لا نية لي إطلاقا أن أرمي بجمرة الفتنة في نار الجدل المستعر، كما فعل غيري ممن ركبوا على موجة الإحتجاج الذي قابل به الأهلي المصري تعيين مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، ليكون مسرحا لنهائي عصبة الأبطال الذي تأهل له الوداد الرياضي والأهلي المصري بعلامة الإستحقاق الكاملة، فأنتجوا معلقات من كلام هو كزبد البحر الذي يذهب غثاء، كثيره تجريح وتشكيك وذم وصوت ينطلق متأوها في المدى، لربما أدرك كيف كانت أصواتنا الباكية تنتحر من قبل في السلخانات الإفريقية.
لا نية، بل لا رغبة لي في دخول هذا السوق الإعلامي، لا لأنني أشفق على من جدبتهم نعرة الإنتماء إلى مستنقعات، أو لأنني باق على ما بيننا وبين الزملاء الإعلاميين المصريين من وشائج محبة واحترام وتقدير أبدا لم تتأثر بما فعله السفهاء بيننا فحسب، ولكن أيضا لأنني أعامل هذا الذي اشتعل في مشهد النهائي من حرائق، بالمقولة الفقهية الرائجة «والبينة على من ادعى»، وحقيقة الأمر أن ما راج سفسطة وكلام فارغ وبكاء على اللبن المسكوب وندم وحسرة.
لا أجد في المسلك الذي سلكته الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم لتعيين ملعب نهائي عصبة الأبطال، سوى خلل واحد ووحيد، يكمن في تأخر الكاف في إعلان ملعب النهائي، وهو تأخر غير مبرر ولا لزوم له، ما دام أن التأخر إياه أحدث رجة وبث رعبا وأشاع تشويشا أفقد البعض المنطق ورجاحة العقل، والمنطق أن الكاف لم يكن أبدا يبحث عن ملعب محايد للنهائي، كما يدعي الأهلي ومن والاه، بدليل أنه فتح أبواب الترشيحات ودور المجموعات الذي يشارك فيه 16 فريقا لم ينته، كما أن الديموقراطية التي ينادى بها أساسا لتجويد حكامة التسيير داخل كرة القدم الإفريقية، هي التي فرضت أن يكون هناك تصويت على ملعب النهائي عندما تساوى مركب محمد الخامس بالدار البيضاء مع ملعب عبدو اللاي واد بدكار، والتصويت رجح بنسبة عالية كفة مركب «دونور»، كما أن ملعب دكار انسحب حتى لا يترك عليه حجة.
لا مانع عندي أن يدافع الأهلي عما يعتبره مصالح رياضية لا يجب التنازل عنها ولا التفريط فيها، ولكنني أمانع جهارا أن يتمسك الأهلي الكبير والمرجعي وسيد القارة، بالإحالة على ألقابه قاريا، بقشة مبللة وهو يعرف أنها ستطرحه على الفور أرضا لرخاوتها وهشاشتها، أو أن يبرر ما لا يبرر، نتفق على أن بالكونفدرالية الإفريقية جحور فساد وجب ردمها وإبادتها، لكن في هذه لا حق للأهلي المؤسسة والصرح الكروي الكبير في أن يموه ويكابر ويدفع النقاد والأنصار نحو الأبواب الموصدة، بدليل أن الأهلي في آخر بيان له انصاع لإرادة ولقرارات الكاف، وقال أنه سيأتي للمغرب ليلعب مباراته النهائية، وأنا موقن أنه ما انصاع للقرار إلا لأنه قلب الأمور من جميع أوجهها واستمع جيدا لفتاوى رجاله القانونيين.
وما أنا متأكد منه، أمران في غاية الأهمية.
أولهما أن الوداد الرياضي بكل مكوناته لم ولن يتجاوب إطلاقا مع هذه الرجة التي أحدثها تعيين معقله مع الرجاء لاحتضان النهائي الكبير، بمعنى أن كل هذا لن ينال من تركيزه ولا تصميمه على تحقيق اللقب الغالي للمرة الثالثة في تاريخه.
ثاني الأمرين، أن الأهلي المصري سيكون كعادة كل زياراته للمغرب مرحبا به، وسيجد في مركب محمد الخامس بالدار البيضاء ما يوصله لتحقيق اللقب القاري إذا ما استحق ذلك رياضيا، بل إن سعيد الناصيري رئيس الوداد الذي إلتزم الصمت حيال هذا الغبار الإعلامي المتناثر، أكد أن ما سيراه وفد الأهلي هذه المرة لم يره في أي من تنقلاته السابقة للمغرب، لعل هذه التطمينات تنهي كل جدل وتعلق كل تناقر وتنابز، بل وترد بشكل حضاري على ما أرغدوا وأزبدوا بلا وجه حق، وبينهم من أراد أن يتصدق على الوداد باللقب الإفريقي، وما حدث يوما أن خرج الوداد وأي من الأندية الإفريقية إلى قارعة الطريق يستجدي كأسا أو لقبا شفقة وإحسانا.
أتمنى أن نطوي جميعا هذه الصفحة الملوثة التي لا يمكن أن يكون لها مكان في مشتركنا الرياضي والإعلامي مع الأشقاء في مصر، وأن نساهم كإعلام في أن يكون نهائي 30 ماي احتفالا بالإبداع الكروي العربي تحت سماء إفريقية.