•• كثيرة هي أسئلة القلق والتوجس التي تهوى كالمطارق على الرؤوس والرجاء في طريقه لخوض اللقاء النهائي لكأس الكونفدرالية بكوطونو العاصمة البنينية أمام شبيبة القبائل، أسئلة استجدت بسبب ما تداعى في محيط النسور الخضر من ارتجاج وصدع، بخاصة بعد الخسارة أمام الوداد في الديربي.
بالطبع لا أحد يقبل بأن نناقض ما ذهب إليه الكثيرون، والرجاء يعبر بكامل الأريحية وبيسر كبير مسالك هذه المسابقة، من أن الرجاء أكبر بكثير من كأس الكاف، ونقول لمجرد ما حصل من شرخ ومن اهتزاز، أن الرجاء بات اليوم في موقف ضعيف، وأن حظوظه في الظفر باللقب للمرة الثانية في الأربع سنوات الأخيرة تقلصت بشكل كبير، ليس لطبيعة المنافس الذي لا يمكن لأحد أن يلغي لا حماسه ولا ثقته بقدراته، ولكن بفعل ما يعتمل داخل محيط الرجاء، ما يشهره المدرب لسعد الشابي من قرارات صادمة لتوقيتها وليس لمضمونها، وما أصبح عليه أداء النسور الخضر منذ الهزيمة من يوسفية برشيد، أو بالأحرى بعد العبور الصعب من حاجز نصف النهائي لكأس الكاف أمام بيراميدز.
لا أعلم أي ذبابة لسعت لسعد الشابي فجعلته على عناده وتشدده يتصلب في بناء قرارات، لا أجزم شخصيا ولا أقرر في سلامتها أو في رعونتها، ولكنني كنت أتمنى أن تتأجل لحمولاتها النفسية السلبية لما بعد نهائي كاس الكونفدرالية.
بالطبع هناك من سيقول، ولماذا سيجبر لسعد الشابي على إقرار المهادنة بشأن حرب مستعرة أشعلتها نرجسية أو أنانية هذا اللاعب أو ذاك؟ 
لماذا يلين أمام حالات مارقة لا يجب أبدا غض الطرف عنها حتى لو كان الرجاء سيلعب نهائي كاس العالم للأندية وليس نهائي كأس الكونفدرالية؟
وللجواب على السؤالين معا، لا أحد بالمطلق يطلب من لسعد الشابي أن يندلق أو يتنازل عن قواعد بديهية في بناء العمل، أو حتى أن يتظاهر بأنه انحنى اتقاء لشر العاصفة وهول الإعصار، ولكن ما يطلب حقيقة هو التفكير مليا في تبعات قرار انضباطي أو تقني يتم اتخاذه، درجات تأثيره على مستودع الملابس وعلى نفسية اللاعبين، ففي سياقات صعبة كالتي يوجد فيها الرجاء، يكون من الضروري أن تصنع القرارات على نار هادئة بلا انفعال ولا تشنج ولا مزايدة ولا تشدد.
سنكون في قمة السعادة لو أن الرجاء نجح برغم كل هذه المطبات والعذابات والتشنجات التي مر منها والتي كان بعضها مجانيا، في العودة من كوطونو متوجا باللقب الإفريقي، وسنكون أول من يعترف للشابي بأنه نجح في تخليص المحيط من كل الشوائب التي علقت به بفعل ما كان من استبعاد لمتولي والسعداوي والورفلي، لأسباب انضباطية وليس تقنية، إلا أننا مقابل ذلك سنغضب كثيرا إن عاد الرجاء من كوطونو وليس بين يديه الكأس التي يستحقها، وسنحمل لسعد الشابي مسؤولية ضياع هذا اللقب على الرجاء، لأنه ربما بعناده وتصلبه واختياره التوقيت السيء للتلويح بالعقاب الرياضي، وضع الرجاء في موقف مستضعف لا يستطيع معه التعبير عن حقيقة ملكاته وممكناته الفنية الجماعية.
