ماذا نفعل بهذا الكم من الإعجاب والإشادة الذي يأتي بمنتهى التلقائية من الإعلاميين والمحللين العرب للفريق الوطني بعد رباعيتيه المدويتين، أمام الشقيقين فلسطين والأردن، وقد وصل بلا أدنى شك صدى منهما للاعبين وللطاقم التقني؟
هل نصم الأذان، حتى لا نتورط كثيرا في هذا العشق الآتي من كافة الأشقاء العرب؟ أم نكيف الإشادة وكل أكاليل الترشيح الموضوعة على الصدر، لتكون لنا وقودا به نشعل ما نحتاجه من حماس لنقترب من الهدف؟
للأمانة فالفريق الوطني وضع في خانة المرشحين البارزين للقب العرب، حتى قبل أن يأتي لدوحة العرب، هو مرشح من قبل حتى أن تبدأ كأس العرب لسببين..
أولهما أنه يأتي للدوحة بوصفه بطلا للنسخة الأخيرة، ولو أنه مضى على ذلك تسع سنوات، وثانيهما أن الذين يرشحونه يفعلون ذلك عطفا على ما تنجزه كرة القدم المغربية في سنواتها الأخيرة في محيطها الإفريقي، فهذا الفريق الوطني ثلثا لاعبيه شاركوا في صناعة إنجاز الفوز للمرة الثانية تواليا ببطولة إفريقيا للاعبين المحليين، كما أن صدى كبيرا وصل لعرب أسيا تحديدا، من الذي تنجزه الأندية المغربية عربيا وإفريقيا.
إلا أن نسبة الإشادة بمنتخبنا الوطني زادت، ودرجة اليقين بقدرته على المنافسة على اللقب ارتفعت، بحكم ما أنتجه في مباراتي الفدائي الفلسطيني والنشامى الأردني من أداء جماعي نجم عنه تفوق رقمي رهيب، إن على مستوى النتيجة وإن على مستوى الإحصائيات التي تتبث التفوق الذي لا يختلف عليه إثنان..
فكيف يا ترى سيتعامل الفريق الوطني، بطاقمه التقني على الخصوص، مع هذا الكم الهائل من الإشادات؟ 
إن كان على المدرب والربان الحسين عموتا، الذي أعرفه أحيانا أكثر من نفسي، فهو سيظل صلدا وشامخا بل وسامقا لا يتمايل حيث تميل رياح الإعجاب والإشادة، فإن أدرك أن هذه الأكاليل تكافئ حضورا كرويا يأسر العين ويحرض من فرط جماله على إبداء الإعجاب، أصر على أن تظل الأرجل مثبتة في الأرض، وأن يقابل اللاعبون كل هذا بما يجب من تواضع لا يبقى مجالا لا للإستعلاء ولا للإستقواء، لطالما أن فريقنا إلى الآن لم يصنع شيئا، سوى أنه تجاوز الدور الأول، وهذا أقل مما هو مطلوب منه في مونديال العرب.
مؤكد أن الحسين عموتا الذي لا يخفي عن نفسه ولا عن لاعبيه الهدف الأسمى من التواجد في بطولة كهاته هنا بقطر، وهو من وصف بصائد الألقاب، يضع لتحقيق الهدف في صورة حلم، خارطة طريق يريد أن يعبر فيافيها ومنعرجاتها باتزان وبسلاسة، ولا خيار أمامه سوى أن يعبر المحطة بعد الأخرى، الجسر بعد الآخر، فلا استعجال ولا استسهال ولا شيء يعكر صفو «المونطال»..
ومع أن الصورة اتضحت للفريق الوطني بخصوص الأدوار النهائية التي يصطلح عليها بأدوار خروج المغلوب، إذ تأكد أنه سيواجه في أول أدوار خروج المغلوب، المنتخب الجزائري أو المنتخب المصري، إلا أنه لا يجب القفز على المحطات، فالفريق الوطني أمامه مباراة غدا الثلاثاء أمام السعودية التي تحضر بمنتخب حار الإعلاميون السعوديون أنفسهم في تسميته، بعد أن فاجأهم هيرفي رونار بعدم حضور المنتخب الأول، وهناك حاجة للفوز بالمباراة للحفاظ على دينامية الإنتصارات، وأيضا لتمتيع اللاعبين الذين لم يحصلوا على مساحة للعب في المباراتين الأوليين، بفرصة الرفع من التنافسية تحسبا لما ستأتي به الأدوار القادمة.
وإن كان مقدرا للمنتخب الوطني أن يلاقي في ربع النهائي أحد المرشحين للتتويج، الجزائر أم مصر، فإن من يريد عسل اللقب عليه أن يروض كل النحل الذي يصادفه في طريقه..