وعائلة كرة السلة تسير نحو جمعها العام الإنتخابي المبرمج يوم الأحد القادم، لا أحد منا يمكن أن يجزم بأننا في نهاية نفق طويل ومظلم ومخيف، وبأننا أوشكنا على إسدال الستارة على دراما مملة، ولا أحد يمكن أن يتيقن من أن هذا الجمع العام، حتى وإن نجح في انتخاب مكتب مديري جديد، سيعيد الحياة للكرة البرتقالية بعد أشهر من الغيبوبة الكاملة.
كان من الضروري أن تعود كرة السلة الوطنية للعيش مجددا في جلباب اللجان المؤقتة، وقد احتدم في الردهات صراع مشخصن واستعرت نار الخلافات، التي لا لم تؤد في النهاية إلا إلى مزيد من التفرقة والإحتقان، حتى أن بيننا كثيرين ظنوا أن كرة السلة لن تقوم لها قيامة، وقد كان مؤسفا للغاية أن تتسبب خلافات عميقة ليست كلها بسبب تعارض الرؤى والبرامج، في قتل شريان كرة السلة، أي أن تضرب رياضة المثقفين جائحة التوقف الكلي حتى قبل أن تحل بنا جائحة كوفيد 19، ما تسبب في تعطيل حركة كرة السلة وفي تشريد عدد كبير من اللاعبين والمؤطرين، وهو الأمر الذي انعكس سلبا على منتخبنا الوطني الذي عوقب أشد ما يكون العقاب على الشلل الذي أصاب البطولة، بأن خرج صاغرا من التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم.
بالطبع لا حاجة لأن أقلب على نفسي وعليكم المواجع، وأعيذكم لشريط التفاهات والعاهات والإستباحات التي حدثت في مشهد كرة السلة وجرى تصدير الكثير منها للمغاربة بطرق مستفزة للمشاعر، إلا أنني أشدد على أن لا أمل في الخروج من كل هذه العاهات المصطنعة ولا حياة يمكن أن تعود للكرة البرتقالية، ما لم يرتفع النقاش إلى المستوى الذي يستحضر بالأساس مصلحة كرة السلة باعتبارها رافعة قوية ودعامة أساسية للرياضة الوطنية، وارتفاع النقاش يفرض فرض عين أن يدفن الماضي الحزين لكرة السلة، بكل ما تداعى حوله من حروب ومؤامرات ودسائس، الأساسي في بناء المستقبل القريب لكرة السلة الوطنية أن يترفع الفاعلون المباشرون الذين هم أعضاء الجمع العام عن كل أشكال الخلافات الشخصية، ويقدروا حق قدرها هذه الظرفية الحرجة التي تستدعي تعبئة جماعية من أجل إخراج كرة السلة من غيبوبتها.
إستمعت قبل أيام إلى شكوى وأنين المتضررين المباشرين من جائحة الخلافات التي تضرب كرة السلة وتفرض شللا كاملا على حركيتها، وشعرت بما يشعر به كل هؤلاء وهم يسلبون حقهم المشروع في الإستمتاع بالمنافسة بسبب أن البعض كسر بأنانيته وشوفينيته الإطار الجميل لهذه الرياضة وعرضها لهذا الموت الزؤام، ومع إدراكي أن الجمع العام الإنتخابي الذي ينعقد هذا الأحد لن يكون إلا خطوة أولى على درب المصالحة، هذا إذا لم تستعر مجددا حرب الطوائف، فإنني أتمنى على وزارة الشباب والرياضة الجهاز الحكومي الوصي على الرياضة الوطنية، أن تزيد في تحصين الأساسات القانونية التي تقوم عليها الأجهزة والمؤسسات الساهرة على شأن الرياضات، للحيلولة دون الوقوع في وضعية بذات الكارثية التي كانت عليها كرة السلة الوطنية، طبعا الأمر بعيد عن أن يكون نوعا من الحجر على هذه الجامعات، ولكنه يرفع فوق الكل مصلحة الرياضة الوطنية، يحميها من شبيه الرداءة التي حشرت فيها كرة السلة.
لن أستبق بأي حكم جاهز أو قاطع يعدم كل أمل في خروج كرة السلة من نفقها المظلم من خلال الجمع العام القادم، لذلك أتمنى صادقا أن تحضر الحكمة في تدبير الخلاف لتحويل هذه الخلافات إلى إرادة جماعية من أجل انتشال كرة السلة من وضعها الحالي، لطالما أن الخروج المأمول من النفق لن يقتصر على مجرد انتخاب فريق عمل جديد، ولكن يجب أن يتعداه إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي، وما أكثر ما تعطل للأسف في هذا البيت.