بحث وحيد خاليلودزيتش خلال المحك الودي الثاني أمام فهود الكونغو، عن معادلة صعبة إن لم تكن مستحيلة لأنها في العادة لا تتأتى إلا للمنتخبات التي تتمتع بالعراقة أولا، وبرصيد بشري لا يختلف فيه اللاعبون في مقاساتهم التقنية والتكتيكية ثانيا، فتحقيق الفوز على منتخب كونغولي جاء مجروح الكبرياء من وديته الأولى أمام خيول بوركينا فاسو، وربح رهان اختبار كل البدائل لمعاينة اللاعبين في مسرح الحدث، شيئان من الصعب أن يجتمعا وما أظنهما قد اجتمعا، بخاصة وأن وحيد خاليلودزيتش نفسه لم يوفق في وضع الترسيم التكتيكي الذي يتلاءم مع كل المتغيرات البشرية التي لجأ إليها في مباراة الكونغو الديموقراطية.
كان من الصعب جدا أن نطالب اللاعبين بحجم كبير للأداء الجماعي، بسبب أنهم يوجدون في بداية الموسم وجلهم لم يبلغ بعد درجة متقدمة في الجاهزية البدنية، لذلك بدا أن هناك نوعا من التنافر بين مخزون اللاعبين البدني على الخصوص وما هو مطلوب منهم تكتيكيا من وحيد خاليلودزيتش، أي الضغط العالي وإخراج الكرة بسلاسة من المنطقة والتحول السريع من الحالة الدفاعية للحالة الهجومية، لذلك جاءت المباراة في عمومها، نصا تكتيكيا غامضا.
قد نقبل بكل المبررات التي ساقها وحيد خاليلودزيتش للتعبير عن عدم رضاه على النتيجة، لطالما أنه كان يطمح لترسيخ العقلية الإنتصارية وأيضا لإبراز النسخة الأصلية من منظومته التكتيكية، وليقول أيضا أن بعض اللاعبين لم يصلوا بعد إلى كامل جاهزيتهم البدنية، إلا أننا عندما نقف على المحددات الكبرى لأسلوب اللعب، نجد أن التوظيفات شابها الكثير من الإختلالات، بخاصة لما أنيطت مهام بعينها بلاعبين لم يتقنوها، ما جعلنا نقف أحيانا على اختناق غير مبرر لوسط الميدان وعلى تداخل في الأدوار، وزاد من هذا سوء هذا الشكل المستهجن، أن مدرب منتخب الكونغو الديموقراطية طالب لاعبيه على الخصوص بعدم ترك الأسود يقومون بما يتقنونه، أي التمرير القصير وإبداع المثلثات التي تفتح الطريق نحو المرمى.
أعتقد أن ما يسأل عنه أي مدرب من المحكات الودية، حصل عليه وحيد أمام السنغال وبالخصوص أمام الكونغو الديموقراطية، فإلى جانب ما عرضت له من إشارات حمراء أرسلتها الوديتان معا ووجب إلتقاطها، جنى الفريق الوطني مكاسب كثيرة من الوديتين، أولهما أن اللاعبين عادوا مجددا لحميميتهم داخل العرين بعد غياب طويل دام 11 شهرا، ثانيهما أن الفريق الوطني أجاد كثيرا في ودية السنغال، وثالثها أننا كسبنا لاعبين سيصبحون قطعا أساسية في منظومة اللعب وفي التشكيل الموسع للفريق الوطني، بعد أن نجحوا بدرجة عالية في الإختبار، وأكثر هؤلاء سامي مايي مدافع نادي سان تورند البلجيكي وأيمن برقوق وسط ميدان إنتراخت فرانكفورت، بالإضافة إلى الوجه الجديد الذي عاد به كل من عمر القادوري وأسامة طنان.
نقفل إذا كتاب التجارب ونفتح واجهة الرسمي، وما دلتنا عليه الوديات برغم ما كان من خلل في مباراة الكونغو، يقول بأن الفريق الوطني سيقبل الشهر القادم على مباراتيه الرسميتين أمام إفريقيا الوسطى برسم تصفيات كأس إفريقيا للأمم الكامرون 2021، بمؤشرات نفسية وتقنية مرتفعة لتحقيق العلامة الكاملة من المباراتين معا..