القانونية الموجودة في حالته، أو باستحضار البعد الإنساني ولاعب يعدم حلمه، أو بالذهاب رأسا لبنية القانون لتغييره مجددا، وما المانع من ذلك؟