لماذا لا يكون ياسين بونو هو أحد أفضل حراس المرمى في العالم؟ ولماذا لا يكون هو الأفضل بين كل حراس المرمي في الليغا الإسبانية؟ الأرقام التي لا تكذب والإحصائيات التي تحتكم لمنطق المعطيات والتصنيفات التي تتأسس على وقائع، هي ما يقول أن ياسين بونو بات اليوم في نفس الخط من النجومية مع يان أوبلاك حارس مرمى أتلتيكو مدريد والألماني تير شتيغن حارس مرمى برشلونة، بل إن أرقامه المثيرة للإعجاب تضمه لخانة الكبار في العالم، ليكون إلى جانب الألماني مانويل نوير حارس مرمى بايرن ميونيخ. بنهاية مباراة اشبيلية وهويسكا السبت الماضي، والتي شهدت فوز أسود الأندلس بهدف المغربي منير الحدادي، كان ياسين بونو قد انفرد بالكثير من الخاصيات الدالة على تصنيفه في خانة كبار حراس مرمى الليغا والعالم، فقد أنهى المباراة السابعة تواليا في مسابقتي الليغا وكأس الملك من دون أن يدخل شباكه أي هدف، والأكثر من ذلك أنه أتم المباراة رقم 17 في كل المسابقات ومنذ بداية الموسم بالكلين شيت (شباك نظيفة)، وبالتصديات الأربعة الحاسمة التي أنجزها في مباراة هويسكا حقق بونو رقما قياسيا في عدد التصديات الحاسمة، وقد كان منها تصدي خيالي وقف عنده الإعلام الإسباني طويلا بالإشادة وبالتنويه ثم بالتأكيد على أن ياسين بونو أتى من عرين أسود الأطلس الذي صدر على الدوام للبطولة الإسانية حراس مرمى من العيار الثقيل، أولهم كان بالطبع الأسطورة الزاكي بادو. كان ياسين بونو في واحد من الإختبارات القوية الأربعاء الماضي وفريقه يواجه برشلونة في ذهاب نصف نهائي كأس ملك إسبانيا، بالطبع لم يكن بونو بحاجة لأن يقدم نفسه للإعلام الإسباني ولا لمدرب فريقه لوبيتيغي ولا لجماهير إشبيلية التي تنظم فيه أجمل القصائد، بل إنه كان بحاجة لأن يدعم صورة الحارس العملاق التي وضعها له الإعلام الإسباني عطفا على المستويات الرائعة التي يبصم عليها منذ أن قدم لإشبيلية ومنذ أن قبض على الرسمية مع أسود الأندلس. كان الإختبار قويا، لأن من يوجد ببرشلونة لاعبون مهاريون تفننوا في تركيع حراس المرمى، أبرزهم على الإطلاق البرغوث ليونيل ميسي، وما حدث في تلك الأمسية الجميلة التي أشرقت فيها الشمس ليلا على إشبيلية الأندلس، أن ياسين بونو وقف جدارا منيعا أمام برشلونة فصد كل غاراته الهجومية، بل إنه سيتمكن من إحباط فرصتين سانحتين للتسجيل بقدم الأسطورة ميسي الذي يخضع كل حراس العالم لسلطانه وجبروته. مؤكد أن ما يحققه ياسين بونو اليوم، وهو يصدق ما ذهب إليه الأسطورة الزاكي قبل عقد من الزمان، عندما قال سيأتيكم حارس مرمى يذكركم بي، لا ينسب إلا لشيء واحد هو العمل المقرون بالإصرار على تحقيق النجاح، فياسين بونو الذي عاش لفترة في جلباب نادر لمياغري هنا بالوداد البيضاوي، لم يخيب ظن من وثقوا بموهبته وسافروا به لليغا منضما لأتلتيكو مدريد، بل إنه لم يحبط وقد بدا له انتزاع الرسمية في فريق مثل «الروخيبلانكوس» أشبه بسور الصين العظيم، لقد آمن الفتى اليافع بقدراته وملكاته، وتحدى نفسه بالعمل الذي لا ينقطع، ويوم هبت رياحه اغتنمها بأجمل طريقة ممكنة. حصل ياسين بونو على الرسمية داخل فريقه جيرونا، وبرغم ما كان عليه هذا الفريق من هشاشة دفاعية هي ما سيعيده مجددا لليغا الثانية، إلا أن بونو كان يظهر كومضة نور في عتمة الظلام، ما حدا بإشبيلية إلى جلبه معارا، ليكون بديلا للحارس الرسمي فاكليك، وبينما بدا أكثرنا متحيرا ومستغربا، أن يقبل بونو بالعودة مجددا لدكة البدلاء وهو ينضم لإشبيلية، كان ياسين واثقا من أن الفرصة إن أهلت، فإنه سيكون متوثبا وجاهزا للإنقضاض عليها، وهو ما سيحدث، ذلك أنه مع إصابة فاكليك سينال بونو الرسمية، بل إنه سيعض عليها بالنواجد، ليس هذا فقط بل إنه سيصبح بقوة الأرقام التي لا مكان فيها للعواطف، هو سيد حراس مرمى الليغا وأنجب حراس مرمى العالم، ولا عجب أن يفعل إشبيلية على الفور بند الشراء في عقد الإعارة ويجلب إليه حارس الأسود نهائيا مقابل 4 ملايين أورو، لأنه بعد سنة بالتمام والكمال، ستقفز القيمة السوقية لبونو إلى 15 مليون أورو.. ياسين بونو، يوسف النصيري، جواد يميق، نايف أكرد وغيرهم، أنجبتهم كرة القدم الوطنية دليلا على أن الرحم لم يصب بعقم، وأن هامش الإستثمار في المواهب البشرية والملكات الفنية كبير وعريض..