بالقطع لا نتوقع أن تكون مهمة الرجاء سهلة بكوطونو، ليس بسبب الرشح الفني الذي أصابه منذ مباراته هنا بالدار البيضاء أمام بيراميدز المصري، حيث خاض قبل ملاقاة شبيبة القبائل ثلاث مباريات لم ينل منها سوى نقطة واحدة، ليس هذا فقط بل إن الرجاء لم يسجل في آخر 5 مباريات سوى هدف واحد، وهو مؤشر مقلق للغاية.
لا نتوقع أن تكون مباراة النهائي أمام شبيبة القبائل صعبة على الرجاء بسبب هذا الجفاف الرقمي الذي حل بالرجاء فحسب، وله تفسير في الإهتزاز الذي حدث داخل محيط الرجاء، ولكن نتوقع الصعوبة أيضا لطبيعة المباراة نفسها، فهي مباراة نهائية وهي مباراة ديربي بين كرتين مغربية وجزائرية بكثير من التشابه ومن القواسم المشتركة تقنيا، وهي مباراة تعيد الأندية الجزائرية إلى الدور النهائي لمسابقة إفريقية بعد سنوات طويلة من الغياب والإحتجاب القهري.
أملنا كبير في أن يرتفع النسور الخضر فوق كل هذه الأدخنة المتصاعدة من عرين أشعلت فيه النار بالخطأ، وأن يكونوا يوم السبت القادم على أهبة الإستعداد لكتابة صفحة جديدة في الملحمة الخضراء ولإبقاء كأس الكونفدرالية بالمغرب بعد أن توج بها العام الماضي النهضة البركانية.
 
•• في النهاية قرر أشرف حكيمي وقد أكره من ناديه إنتر ميلانو على مغادرة الكالشيو من دون أن يعمر فيه لأكثر من موسم واحد، أن يعرج على البطولة الفرنسية لتكون رابع بطولة يتواجد فيها في سن مبكرة جدا وهو الذي سبق له اللعب بالبطولات الإسبانية، الألمانية والإيطالية.
لم يجد ملاك الإنتر لاعبا غير أشرف حكيمي يحقق لهم الربح القياسي ويساعدهم بيعه على تجاوز المحنة المالية، فأعلنوه لاعبا متاحا وبسعر اعتبره الكثيرون تعجيزيا (80 مليون أورو)، فما اقترب منه غير ناديين إثنين، تشيلسي الإنجليزي وباريس سان جيرمان الفرنسي. وبحكم أن «بي إس جي» قدم عرضا ماليا لا مقايضة فيه، فإنه هو من ظفر بالصفقة التي ستجعل من أشرف حكيمي اللاعب الأغلى في ميركاطو الصيف والتي ستؤكد أنه وبلا مبالغة هو أفضل ظهير أيمن في العالم.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو:
هل باريس سان جرمان هو الخيار الأمثل لحكيمي ليواصل رحلة الصعود التي بدأها منذ خروجه معارا من ريال مدريد؟ وهل البطولة الفرنسية، المصنفة خامس البطولات الأوروبية الكبرى بعد أنجلترا، إسبانبا، ألمانيا وإيطاليا، هي الفضاء الكروي الذي كان لزاما أن يأتي إليه حكيمي؟
سيكون الجواب بالسلب لو تعلق الأمر فقط بالبطولة الفرنسية التي لا يجد باريس سان جيرمان عناء في التتويج بها، حتى لو سلبها منه الموسم الماضي نادي ليل، لكن الأمر يتعلق بالحلم الكبير الذي يطارده الملاك القطريون لنادي باريس سان جيرمان منذ سنوات، حلم الفوز بعصبة الأبطال الأوروبية، وهو اللقب الذي يطمح أشرف حكيمي ليناله بقميص فريق آخر غير ريال مدريد.