مع الحسرة التي تتملكنا جميعا، والمنتخب المغربي الرديف يخسر فرصة التقدم حثيثا في مونديال العرب، ويخسر مع ذلك لقبه الذي فاز به قبل تسع سنوات ويعطل بالفعل كل الترشيحات التي وضعته في صدارة المرشحين..
مع حالة الحزن الشديد التي تنتابنا جميعا من انهيار صرح الحلم، بهكذا شكل، لا يجدر بنا أن نعلق الإقصاء على شماعة الحظ، عطفا على خسارتنا بضربات الترجيح، ولا يجدر بنا أن نبحث لمبررات لحالة السقوط المحزن، إلا في ما أنتجه الفريق الوطني في مباراته أمام الجزائر تقنيا وتكتيكيا، وفي الهيأة التي كان عليها، فهل يصح القول بأن المنتخب المغربي كان صورة طبقا لأصل ممكناته الجماعية؟ هل كان حاضرا بكل متاعه التكتيكي في مواجهة لم تكن تقبل بازدواجية المظهر وبأي انحرافات تكتيكية؟
للأمانة سأقول بأن فريقنا الوطني كرر للأسف مشهدا لطالما تكرر علينا، أن يكون في اللحظات المصيرية ظلا لنفسه، نسخة مشوهة من أصله، وأن يتخلف عن الموعد مع سبق الإصرار..
فما الذي حدث إذا للفريق الوطني حتى يكون نسخة مشوهة من نفسه؟
أتصور أن الأسود فقدوا في مباراتهم أمام الجزائر سلاحا إذا ما تعطل كان ذلك مؤشرا على خسارة المعركة، سلاح رباطة الجأش والتوازن النفسي وصفاء الذهن، ولو فتشنا في أصل الإختلالات والإعتلالات التي كان عليها الأداء الجماعي بعد الفردي، لوجدناها في نفسيات اللاعبين التي كانت للأمانة مصابة بتورم شديد، ما أنتج تلقاء ذلك مؤدى جماعي لا يمت بصلة لما شاهدناه من قبل..
صحيح أنه لا يجب أن تكون لنا مباراتي فلسطين والأردن مقياسا للحكم على الأداء المرجعي، لكنني مصر على أن الفريق الوطني واجه المنتخب الجزائري بلياقة نفسية مهزوزة ومختلة ولا تتطابق مع قوة المواجهة، لا أظن أن اللاعبين تلقوا من مدربهم الحسين عموتا شحنا بسيكولوجيا قادهم للتوتر الذي يفقد بل ويضعف التركيز، إلا أن ما شاهدناه على طول وعرض المباراة يقول أن من واجه منتخب الجزائر ظل الفريق الوطني وليس أصله..
من البداية ظهر الفريق الوطني وهو يوضع تحت ضغط جزائري رهيب، وكأنه لم يكن مهيئا لسيناريو كهذا، أن يكون مضغوطا في منطقته، واتضح مع صعوبة إخراج الكرة من المنطقة بطريقة سليمة ومع الإختناق الكبير الذي حدث في التحول من الحالة الدفاعية للحالة الهجومية، ومع إكثارنا من التمرير الخاطئ ومن عدم حسمنا للإلتحامات الثنائية ومع ضعف صياغتنا للجمل الهجومية، تأكد من هذا كله أن الفريق الوطني كان خارج النص، ولو حدث العكس لكان الأسود قد فازوا وتأهلوا وصدقوا كل الترشيحات التي كانت تقول أنهم هم من سيعبر للدور نصف النهائي لملاقاة قطر..
ربما كان الشيء الوحيد الذي استحسنته في الفريق الوطني هو أنه كان يعود سريعا في النتيجة، إلا أن ذلك لم يقترن في أي مرة بالقبض بزمام المباراة وتوجيهها بالشكل الذي نرغب فيه، وقد شاهدنا كيف أن الإختلال النفسي ساد جميع اللاعبين، بدليل أن كل البدلاء الذين حلوا في المباراة لم يغيروا من واقع الهشاشة شيئا.
وإذا كان المدرب الحسين عموتا قد وقف مجزوعا ومحتارا في تبرير الصورة المشوشة بل والقبيحة للفريق الوطني في مباراته أمام الجزائر، فأعاد ذلك للتشتت الذهني، فإننا نكرر سؤالنا حول جدوى أن لا نؤمن لغاية الآن بأهمية وجود مهيئ ذهني داخل منتخباتنا ونوادينا، مهيئ ذهني يستطيع أن يعالج مثل هذه التشوهات النفسية التي رأينا صنوفا منها في مباراتنا أم الجزائر، قبل وقوع الفأس في الرأس..