لئن كان الوداد البيضاوي قد أجهز على كل إثارة كنا نرجوها، على الأقل لنعيش ذات المشاهد الهتشكوكية التي رافقت بطولة الموسم الماضي وسارت بعذوبتها وجمالها الركبان، وهو يحسم أمر اللقب مبكرا ويعلن منذ فوزه بإياب الديربي على الغريم الرجاء بطلا للمرة 21 في تاريخه، فإن جاذبية المتابعة ومتعة الملاحقة، رافقت مشهد البطولة في موسمه الحالي على مستوى أسفل الترتيب، فإلى غاية الثواني الأخيرة من مباريات الدورة الأخيرة، لم نكن نعرف أي الأندية الخمسة التي كان يلف أعناقها سوار من لهب، سينحدر إلى البطولة الإحترافية الثانية، تاركين المكان للعائد أولمبيك خريبكة والزائر الجديد شباب السوالم.
نجا الفتح بجلده وهو يفوز على شباب المحمدية بالهدفين، وكذلك فعل يوسفية برشيد وهو يفوز في مباراة تطايرت فيها الكثير من الشظايا على اتحاد طنجة، وظل المغرب التطواني متأملا في ريمونتادا ترفعه في فوق الخرائب أمام نهضة بركان الذي انتصر لطموحه في تحصين مرتبة رابعة قد تهديه مشاركة خارجية وانتصر للفير بلاي، ولكنه لم يفلح، وبعد مباراة مدمرة للأعصاب انتقل نهضة الزمامرة في مباراة السد أمام سريع وادي زم من الناجي إلى المودع، فبينما كان هدف لاعبه الغبرة يضمن له مواصلة المشوار مع أندية الكبار للموسم الثالث تواليا، إذا بهدف قاتل للمخضرم إبراهيم البحري ينقذ سريع وادي زم ويرمي بالزمامرة مجددا لغياهب القسم الثاني. 
لا قياس بين وجع وكارثية نزول المغرب التطواني ونهضة الزمامرة إلى البطولة الإحترافية الثانية مع وجود فارق كبير في درجة التجني على النفس، والتمادي في ارتكاب الجنح الرياضية والتسييرية التي تفضي لمثل هذا المآل، فنهضة الزمامرة الذي تحدث جميعنا قبل ثلاثة مواسم عن إنجاز تاريخي قاده لأول مرة في مساره لبطولة الكبار، لم يفلح في مقاومة جاذبية الإنحدار لأكثر من موسمين ولعله لم يحصل على الجرعات الكافية من المناعة، بل إنه عجز عن إيجاد الهيئة الرياضية التي تساعد على ربح رهان البقاء. 
لو نحن احتكمنا للغة الأرقام والإحصائيات التي لا تخطئ، سنجد أن نهضة الزمامرة أدى غاليا ثمن أخطاء ارتكبها عند خط الإنطلاق، نتج عنها أن الفريق لم يتحصل سوى على 9 نقاط في مرحلة الذهاب، أي على 20 بالمائة فقط من النقاط الممكنة، وهو رصيد موجب للسقوط، سيتم تعويضه في مرحلة الإياب التي تحصل خلالها الفريق الزمامري على 21 من أصل 45 نقطة ممكنة، إلا أن تعادله في آخر السدود أمام سريع وادي زم أصدر في حقه الحكم الذي لا يقبل لا بالنقض ولا بالإبرام، العودة ثانية لقسم المظاليم، لعل في ذلك دروسا تستخلص من أجل بناء المستقبل القريب. 
وعلى قدر مرارة بل وكارثية المآل، وحدة الوجع الذي تشعر به مدينة تطوان، وحمامتها البيضاء تتكسر أجنحتها وتسقط للقسم الثاني بعد 15 موسما بين الكبار، تعتبر للأمانة هي الأميز والأجمل في مسار الفريق الذي لعب ذات مواسم في بطولة الليغا الإسبانية، إلا أن حكم الهبوط لمصاف الصغار الذي صدر، له الكثير مما يدعمه من جنح ارتكبت ومن لدغات حدثت من نفس الجحر من دون اتقاء ولا اتعاظ، حكم لا يبقي ولا ذرة ظلم واحدة، فالفريق لغاية الأسف مثل كثيرين ممن اجتروا قبله نفس المأساة، مر في المواسم الأخيرة من كثير من مخاضات الوجع ودوت في فضائه الكثير من التنبيهات، من دون أن يجعل بينه وبين أخطاء التدبير مانعا ولا واقيا. ومن لا يتهيب صعود الجبال، يعش أبد الدهر بين الحفر، على حد قول الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي. 
كثيرة هي الإشارات التي كانت تنبئ بهذا المصير القاتم، والتي مرت على سماء المغرب التطواني من دون أن يلقي لها الفريق بالا، فمنذ التتويج بلقبي البطولة الإحترافية، والتواجد التاريخي بكأس العالم للأندية، كانت هناك حاجة لتحصين الفريق ضد النوبات القاتلة، ولتمتيعه بالقدرة على البقاء دائما في مصاف الأندية المتنافسة على المشاركات الخارجية، كان لا بد أن يحصل ذلك، ليس بعبقرية تسييرية فقط تراكم على النجاحات، ولكن أيضا بيقظة كاملة لمدينة كان يفترض أن تكون متعبئة بالكامل، بفعالياتها الإقتصادية وبأطيافها السياسية للحيلولة دون أن يشعر الفريق ذات وقت أنه في عزلة وأنه متروك لمصيره. 
لا أستطيع بمطلق الأمانة أن أحمل مسؤولية هذا السقوط الموجع لحمامة تطوان، لرئيس الفريق وحيدا ولا حتى لمكتبه المسير فحسب، فمهما كانت أخطاء رضوان الغازي ومن حوله موجعة بل وموجبة لهذا المصير القاتم، إلا أن مسؤولية النزول تقع على المدينة بكاملها، وهي ذاتها المسؤولية التي تقع اليوم على عاتق مدينة تطوان لربط النزول بأسبابه الموضوعية، واعتماد خطة إنقاذ عاجلة لتفادي مزيد من النزول إلى درك الهواة..