تفضح هوايتنا ومعاناتنا التي لا حدود لها لدخول عالم الإحتراف بما يفرضه من إلتزامات فكرية وتقيد صارم باللوائح التي لا تتغير بجرة قلم، ما يروج هذه الأيام من أخبار يتداولها الناس إما بصيغ الإستنكار أو بصيغ القبول تحت الإكراه وتضطر الجامعة للرد عليها بالنفي المصحوب بالشجب.
كالنار في الهشيم، جرى تداول خبر يقول بأن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم قررت في حمأة إشتغالها على هيكلة كرة القدم الوطنية، إعادة جغرافية المنافسة بالزيادة في عدد أندية البطولة الإحترافية، وبرغم أن العصبة الإحترافية المفوض لها من قبل الجامعة تدبير بطولة القسمين الإحترافيين الأول والثاني، طلعت علينا ببلاغ النفي وأكدت أن لا تغيير طرأ أو سيطرأ على نظام البطولة، إلا أن من يقفون خلف الكواليس ويصوغون بلاغات التشويش أذاعوا خبرا آخر يقول بأن تسعة أندية من أندية البطولة الإحترافية رفعت ملتمسا لرئيس الجامعة فوزي لقجع يدعو إلى إقرار زيادة في عدد أندية البطولة الإحترافية الأولى يتم عرضه على الجمع العام الإستثنائي القادم للجامعة للمصادقة عليه، ويتذرع أصحاب الملتمس الذين لا نعرف لهم أسماء ولا هويات، بكون البطولة الإحترافية لهذا الموسم لم تكافئ بين الأندية، إذ أن بعضها أضطر للعب خارج قواعده لمدة زمنية طويلة أساءت الجامعة تقديرها عندما فرضت إغلاق بعض الملاعب لإعادة العشب الطبيعي لأرضيتها وحددت لذلك سقفا زمنيا لم يحترم.
ولأن العصبة التي لا تعامل من قبل الأندية حتى الآن بصيغة المؤسسة الوصية، لم تكن شافية ولا كافية في ردها على الإشاعات بالنفي والدحض، فإن الجامعة ستدخل على الخط ببلاغ قال أن نظام البطولة الذي يحدد الصعود والنزول بين الأقسام الإحترافية والهاوية لم يتغير وليس في نية الجامعة تغييره بالأسلوب الذي يتم الترويج إليه ما دام أن أمرا بهذه الأهمية يحتاج إلى توصيات مرفوعة من قبل لجنة مختصة مرفوقة بما يبرر الحاجة لإلحاق أي تغيير على نظام البطولة.
بالتأكيد ما سارعت العصبة الإحترافية والجامعة بعدها لإذاعة خبر النفي مبررا بأسلوب قانوني، إلا لأنها توصلت إلى ما يفيد بوجود أندية ضالعة في إشاعة هذه الأخبار في هذا التوقيت بالذات والبطولة الوطنية الإحترافية تدخل مرحلة حاسمة لتحديد النادي الذي سيتوج باللقب والناديين اللذين سينحدران إلى البطولة الإحترافية الثانية، ولا أستصيغ مثلا أن يروج مسؤولون عن أندية لمثل هذه الأخبار وهم أعلم الناس بالمسطرة الواجب إتباعها لتعديل نظام البطولة، والتي لا علاقة لها بما كان يعمل في سنوات العشوائية والمزاجية، عندما كان يزاد في عدد أندية القسم الوطني الأول للحيلولة دون سقوط أندية بعينها للقسم الثاني، مع ما كان يحدثه ذلك من ارتباك وخلخلة وما يصدره ذلك عن الكرة المغربية للخارج من رعونة وسماجة.
لئن تحدث الداعون لتغيير نظام البطولة الإحترافية بزيادة عدد أنديتها إلى 18 فريقا، عن انعدام تكافؤ الفرص في البطولة الإحترافية للموسم الكروي الحالي، فإن القبول بعدم نزول أي فريق من القسم الأول للقسم الثاني لا عدالة ولا ديموقراطية ولا حسا إحترافيا فيه، والحاجة إلى تنزيل فكر الإحتراف بكل مقتضياته تلزم الجامعة بأن تضع خطوطا حمراء لا يمكن لأي كان النزول عليها، ومن هذه الخطوط الحمراء سيادة القانون والإمثتال للوائح دونما إعتراض، وفيما لو كانت هناك حاجة لتعديل نظام البطولة، فإن ذلك لا بد وأن يكون باحترام مطلق للنصوص القانونية والأخلاقية، كأن تدعى اللجنة المؤهلة لإنجاز مقاربة موضوعية للنظام الحالي وإبداء ما يلزم من ملاحظات، وإن كان هناك ما يستدعى تغيير نظام النزول والهبوط لوضع جغرافية جديدة للمنافسة، فلا بد أن يكون ذلك مبررا بشكل علمي ومنطقي ولا بد أن يخضع لتصويت القاعدة خلال جمع عام إستثنائي لتجقيق الإجماع، وأي إجراء إستثنائي لا بد وأن تأخذ كل الأندية الوطنية، علما به من قبل أن يبدأ الموسم الكروي الذي سيشهد هذا المتغير التنافسي.
وحتى إذا جاز الحديث عن قوة قاهرة هي ما يستدعي العمل بهذا المتغير، فإن الحس الإحترافي والميثاق التعاملي والمؤسساتي يفرض أن تتحدد بشكل واضح هذه القوة القاهرة.
ومن شأن اليومين الدراسيين اللذين ستدعو الجامعة إليهما كل الفاعلين في المشهد الكروي الوطني نهاية الشهر الحالي بهدف النقاش والعلم بجديد نظام الإحتراف، من شأن اليومين أن يؤسسا للعقلية الجديدة التي يجب أن تشيع بين من يمتهن إدارة أندية كرة القدم، العقلية التي لا تقبل بالإنزال ولا بضرب الديموقراطية ولا بالقرارات المؤسسة على المزاجية من دون خضوع كامل للأحكام والقوانين والنصوص، وهي في ذلك لا تقبل أبدا إستهلاك مثل هذه الإشاعات الزائفة والهاوية التي أشيعت بين الناس، وما وجدت الجامعة والعصبة الإحترافية بدا من نفيها وقطع دابرها بإعمال سلطة القانون لعدم كفاية الأدلة.