ونحن نقف محبطين وحزينين على قتامة حصيلة منتخبنا المحلي، الذي لم تنفعه صحوة الكبرياء المجروح أمام رواندا ليداوي ما كان من عطل مزمن في الأداء والنتيجة أمام منتخبي الغابون وكوت ديفوار، ليغادر مأسوفا عليه رابع نسخ «الشان» من دوره الأول، يكون لزاما أن نستدعي أنفسنا على عجل لجلسة تقييم ومصارحة مع الذات، جلسة يجب أن تحضر فيها كل الأسئلة، تلك التي تعود باستمرار مع كل حالة إخفاق أو فشل، وتلك التي ندفنها في التراب مخافة أن تعري عن كثير من حقائقنا الكروية المؤلمة.
إن نحن سمينا هذا الذي حدث للمنتخب المحلي من خروج كارثي من الدور الأول للشان، فشلا فمن يتحمل مسؤولية هذا الفشل؟
وإذا ما جزمنا أن الفشل، هو فشل إختيارات تكتيكية وبشرية، وفشل مقاربات تقنية عند تدبير المباريات الثلاث أمام الغابون وأمام كوت ديفوار وأخيرا أمام رواندا، ألا يمكن القول أنه فشل مقاربة إستراتيجية بالأساس؟ ألا يمكن القول أن هذا الذي حدث هو في النهاية سقوط لسياسة ولتوجهات تقنية ورياضية في المقام الأول؟
هل كنا على حق عندما عاملنا المنتخب المحلي على أنه منتخب مستقل بذاته، بينما الآخرون يعتبرونه منتخبا موضوعا بالكامل في خدمة المنتخب الأول؟
لماذا يصر غيرنا على أن يدير المنتخب المحلي الطاقم التقني المشرف على المنتخب الأول، بينما نختار نحن لهذا المنتخب المحلي ناخبين ليسوا على أي قرابة لا فكرية ولا تقنية من مدرب المنتخب الأول، وليس بينهم أي جسر تحت ضمانة الجامعة؟
هل يمكن القول بأن التركيبة البشرية لهذا المنتخب المحلي الذي أنهى للتو بطولة إفريقيا للاعبين المحليين ملفوظا من الدور الأول، يمكن أن تكون نواة أو حتى قاعدة لأي إختيارات بشرية قد يلجأ إليها الناخب الوطني الزاكي بادو؟
بمعنى هل تحققت الفائدة الرياضية والتقنية التي منها إنبثقت فكرة إطلاق «الشان»، بجعل هذا المنتخب المحلي قاعة إنتظار بالنسبة للاعبين الممارسين بالبطولة الإحترافية والذين تقل حظوظهم أو تنعدم بحضور لاعبين ممارسين ببطولات أوروبية لا يحيد عنهم أي ناخب وطني، مهما إختلفت جنسيته وحتى السياقات الزمنية التي يأتي فيها؟
ولو نحن فوضنا للناخب الوطني الزاكي بادو قيادة هذا المنتخب المحلي، أو حتى إبداء الرأي في ما كان من إختيارات، هل كانت التركيبة البشرية لهذا المنتخب، ستكون هي التي شاهدناها في رواندا؟
من أقنع نفسه وأقنع المغاربة بأن هذا المنتخب المحلي يملك القدرة على المنافسة على لقب بطولة «الشان»؟
ما هي المؤشرات وما هي المعايير التقنية التي جرى الإعتماد عليها، للجزم بأن هذا المنتخب المحلي ذاهب إلى رواندا ليكون متوجا أو في أسوإ الأحوال طرفا للمباراة النهائية؟
هل كان من المنطقي جدا أن نركن إلى الأداء الجيد الذي قدمه هذا المنتخب في البطولة المصغرة التي جمعته بالمنتخبين التونسي والليبي، لنسوق الوهم بأننا إن ذهبنا لرواندا فمن أجل العودة بالكأس الإفريقية ولا شيء غيره؟
وإذا جاز القول بأن المنتخب المحلي كان مطابقا لنفسه ومعبرا عن مقدراته في مباراة رواندا، فكيف نفسر حالة الضياع والإغتراب التقني والتكتيكي التي كان عليها في مباراتي الغابون وكوت ديفوار؟
لماذا كان لاعبونا في حالة من العجز الكبير لحل الكثير من الإشكاليات التكتيكية البسيطة في نزالي الغابون وكوت ديفوار، إلى الدرجة التي لم يكونوا معها قادرين على صياغة جمل تكتيكية واضحة وعلى الخصوص ربح النزالات الهوائية والأرضية؟
ألم تدلنا مباراتا الغابون وكوت ديفوار، بالنظر إلى أن المباراة الثالثة لم تكن تعني الشيء الكثير للروانديين وقد أمنوا بنهاية الجولة الثانية التأهل وصدارة المجموعة، على أننا نشكو من نواقص على المستويات التقنية والتكتيكية، ونعجز بدنيا عن بلورة ما نملكه من تفوق على المستوي التقني؟
ألا يمكن أن يشكل الخروج من الدور الأول لنسخة 2016 بالطريقة التي شاهدنا والخروج من الدور ربع النهائي من نسخة 2014، وحدة لقياس ما نسجله قاريا من تأخر على كثير من المستويات البدنية والتكتيكية، والذي يتجسد أيضا في الحضور المحتشم لأنديتنا في المنافسات القارية؟
إن نحن سلمنا بتحمل المدرب امحمد فاخر المسؤولية المباشرة في المحصلة الضعيفة والمستفزة لمنتخبنا المحلي في رواندا، برغم ما رصدناه من إمكانيات مادية ولوجيستيكية، فأين تتحدد مسؤولية الجامعة وبالذات إدارتها التقنية؟ وأين تكمن مسؤولية الأندية أيضا؟
إن كانت هناك حاجة لكي تختلف قراءة فشل المحليين في «الشان»، عما عداها من قراءات لمسلسل طويل من الفشل، فما الذي يضمن أن تكون قراءتنا هذه المرة، قراءة مسؤولة وجازمة تسمي بجرأة وبشجاعة كل المسببات المباشرة وغير المباشرة للفشل؟
هذه الأسئلة التي أخضعتها لنوع من التراتبية لتمر من الإستراتيجي إلى التقني والتكتيكي، لو حضرت عند أي مكاشفة نقدية صريحة يتولاها التقنيون والقائمون على الشأن الكروي، ولو نجحنا في الإجابة عليها بنكران ذات بلا أدنى مزايدة، فسنكون بلا شك أمام أول مساءلة موضوعية لكل هذه الإخفاقات التي تلازم كرة القدم الوطنية، وطبعا متى حضرت الأجوبة الشافية، متى كان ممكنا أن نهتدي إلى إستراتيجية متوسطة وبعيدة المدى يكون هدفها الأساسي في حال ما إذا جرى تعميمها على الأندية قبل المنتخبات الوطنية، هو جعل كرة القدم في قلب المنظومة الكروية الإفريقية لا خارجها.
فهل نعقلها ونتوكل على الله؟