صورتان متناقضتان للفريق الوطني، يمكن أن نراهما اليوم في عيون الناس..
فإن توجس المغاربة، وقلقوا وترنحوا كثيرا في إعطاء منتخبهم ثقتهم، حتى وهو يبدأ كأس إفريقيا للأمم بفوزين منحاه على غرار منتخبي الكاميرون ونيجيريا العلامة الكاملة، والتأهل مبكرا للدور ثمن النهائي، قال الكثيرون من غير المغاربة، أن أسود الأطلس مع انقضاء الجولتين الأولى والثانية من دور المجموعات، هم مع الكاميرون ونيجيريا من أفضل ما شاهدت الأعين حتى الآن، ولا مجال لعدم وضعه في قائمة المرشحين للمنافسة على اللقب.
ولتناقض الصورتين، مبررات كثيرة، يحكمها اختلاف زاوية الرؤية أولا ويحكمها ثانيا طبيعة المشاهدة، فالمغاربة يرون منتخبهم الوطني بقلبهم، وبرجع صدى ما حدث في نسخ سابقة للكان، وغير المغاربة يرون منتخبنا الوطني بعقلهم ودونما حاجة للإستغراق في تقليب مواجع التاريخ والتباكي أمام الأطلال..
للمغاربة الحق في أن يتوجسوا وألا يطلقون العنان لتفاؤلهم ولخيالاتهم للعوم صوب أرخبيل الحلم، فما أكثر ما لدغوا من جحر هذه الكأس الإفريقية، منذ النهائي الحزين بملعب رادس بتونس العاصمة سنة 2004، أو بالأحرى منذ أن اعتلى الأسود لأول وآخر مرة منصة التتويج سنة 1976.
ما أكثر ما ذهب الفريق الوطني، مرشحا للمنافسة على اللقب، وتهاوى الصرح من الدور الأول وعاد يجر أذيال الخيبة ويسقط عن نفسه الهيبة ويدخلنا كجماهير الغياهب الصعبة، ومن لا يذكر إلى اليوم، والغصة في الحلق والجرح عميق في الوجدان لا يندمل، مباراتنا بمصر سنة 2019 أمام سناجب البنين والسقوط المريع من الدور ثمن النهائي.
والمغاربة يشعرون بالفعل بضيق في تنفس الحلم مع فريقهم الوطني، فهم وإن صدقوا، أنه عبر الفاصل الأول من تصفيات كأس العالم بالعلامة الكاملة، وإن قبلوا بتأهله المبكر من انتصارين للدور ثمن النهائي للنسخة الحالية لكأس إفريقيا للأمم، إلا أنهم لا يريدون فتح كل شبابيك الحلم، خوفا من أن تأتيهم بمزيد من الكوابيس، فهم مقتنعون أن الفريق يفوز ولا يقنع، وهذا ما يرفضه غيرنا من العرب والأفارقة الذين يرصدون مشهد الكان بالكامرون، يرفضونه لوجود لبس في الرؤية، لأن لا فريق يستطيع أن يفوز بكل هذه المباريات من دون إقناع ومن دون أداء جيد، ولأن براعة أي منتخب تكمن في أنه يعرف كيف يضع الخواتيم الجميلة، والمنتخب المغربي بارع في وضع هذه الخواتيم..
أحد الزملاء الذين أثق كثيرا برجاحة رؤيتهم، قال لي هنا في الدوحة، ما معناه:
«أتفهم أنكم لا تريدون المبالغة في تقدير هذا الذي يفعله المنتخب المغربي، لأنكم لدغتم من الجحر مرات عديدة، لكن عندما تطغى رؤية القلب على رؤية العقل، يكون الحكم كهذا الذي تصدرونه عن فريقكم..
أوافقكم على أن منتخب المغرب بفردياته الرائعة خذلكم وخذلنا غير ما مرة، لكنني أرى منتخبكم هذه المرة مختلفا، إنه قوي دفاعيا وهجوميا، بالقدر الكافي للقول بكل ثقة أنه منتخب أهل لثقتكم».
لنعتبر أن ما شاهدناه حتى الآن، هو بداية لإعادة بناء الثقة بيننا وبين فريقنا الوطني، ولو أن لا شيء على الإطلاق، يقول أو يقدم دليلا من أي نوع، على أننا برغم كل الإساءات والمواجع التي تسبب فيها فريقنا الوطني، كرهناه أو حقدنا عليه، أو أننا فكرنا مجرد التفكير بأن نتوقف عن حبه..